روى الممثل المسرحي زياد عيتاني، لـ”هيومن رايتس ووتش”، تفاصيل اختفائه القسري وتعذيبه خلال اعتقاله.
وأعلن عيتاني أنه في 23 تشرين الثاني، نحو الساعة 12:30 ظهرًا، أجبره رجل بلباس مدني، قدّم نفسه فقط على أنه “الدولة”، على ركوب سيارة رباعية الدفع بعد انتهائه من تمرين مسرحي في عين الرمانة، مضيفًا أن الرجل ضربه على وجهه وصدره وعصب عينيه. واقتيد إلى، ما وصفه، بـ”غرفة مجهزة للتعذيب”، مدهونة بكاملها بالأسود وتتدلى من جدرانها خطّافات معدنية. وأشار إلى أن 6 رجال بملابس مدنية كانوا موجودين، اتهمه أحدهم “بالتخابر مع إسرائيل” ولكمه على وجهه، كما أنه هدد بأذية ابنته جسديا وإضافة زوجته وشقيقته إلى ملف التحقيق، وقال: “عليك أن تتكلم لأنه يجب أن تفهم أن التعذيب موجود في جميع البلدان”.
وتابع عيتاني أن الرجال، الذين كان معهم ملف مكتوب عليه “أمن الدولة”، حققوا معه نحو ساعتين أو ثلاث حول علاقاته مع إسرائيل. ثم قال له أحدهم أن يتصل بزوجته ليخبرها بأنه سيغيب لمدة 10 أيام، لكنه لم يجد أي دلالة على أن المكان هو مركز احتجاز رسمي، حيث لم يرَ أي شخص يرتدي زيًا رسميًا أو محتجزين آخرين ولم يكن هناك أعلام أو شعارات رسمية، حيث كان محتجزًا، بحسب قوله، في زنزانة داخل غرفة.
وكانت سرّبت تفاصيل التحقيق مع عيتاني والتهم الموجهة إليه في وسائل الإعلام في غضون يوم من توقيفه، ما وصفه عيتاني بـ”أكبر أشكال التعذيب التي رأيتها في حياتي. أخذوا هاتفي بينما كنت قابعًا في زنزانتي وقرأوا الأخبار ومنشورات أصدقائي على “فيسبوك”. فقدت الأمل… التعذيب النفسي والكلمات التي استخدموها كانت أفظع من التعذيب الجسدي”. وأضاف أن المحققين أخبروه بأنهم يمنعون الناس من إحراق بيت والديه، وأن عليه التعاون.
وقال عيتاني إن التعذيب الجسدي بدأ بعد رفضه توقيع الاعتراف نحو الساعة 6 مساء في 26 تشرين الثاني، حيث قيده أربعة رجال في وضعية مؤلمة على الأرض وضربه أحدهم بسلك بينما كان يصرخ، ولكموه على وجهه وصدره وبين رجليه، وركلوه، ونزع أحد الرجال عنه بنطاله وضربه على أعضائه التناسلية. ثم علق الرجال معصميه على قضيب بين جانبي الباب بحيث بالكاد تلمس قدماه الأرض، وتركوه هكذا لساعات.
وتابع عيتاني أن الرجال أنزلوه لاحقًا وقيدوه بالأغلال فوقع على الأرض. ثم لكموه وركلوه على وجهه وداسوا عليه، ما سبب نزيفًا في فمه وخسارته إحدى أسنانه.
وأرسل عيتاني لـ”هيومن رايتس ووتش” تقريرًا طبيًا فيه توثيق لإصابات في الفم في 7 أسنان.
وتذكر أن أحد الرجال قال: “لا يهمني، سيفرح بنا الناس لاحقًا لأنك خائن”. ثم قيدوا معصميه مجددًا إلى القضيب. ويتذكر أيضًا أنه سمع أحدهم يتكلم على الهاتف، قائلًا: “لا يمكننا تسليمه الآن فالآثار لا تزال على جسده”.
وأردف عيتاني أن أحد الرجال، الذي يبدو أنه المسؤول، قال له إنهم سيدخلون قضيًبا في مؤخرته إن لم يوقّع، وأشار إلى رجل آخر وهو يقول: “هذا سيركبك، ولا يهمنا لأنك خائن”. فوافق عيتاني على التوقيع.
وقال إن الرجال أخذوه في 28 تشرين الثاني إلى المحكمة العسكرية في بيروت وسلموه إلى الشرطة العسكرية، حيث أمضى 54 يومًا في الحجز الانفرادي. وأضاف: “لم يكشف عليّ أي طبيب، كان جسدي أزرق وكنت أبصق دمًا. لم أكن أستطيع التكلم بوضوح”.
وكان عيتاني ذكر في وقت سابق أنه، في أول فرصة سنحت له، أخبر قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا أنه تعرض للتعذيب، وأظهر له آثاره ومنها العلامات على معصميه بسبب التعليق. وأضاف أن القاضي سجّل الادعاءات وطلب فحصًا طبيًا يقوم به طبيب عسكري، لكن الطبيب لم يحقق في ادعاء التعذيب.
وقال عيتاني إنه لم يتمكن من مقابلة محام أو أفراد أسرته قبل جلسة المحكمة الأولى، وبعدها تم ذلك فقط عبر فتحة في الباب وبحضور عسكريين. ولم يتمكن ولا مرة من مقابلة محاميه أو أسرته على انفراد، كما لم يُسمح له بمقابلة أسرته قبل 25 كانون الأول، أي بعد أكثر من شهر من توقيفه.