لبست زيّ رجل لتدخل الى الدير، ولم يقف الرهبان على سرّها الّا بعد مماتها.
هي القديسة مارينا التي ترهّبت في دير قنّوبين مع والدها بعد وفاة أمّها حيث أطلق عليها اسم الأخ مارينوس أو مورين.
اتهم مارينوس باغتصاب صبيّة، فحكم عليه بالطرد خارج الدير. ورغم كلّ ذلك لم يدافع عن نفسه بل استسلم لمشيئة الله واكتفى بالصلاة والبكاء منتظراً ولادة الطفل الذي حملت به لتربيته بعد أن فرضه والد الصبية عليه.
عاش مارينوس يقتات من فضلات مائدة الرهبان، ولم يستطع المشاركة في مراسم دفن والده. وبعد ولادة الصبيّ، أخذه مارينوس وتوسّل الرهبان من خارج الدير تقديم الحليب ليطعمه، ولكن من دون فائدة. وعندما كاد الطفل أن يموت جوعاً، وبعد صلاة مارينا، خرج الحليب من ثديها، وأرضعت الصبي شاكرة الله على هذه النعمة.
عندما توفي مارينوس كانت دهشة الرهبان عظيمة لمّا اكتشفوا انّه امرأة لا رجل، فجثوا أمام جثمانها الطاهر مستغفرين الله.
كنيسة في مهرين-جبيل
تقع مهرين في قضاء جبيل وهي بلدة صغيرة تابعة للرهبانية اللبنانية المارونية، وفيها كنيسة للقديسة مارينا، يحتفل فيها أهالي المدينة في كلّ سنة بليلة عيدها، في 16 تمّوز، وتوزّع الحلويات وتضاء الشموع.
القديسة في لبنان
أهلاً وسهلاً بمارينا، اليوم عاد جثمانها الى وطنها الأمّ لبنان بعد غياب 800 عام، هو الذي هرّب على متن باخرة صليبية إلى القسطنطينية، المدينة الحاضنة للقديسين ولم يعرف حتى اليوم من أخذها، ومنها في القرن الثالث عشر، إلى البندقية في إيطاليا، وكانت جاثية في كاتدرائية ” Santa Maria Formosa”.
هي الراهب القديسة التي مارست الحياة النسكية القاسية بفرح وحملت تهمة الاغتصاب باقتناع، وربّت طفلاً وكأنها أمه. تعذّبت في اخفاء أنوثتها، فتحمّلت آلامها الشهرية بصمت. عانت من ظُلمٍ عَلّمنا انّ القوة هي في الصبر والتحمّل والمسامحة والمحبة. فسهل جدّاً هو الانتقام والغضب واهانة الغير ومقابلة الشرّ بالشرّ.
على أمل أن تَحمِل القدّيسة “المُغتربة” مارينا كلّ النّعم والبَركات الى مَوطنها الأمّ اليوم في عيدها المبارك.
وفي كلّ مرّة، نسمع بقصّة قديس ندرك كم هو صعب درب القداسة وكم أصبح أصعب اليوم في ظلّ هذا الكمّ من الضغوطات والصعوبات التي يعيشها الانسان، وحبّ المال والسلطة ولكنّ، درب السماء مفتوحة أمام الجميع. “ما حدا كان متل التاني، وبالنهاية كلن وصلوا، ما حدا مشي نفس طريق التاني، وبالنهاية كلن التقوا عآخر مفرق، ما حدا عاش متل التاني، وبالنهاية كلن تقدّسوا…صار دورنا نبلش من جديد، بلا ما ننسى أنو “نحنا كمان فينا نكون قديسين”.