حذّر وزير الخارجية والمغتربين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من انّ مهلة تأليف الحكومة “بدأت تنتهي بالنسبة الى جميع الناس الذين بدأ صبرهم ينفد وأنا منهم”، لافتاً الى “اننا سكتنا شهرين وتحمّلنا اتهامات زور”. وسأل في حديث لـ”الجمهورية”: “لماذا يجوز ان يكون للرئيس السابق ميشال سليمان وزير الداخلية ووزير الدفاع، ولا يجوز للرئيس ميشال عون واكبر تكتل نيابي الحصول على وزارة الداخلية او المالية؟”. وجزم بأنه لا يمكن “حلّ عُقَد التأليف على حسابنا، فليحلها الذي تسبب بها، وقد نختار ان لا ندخل الحكومة”، واصفاً العلاقة مع الرئيس سعد الحريري بأنها “جيدة جداً على المستوى الشخصي، وجميع الذين يدقّون على الطبل سيدقّون على التنكة في النهاية”.
وكشف انه أبلغ الى “القوات اللبنانية” رسمياً ومباشرة مرات عدة تعليق اتفاق معراب، “منذ بدأوا هجومهم السياسي علينا داخل الحكومة وفي الاعلام، وعندما أخلّوا هم به سياسياً”، معتبراً انّ “من حق القوات القول أننا رأينا ظرفاً خارجياً اليوم يسمح لنا بالانقلاب على الاتفاق مثل ظرف الحريري في 4 تشرين حين انقلبوا، ولم ينجحوا”.
واعتبر انه “من الطبيعي ان تكون إدارة عملية التأليف لرئيس الحكومة، ولديه شريك هو رئيس الجمهورية وجميع الاطراف المشاركة. طبعاً لا تستطيع كل تلك الاطراف وضع شروط تعجيزية على رئيس الحكومة وبعدها تطالبه بالتشكيل. كذلك على الرئيس المكلّف، ولكي لا يسمح لأحد بأن يضع عليه شروطاً تعجيزية، أن يحدّد معياراً واحداً للتشكيل وعلى الجميع الرضوخ”.
وقال باسيل انه “ما دمنا اتفقنا على حكومة وحدة وطنية فيجب ان تشمل أكبر مقدار من التمثيل وترتكز على شكل المجلس وتؤلف على صورته. اما اذا اختار ايّ فريق عدم المشاركة او إعطاء مقاعده أو وهبها كما فعل التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية في الحكومة الماضية، وحزب الله مع الحزب القومي والرئيس بري مع فيصل كرامي او مع المردة فهذا حق لمَن يشاء”.
وعن عقد التشكيل، ذكر باسيل: “انا ليس لدي أي عقدة، ولا مرة كنّا نحن العقدة، وأصلاً لم نحصل على حقوقنا إلاّ عندما مانعنا وقاومنا سياسياً، وهذا ما فعلناه مراراً، وقبل انتخاب الرئيس قاومنا سنتين ونصف سنة من الفراغ، فماذا حصّلنا في المقابل؟ حصّلنا الميثاقية للبنان التي هي علة وجوده، والممانعة التي مارسناها أعادت وجود لبنان بصيغته وميثاقيته الى هذه الدرجة «عقدتنا بيطلع منها نتيجة».
وأضاف: “عملياً وعددياً هناك 3 عقد، ولسنا منهم. نحن لا نطلب الّا تمثّلنا بحجم كتلتنا النيابية، والذين يطالبون بما هو ليس من حقهم هم العقدة. مثلاً «القوات» تطلب اكثر من حجمها في الحكومة المقبلة. نحن اعطيناهم بإرادتنا 3 حقائب، اليوم هناك اتفاق سياسي أخلّوا به.
واعتبر ان الاشتراكي لديه 9 نواب ويطالب بـ 3 وزراء، يعني نحن لدينا 29 نائبا ويحق لنا بـ 10 وزراء كتكتل وحدنا، والثنائي الشيعي يحق له 10 وزراء. وليد جنبلاط أتى بنواب مسيحيين في الانتخابات ولم نقل له انت تتدخل بالنواب المسيحيين، ونحن ايضاً لدينا أنصارنا من الدروز ومؤيدونا في الجبل وأعلنّا مسبقاً انّ المير طلال ارسلان والحزب الديموقراطي سيكونان معنا في التكتل وسيشكلان كتلة نواب «ضمانة الجبل» وخضنا الانتخابات وحصلنا على ثلث الاصوات في الجبل، أي 4، واللائحة الثانية التي ربحت حصلت على 9. ومن الطبيعي ان يتمثّل هؤلاء، ومن الطبيعي ان يمثّل الجبل الدرزي السني والمسيحي.
واضاف انه “لدى الحزب الاشتراكي 59% من اصوات الدروز في الانتخابات الاخيرة وليس 95% في المئة او مئة في المئة. وهناك كتلة نيابية في مقابله من اربعة اعضاء، وبالتالي لا يمكنه الاستئثار بكل الحقائب”.
وعن سبب اختيار ارسلان وليس وئام وهاب مثلا او غيره، ذكر: “هؤلاء ليسوا نواباً ولم ينجحوا، انما صحيح انّ طلال ارسلان ووئام وهاب وداود الصايغ وجميع الدروز الآخرين في مرجعيون حاصبيا أخذوا 40%”. وواصل: “نحن اليوم نشكل التيار القوي ونأخذ 6 من 15 ولم نأخذ 15 من 15”.
وأضاف: “الحريري لديه 17 من 27 . هناك 10 نواب يطالبون بتمثيلهم”، متابعاً: “هذه هي العقد الاساسية، ولا يمكن حلها على حسابنا، فليحلها الذي تسبّبب بها، وقد نختار ان لا ندخل الحكومة اذا كنّا سندفع نحن أثمان غير مسؤولين عنها”.
وذكر باسيل: “تساهلنا في عقدة الحقائب. اقل شيء اليوم ان يطالب رئيس جمهورية مثل ميشال عون والتكتل الاكبر في مجلس النواب بوزارة المال او الداخلية. لا نرضى ان يتكرّس عرف بأن تكون هاتان الوزارتان دائماً لغيرنا. وبمجرد ان نقبل الحوار بحلول حول هذه الوزارات فهذا يدل الى اننا حلّالو العقد ونتساهَل، والّا هل من الممكن ان يفسّر لنا احد لماذا ممنوع علينا المطالبة بوزارة المال او الداخلية؟ لماذا يجوز ان يكون للرئيس سليمان وزير الداخلية ووزير الدفاع ولا يجوز لميشال عون؟ فالحريري متمسّك بوزارة الداخلية وبري بوزارة المال”.
وعن تمسكه بوزارة الخارجية، ذكر “لست متمسكاً بأيّ وزارة سيادية. امّا رئيس الجمهورية فله الحق بالمطالبة بما يريد، وهذا امر يعود له، اما نحن فلم نطالب ولم نتمسك بأي حقيبة. لنأخذ وزارة الاشغال مثلاً، هل يجوز ان يبقى البلد هكذا؟ أين خطط النقل في بلد مثل لبنان منذ 2005 حتى اليوم؟ وزارة لا تجيد وضع خطة نقل بري؟ وخريطة طرق واوتوسترادات وليس تزفيت زواريب”.
وسأل: “لماذا ممنوع علينا ان نطالب اليوم بخطة نقل مشترك؟ فهل المهم تقديم وعود للناس بتأليف حكومة؟ ام ان الناس تنتظر اشياء اخرى ايضا او ان نشكل حكومة في حقائبها وزراء يعطون ثقة للناس بأنها ستنجز إصلاحات مختلفة وحقيقية وستطوّر الاقتصاد. مؤتمر «سيدر» وتقرير شركة «ماكنزي» يتطلبان حكومة ثقيلة وازنة قادرة على حملهما. القوى السياسية مطالبة بأن تنتقي وزراء جيدين وكفوئين، ولا نريد البقاء في سياسة عرقلة المشاريع”.
وعن فرص التشكيل، قال باسيل :”هناك حكومة نعم، والّا تصحّ المقولة التي لا اقبل بها، بأنّ هناك إرادة خارجية لمنع تأليف الحكومة او لكسر الارادة الشعبية في لبنان أو لكسر الانتخابات. ما زلنا ضمن المهلة التي بدأت تنتهي بالنسبة الى جميع الناس الذين بدأ ينفذ صبرهم وأنا منهم. نحن اكتفينا، لقد سكتنا شهرين وتحمّلنا اتهامات زور. ساعة يقولون انّ باسيل هو من يؤلف الحكومة وانا لم أجرِ شخصياً اتصالاً واحداً بأيّ طرف بمَن فيهم رئيس الحكومة. هو قال لي أمس «عاوزَك» فكلمته، وكان اللقاء على المستوى الشخصي جيداً جداً، وكل الذين يدقّون على الطبل سيدقّون على التنكة في النهاية، لأنّ العلاقة بيني وبين الحريري جيدة ولن يستطيع احد الدخول بيننا. امّا بالنسبة الى السياسة فعلى رئيس الحكومة ان يحدد معايير واحدة عادلة لتأليف الحكومة وفرضها على الجميع، وهذا ما طالبتُ به في السر والعلن. فليناقشوني في هذه المعايير وليس «بالهلوسة» ولا بعلم الغيب، بل بالسياسة”.
وعن العلاقة مع “القوات” واتفاق معراب، قال باسيل: “نحن و«القوات» لم نحصل على نسبة التصويت نفسها في الانتخابات. نحن حصلنا على 29 نائباً وهم على 15. وفي القانون النسبي هذا الرقم يعكس التمثيل الشعبي، ونحن أخذنا اقل من الـ Double بقليل عليهم شعبياً والارقام موجودة. ثانيا، عندما اتفقنا على تأييد الرئيس عون اشترطت «القوات» في المقابل الحصول على حصة سياسية في الحكم، انما نحن لم نقبل بأن يكون هذا الامر في إطار إلغاء الآخرين. لذلك، لاحظ انه في موضوع الحكومة هناك حصة رئيس الجمهورية، ولا نريد إلغاءها، كذلك نريد حقوق حلفائنا. امّا في التعيينات فقلنا اننا نتفق، ولم نقل مناصفة ولم نقل اننا نلغي احداً”.
وأضاف باسيل: “لم اقل اني «أحل نفسي من هذا الاتفاق». انا اكثر من تحمّل في العالم كلاماً واتهامات للحفاظ على هذا التفاهم. وعلى مدى سنة استمرت اتهاماتهم في الحكومة وفي موضوع التعيينات وهذا ظلم، وكذلك في موضوع الكهرباء والفساد، الامر الذي لا نتحمّله من اي فريق آخر، لكن لأنه من القوات تحمّلناه لنحافظ على الاتفاق، لكن عندما أخلّوا هم به سياسياً، ونحن لا يمكننا التعاطي بالجزئيات بل التعاطي يجب ان يكون في أساس هذا الاتفاق السياسي ونبني عليه، علماً أنّي أبلغتُ القوات اللبنانية رسمياً ومباشرة مرات عدة منذ بدأوا هجومهم السياسي داخل الحكومة وفي الاعلام علينا، انّ هذا الاتفاق معلّق، ولم أبلغهم هذا الامر اليوم انما منذ وقت طويل، ورسمياً وتحديداً عند التعيينات. وعندما بدأت الانتخابات النيابية على اساس الاتفاق معاً وهم لم يريدوا التحالف معنا وأخلّوا في الاتفاق، حتى في بعض الاقضية اتفقنا على التحالف معاً لكن «القوات» اختارت عدم التحالف. عملياً هذا الاتفاق «عُلّق تنفيذه»، فلا يمكن في مرحلة معينة القول «الآن نريد تطبيق هذه الفقرة من الاتفاق والتخلّي عن بقية الفقرات فالقصة ليست انتقائية”.
وشدد على ان “المصالحة مقدّسة ولا مَس بها ولا عودة الى الوراء وهي شعبية. اما الخلاف السياسي فربما من حقهم القول أننا رأينا ظرفاً خارجياً اليوم يسمح لنا بالانقلاب على الاتفاق مثل ظرف الحريري في 4 تشرين حين انقلبوا، وعندما لم ينجحوا لم نقل لهم نحن “كفى”، عندها قلنا لهم هناك بيان نريد إخراجه فإذا وافقتم عليه فأهلاً بكم واذا لم توافقوا لا يمكننا الاستمرار. فنحن نريد تقوية بعضنا وليس إضعاف بعضنا، وهذا هو اساس الاتفاق. وليس على حساب احد ولا على حساب الآخرين، وأنا أصرّيتُ في الحكومة الماضية على بقاء حزب الكتائب، لكنّ سامي الجميّل هو الذي رفض. ولمعلومات الجميع في 4 تشرين لم يكن سعد الحريري والحكومة “طايرين” فقط، بل البلد بكامله والعهد. وانتخابياً انقلبوا على الاتفاق واختاروا عدم التحالف مع التيار في اي منطقة. قد افهم بعض الامور، انما لا افهم كيف لم يقبلوا التحالف معنا حتى في منطقة واحدة؟ هل هم خصومنا؟ ألا يسمّى هذا انقلاباً على ورقة التفاهم؟ تَقصّدوا قول العكس، انما الحقيقة انهم هم من انقلب على الاتفاق”.
واوضح انه “على رغم من كل هذا نحن مصرّون على المصالحة ومستعدون لاتفاق سياسي مثله، او اكثر، وليس لدينا اي عقدة في اتفاق يحترم الميثاق والدستور والقوانين والتنوع المسيحي والوطني، إذ لا يمكننا إلغاء “الكتائب” ولا “المردة” ولا أي فريق آخر. الانتخابات اعطت المردة 7%، الكتائب 7% القوات 31%، التيار 55%. وهذه الاحجام يجب احترامها. ولا يمكننا القول انّ الكتائب صفر لأنهم 7%، كما اننا لا يمكننا القول انهم 70%. والقوات 31% لا يمكن جعلها 51% كما لا يمكن القول انها 21%. لذلك، لهم حق سياسي في حضورهم وممثليهم في الحكومة، وسنحترمه، ولم نمانع بأي وزارة تخصص لهم”.
وعن ذهاب العهد الى مواجهة سياسية مع الرئيس نبيه بري تارة ووليد جنبلاط طوراً، وسمير جعجع احياناً؟ ومع سليمان فرنجية قطيعة ومع سعد الحريري ربما ايضاً، قال باسيل: “هذا السؤال يُسأل للعهد”. ولفت ردا على سؤال عنه انه play maker الجمهورية الى “انني لا يمكنني ان اكون PLAY MAKER على حقنا في التكتل، ولست قادراً على تحصيل حقوقنا، فكيف أتمكن من تحصيل حقوق غيري؟ 6 من 30 لست قادراً على تحصيلهم وأنتم تتحدثون عن 30 وزيراً؟
وختم باسيل: “نحن صامتون ونتحمّل. وقدمنا كل التنازلات التي يجب ان تقدّم، ولن نقدم تنازلات بعد الآن وننتظرهم. وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وضع القاعدة والمعيار الواحد وعرضه على جميع القوى فتخرج الحكومة التي تعكس التمثيل الشعبي، اي أمر واقع شعبي”.