كتب حسين قطيش في جريدة “اللواء”:
يبدو ان الاسباب الاساسية التي تقف وراء تأجيل او تجميد عملية تأليف الحكومة الجديدة هي الميثاقية والثلث المعطل او الثلث الضامن.
والثلث المعطل او الضامن يطالب رئيس الجمهورية العماد عون بان يكون معه عبر وزرائه الاربعة ووزراء كتلته النيابية السبعة ليكون مجموعهم 11 وزيراً اي ثلث اعضاء الحكومة زائداً واحداً ليشكّل بذلك الثلث المعطل في الحكومة.
وسبب هذا الطلب هو ان الدستور اعطى حق تأليف الحكومة لرئيسي الجمهورية والحكومة معاً، واعطى رئيس الحكومة دون رئيس الجمهورية حق اقاله او استقالة هذه الحكومة برمتها عندما يقدم رئيسها استقالته، او عندما يتقدم ثلث اعضاء هذه الحكومة باستقالاتهم.
ومن اجل تحقيق التوازن بين الرئاستين في تحديد مصير الحكومة، في التأليف وفي الاستقالة، يجب ان يكون بيد رئيس الجمهورية الثلث المعطل من عدد الوزراء الذي هو 11 وزيراً في حكومة ثلاثينية.
ولذلك يصر الرئيس عون وكتلته على ان تكون حصتهما الوزارية 11 وزيراً موزعة 7 لكتلة التيار الوطني الحر و4 لرئيس الجمهورية، في حين ان الرئيس الحريري يوافق على 10 وزراء منهم 7 لكتلة التيار و3 لرئيس الجمهورية، اي دون العدد المطلوب لتكوين الثلث المعطل.
مع الاشارة هنا الى ان رئيس الجمهورية يمكنه ان يحصل على الثلث المعطل عن طريق حلفائه في الحكومة وفي طليعة هؤلاء وزراء حزب الله، ولكن يبدو انه – اي رئيس الجمهورية – يريد هذا الثلث من فريقه وحده. وحتى الآن لا تزال هذه النقطة هي محور خلاف او عدم تقارب وجهتي نظر رئيسي الجمهورية والحكومة.
واما العقدة الثانية فهي المتعلقة بالتمثيل الدرزي، اذ ان وليد جنبلاط يطالب بكامل الحصة الدرزية التي هي ثلاثة وزراء في حكومة ثلاثينية، في حين ان رئيس الجمهورية يرغب في اعطاء كتلة جنبلاط الدرزية مقعدين درزيين ليكون المقعد الثالث مسيحياً يختاره جنبلاط، ليس من اجل توزير طلال ارسلان بل لان حصر التمثيل الدرزي بشخص واحد او كتلة واحدة يمكنه ان يعطل عمل واجتماعات الحكومة وقراراتها ساعة يشاء جنبلاط ذلك تحت عنوان الميثاقية التي اخترعها الرئيس نبيه بري في وقت سابق الى درجة انه ألغى جلسة سابقة لمجلس النواب لان وليد جنبلاط قاطعها، مع ان التمثيل الدرزي في حينه لم يكن جنبلاطياً مئة بالمئة، بل كان خمسة نواب دروز مع جنبلاط وثلاثة ليسوا معه!
مع الاشارة هنا الى ان النص الدستوري الوارد في مقدمة الدستور والذي يقول «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، لا يتفق مع النظام الديموقراطي الذي يعيش النظام اللبناني في ظله.
ومع ذلك، قيل ويقال مؤخراً، ان وليد جنبلاط تفهّم هذا الواقع ووافق على اعطائه وزيرين درزيين مع وزير مسيحي بشرط ان يحظى الوزير الدرزي الثالث على موافقته حتى لا يكون هذا الوزير هو طلال ارسلان، خلافاً لرأي ومطلب التيار الوطني الحر او رئيسه جبران باسيل وكذلك رئيس الجمهورية الذين لم يوافقوا على شروط جنبلاط بالنسبة للوزير الدرزي الثالث لأنهما يصرّان (باسيل والرئيس) على ان يكون طلال ارسلان هو الوزير الدرزي الثالث تحت طائلة تحجيم التمثيل الجنبلاطي وجعله وزيرين فقط، (درزيان او درزي ومسيحي)، لان الكتلة النيابية الجنبلاطية تضم 9 نواب ومن حقها ان تتمثل بوزيرين فقط !!
ويقول المطلعون ان عقدة الثلث المعطل يمكن حلها عن طريق موافقة رئيس الجمهورية على 10 وزراء له ولكتلته على ان يستعين بوزير او اكثر من حلفائه في الحكومة في حال تأزمت العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة ووصلت الى درجة اقالة او استقالة هذه الحكومة.
اما عقدة التمثيل الدرزي فيجب – في رأي العاملين على حل عقد تأليف الحكومة – ان يتلازم حلها مع حل عقدة الثلث المعطل ليكون الحل الافضل لعقدة التمثيل الدرزي وزيران درزيان لجنبلاط مع حقيبة مهمة لأحدهما ومعهما وزير مسيحي ليكون الوزير الدرزي الثالث طلال ارسلان دون سواه.
اما اذا اصر جنبلاط على درزية الوزراء الثلاثة فان الحل قد يكون بتخفيض عدد وزراء هذه الحكومة الى 24 او 28 وزيراً ليصبح التمثيل الدرزي في هذه الحالة وزيران فقط وكذلك التمثيل الكاثوليكي.
ولا يستبعد المراقبون ان تتجه المشاورات قريباً في حال عدم التمكن من حل العقد، الى حكومة اكثرية وليس حكومة وفاق وطني، على غرار ما كان يحصل لحكومات ما قبل الطائف.