اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن “لبنان يتميز بالتعددية الثقافية والدينية ضمن وحدة وطنية، فيما جميع البلدان في محيطه العربي أحادية الدين والثقافة والسلطة. وها دولة إسرائيل التي يروج لها العالم الغربي بأنها ديمقراطية تعلن نفسها بقرار اتخذه الكنيست في 19 تموز الجاري، أنها دولة قومية، وطن للشعب اليهودي، وأن العبرية لغتها الرسمية، مع انتزاع هذه الصفة عن اللغة العربية وأن القدس الكاملة والموحدة هي عاصمتها”.
وأردف الراعي، خلال قداس ترأسه في باحة المزار في منطقة المرج في حمانا، أن “هذا الإعلان الرسمي بيهودية الدولة يقضي على القضية الفلسطينية ومساعي السلام، ويقصي المسيحية والإسلام، ويناقض قرارات الشرعية الدولية بحفظ الوضع الراهن، وباعتبار القدس مدينة ذات نظام دولي، ومنفتحة للديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام ولجميع الأمم والشعوب. فمن واجب منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن اتخاذ قرار يبطل قرار الكنيست، ويعيد الأمور إلى ما كانت عليه، وفقا للقرارات الدولية السابقة. لذا، نطالب السلطة السياسية في لبنان الخروج من عالم المصالح الشخصية والفئوية الصغير، والانطلاق نحو عالم أوسع. فتؤلف بأسرع ما يمكن حكومة ذات رؤية وفاعلية، تحصن لبنان وتقويه وتنميه، لكي يبقى وطن الانفتاح والتنوع والحريات والعيش معا بين الأديان والثقافات”.
وأشار الراعي إلى أن “أولى الظلمات هي الفساد الذي يشوه ويعطل كل شيء، ونرى الفساد في أوجه متعددة: الاجتماعي والسياسي والإداري والإعلامي والأخلاقي. فالفساد الاجتماعي ظاهر في تدني الأخلاق، وسوء التعاطي، وعدم احترام الآخر، وانتهاك الصيت والكرامة؛ والفساد السياسي واضح في السعي إلى المصالح الشخصية الرخيصة والحصص الفئوية، وسلب المال العام، وشراء الرأي والصوت والموقف، وتقاسم المغانم من المشاريع العامة على حساب خزينة الدولة، وممارسة الزبائنية من أجل النفوذ، على حساب القاعدة الحقوقية، وإلزام المواطن بالتبعية للحصول على أبسط الحقوق الحياتية اليومية، والفساد الإداري متفش في الرشوة وفرض الخوات لقاء أي معاملة ومشروع، وفي الاستهتار بحقوق المواطنين وكرامتهم، وبالإهمال في إنهاء المعاملات، وبموت الضمير المهني؛ والفساد الإعلامي يظهر في سوء استعمال حرية التعبير، وتضليل الرأي العام، والإساءة إلى الغير، وبث سموم التفرقة والنزاعات، وإفساد الأخلاق وقتل القيم”.