تتواصل عمليات النهب والسرقة «التعفيش» داخل الأراضي السورية، فمع كل سيطرة جديدة لطرف عسكري، يأتي «التعفيش» كأول ظاهرة تطغى على ما تمت السيطرة عليه من ممتلكات، حتى بات ثقافة، استشرت داخل نفوس حاملي السلاح، وباتت المبررات تتلاحق لتخفف من وقع استياء المدنيين من هذا الأمر الذي بات أول ما تشهده المدن أو البلدات أو القرى المسيطر عليها، إذ رصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قيام مقاتلين من فصائل إسلامية عاملة في إدلب، بعملية نهب وتعفيش للممتلكات المتبقية في بلدتي الفوعة وكفريا، واللتين أجلي سكانهما عنها باتجاه محافظة حلب (شمال سوريا)، باتفاق روسي– تركي، تم تنفيذه والانتهاء منه الجمعة، إذ حصلت عمليات تعفيش للآليات والجرارات الزراعية والسيارات الخاصة وممتلكات المنازل، من قبل عناصر في فصائل إسلامية، وتم نقلها إلى مناطق أخرى من محافظة إدلب.
كما رصد «المرصد السوري» مفارقة 6 مقاتلين على الأقل الحياة، في انفجار ألغام بهم في الفوعة وكفريا، اللتين كانا يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية، وتم إجلاؤهم بناء على اتفاق روسي– تركي، ونقلهم إلى مراكز إيواء في حلب.
ظاهرة «التعفيش» في الفوعة وكفريا من قبل فصائل مسلحة، لم تكن الأولى خلال الفترة الماضية، كما أنها لم تقتصر على الفصائل في إدلب فقط، إذ رصد «المرصد» منذ أسابيع مضت، تحوَّل «جيش الوطن» إلى جراد يلتهم كل ما في طريقه، إذ قام بعملية تعفيش واسعة طاولت ممتلكات مواطنين في القرى والبلدات الواقعة في ريف درعا، حيث تزامن النهب والتعفيش هذا، مع رصد عدسات آلات التصوير في وسائل إعلام النظام السوري ومواليه ما أسمته «بطولات جيش الوطن وجولات سهيل الحسن»، متعامية عن رصد عمليات السرقة والنهب والتعفيش، التي جرت ولا تزال مستمرة، على مرأى القوات الروسية التي وضعت نفسها ضامناً لـ”الأمن والاستقرار” في مناطق تطبيق اتفاقها بريف درعا.
وعلم المرصد السوري حينها من أهالي في المنطقة، أن قوات النظام سرقت الغالبية الساحقة من منازل ريف المحافظة، بحيث عمدت لسرقة الأدوات المنزلية والأثاث والأغطية والسيارات والمواشي، لحد وصول الأمر إلى مساومة قوات النظام لأهالي على ممتلكاتهم، إذ كانت عملية تخيير بعض المدنيين بعد توسلهم أن يتركوا ممتلكاتهم، ويتوقفوا عن نهب سياراتهم ومواشيهم، كما تمت عمليات سرقة لمنازل المواطنين خلال وجود قاطني المنزل بداخله، ما أثار سخط الأهالي في درعا واستيائهم من هذه التصرفات ومن تعامي الروس عن «الجراد» الذي لم يرحم حوران وأهلها، بدعوى إعادتها إلى «حضن الوطن».
وسبق تعفيش محافظة درعا بفترة زمنية قاربت الأشهر، عمليات نهب وسرقة في منطقة عفرين، والتي لا تزال مستمرة إلى الآن، حيث شاركت معظم الفصائل والتشكيلات العسكرية فيها، ضمن مدينة عفرين، إضافة إلى عمليات السرقة التي حصلت في الريف، وطاولت السرقات التي لم ينفذها إلا قلة من مقاتلي الفصائل، المواد الغذائية والسيارات والآليات الزراعية والأجهزة الإلكترونية ومولدات الكهرباء والممتلكات العامة والخاصة في المدينة، منذ السيطرة على مدينة عفرين في الـ 18 من آذار الماضي، إذ أكد أهالي لـ«المرصد السوري» أن النهب والتعفيش طاول كل ما يوجد في منازل المدنيين وكل ما يوجد في المنشآت والمرافق العامة.
وأكد آخرون أنه جرى نهب أجهزتهم الخلوية والسيارات والجرارات الزراعية والدراجات النارية والأجهزة الإلكترونية، ونهب منازلها بكامل محتوياتها من أجهزة وآليات ومؤونة، إضافة لعملية بيع للمساعدات الإنسانية بأسعار باهظة إلى التجار وأصحاب المحال التجارية، الذين يعمدون أيضاً لبيعها بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي جرى شراء المواد الغذائية فيها إلى المواطنين، كما تواصل قوات عملية «غصن الزيتون» قطعها للكهرباء والمياه عن معظم منطقة عفرين، إلى أن وصل الأمر إلى الاتجار بالمعتقلين والاستيلاء على منازل ومزارع ومحال تجارية وممتلكات من دون أي رادع، حتى من القوات التركية التي تنتشر كقوة رئيسية في المنطقة.