تعود اليوم دفعة جديدة من النازحين السوريين في مخيمات عرسال اللبنانية الحدودية إلى القلمون الغربي في سورية ويبلغ عددهم نحو 1200 نازح. وهؤلاء من ضمن لوائح بـ3000 اسم ينالون الموافقة التدريجية من السلطات السورية على العودة.
وتجري هذه العودة في إطار المصالحة مع النظام السوري وبالتنسيق مع الأمن العام اللبناني. وحصلت نتيجة مبادرة ذاتية بين النازحين أنفسهم في نيسان الماضي. وقال رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ“الحياة” إن العائدين “أبلغوا أقاربهم ومعارفهم من النازحين الذين لا يزالون في لبنان أن الوضع آمن في قراهم في سورية ما يشجع على العودة”.
وأشار الحجيري إلى أن المفوضية العليا لشؤون النازحين ستتابع مغادرة الدفعة الجديدة من النازحين عن طريق وادي حميد إلى القلمون الغربي، وهذا من حقها لمعرفة من سيغادر. وأشار إلى أن الكلام عن مبادرة روسية من أجل إعادة النازحين “لم تجد بعد صداها بين النازحين فهم في حاجة إلى خطوات جدية ملموسة”.
وكانت هذه العودة الطوعية استبقت الحملة الذي قام بها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل لدفع النازحين إلى العودة والخطوة التي يقوم بها “حزب الله” لمساعدة النازحين على العودة. وتتزامن هذه الخطوة مع تواصل لبناني روسي على خلفية المبادرة الروسية لتشكيل لجنة روسية – لبنانية تعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإعادة النازحين إلى مناطقهم. وقال رئيس بلدية عرسال لـ“الحياة”: “لا حزب الله يستطيع إعادة النازحين ولا الوزير باسيل إذا لم تتكون لديهم قناعة تامة بإمكان العودة إلى منازلهم في أجواء آمنة”.
وكان “حزب الله” أعلن في الرابع من الجاري عن فتح مراكز له في البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب لتسجيل الراغبين من النازحين السوريين في العودة إلى سورية. إلا أن المتجاوبين مع الدعوة لم يتجاوز عددهم حتى الأيام الأخيرة، وفق رئيس لجنة العودة التي شكلها الحزب النائب السابق نوار الساحلي “150 عائلة”. وأكد الساحلي لـ“الحياة” أن الحزب يريد “أعادة الناس إلى المناطق الآمنة وليس إلى المناطق التي لا تزال تشهد تطورات أمنية، والعودة لا تشمل مثلاً إدلب ولا دير الزور”. ولفت إلى “أن القوائم التي سجلت ستسلم إلى السلطات السورية للحصول على موافقة عليها”.
وكان المسؤولون عن مراكز الحزب تلقوا العديد من الاتصالات من نازحين في البقاع وحتى من وادي خالد شمال لبنان يسألون عن طريقة العودة وما إذا كانت إلى الحدود فقط أم أن الحزب سيوصلهم إلى منازلهم وماذا إذا كانت المنازل مهدمة وأين ستكون الإقامة وما هي الضمانات التي سيقدمها الحزب لهم، وذلك وفق ما قاله بعض هؤلاء المسؤولين عن المراكز لـ“الحياة”.
وقال مسؤول مركز التسجيل التابع للحزب في الهرمل “إننا لا نقدم ضمانات، نحن نسجل أسماء الأشخاص وعائلاتهم ونقول لهم إننا قادرون على تأمين نقل كل الأغراض التي معكم، أما إذا كان البيت مهدماً فلا نعد أحداً بإعادة بنائه. نحن نجمع الاستمارات لرفعها إلى اللجنة المعنية”.
وعن كيفية طمأنة النازحين من قبل الحزب وهو الذي لا يزال مقاتلوه موجودين داخل سورية، قال مسؤول المركز: “الناس وعبر التاريخ البشري يتقاتلون ويتصالحون، ويجب أن تحصل مصالحات وأعتقد أن النازحين يرغبون في المصالحة”.
وتبقى العودة إلى القصير وريفها مؤجلة، على رغم رغبة النازحين في العودة إلى منازل لا تفصلهم عنها إلا مسافات غير بعيدة بدلاً من البقاء في الخيمة، ذلك أن الكثير من النازحين من القصير هم إما من المنشقين عن الجيش السوري أو ممن شاركوا في التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام، وقال الساحلي: “علينا إيجاد مخرج لهذه المسألة”، فيما لفت الحجيري إلى إنه “وفق معلوماته فإن ملف العودة إلى القصير مؤجل من جانب السلطات السورية و “حزب الله”، فهناك دمار شديد والناس تريد ضمانات ولا يمكن أحداً إعطاء الضمانات إلا ممن هم مسيطرون على الأرض، كما أن العودة إلى القصير وريفها لا تتطلب مصالحة وإنما عفواً عاماً”.