عاد الغبار ليُنفض مجدداً عن ملف عودة التواصل بين لبنان وسوريا من بوّابة إعادة النازحين السوريين. ومع محاولات إعادة عقارب التواصل إلى الوراء، يطل الانقسام السياسي العمودي حول هذا الملف برأسه مجدداً بين فريق يرفض أي تواصل مع نظام يعتبره المسؤول الأول عن تهجيرهم وهم ثلاثي “تيار المستقبل”-القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الاشتراكي”، مطالباً بوساطة أممية-دولية تتحدث مع النظام لترتيب العودة الآمنة والمستقرّة لهؤلاء، في مقابل فريق سياسي يصرّ على عودة المياه إلى مجاريها بين لبنان وسوريا ليس لإعادة النازحين فقط إنما لمعالجة مسائل أخرى، وعلى رأس هذا الفريق، “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار الوطني الحر”.
في السياق، كلّف الرئيس المكلّف سعد الحريري مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان التواصل مع الروس باعتبارهم حلفاء للنظام السوري من أجل ترتيب عودة النازحين، مصرا على عدم التواصل المباشر مع نظام هجّر السوريين.
وأوضح عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر “أننا لا نتحفّظ على مبدأ عودتهم إلى بلدهم فهذا حقهم، إنما لا نريد أن نشارك بطريقة غير مباشرة في تغيير الديموغرافيا في سوريا، فهناك كلام عن عودتهم إلى أماكن آمنة وليس عودتهم إلى بيوتهم وأرضهم، لذلك نسعى إلى عودتهم إلى قراهم وبيوتهم وهذا لا يتم إلا من خلال ضمانات دولية نحاول الحصول عليها في مبادرة الرئيس الحريري تكليف شعبان التواصل مع الروس”.
وأمل في “أن تُثمر الاتصالات القائمة في هذا المجال إيجاباً، خصوصاً مع الجانب الروسي الذي يحظى بنفوذ كبير في سوريا”، رافضاً “ما يُحكى عن أننا في “المستقبل” نريد توطين السوريين، هذا محض افتراء”.
وأكد أننا “واعون جدا لحساسية التوازنات الداخلية ونعلم جيداً أن لا مصلحة وطنية لأي طرف سياسي بإبقاء النازحين في لبنان”، معتبراً “ألا يجوز أن تتولّى هذا الملف “مؤسسات خاصة” تابعة لجهات سياسية معيّنة، وإنما أن يكون بعهدة الدولة ممثلةً بالحكومة مع الحصول على ضمانات دولية”.
وأردف “السياسات الخارجية تُرسم على طاولة مجلس الوزراء وهذا ما ينصّ عليه الدستور، أما الاتّفاقات فهي من صلاحية رئيس الجمهورية لكنها لا تُصبح نافذة إلا بعد أن يوافق عليها مجلس الوزراء”، مضيفاً ” ا تأثير لكل هذه الحملات على النأي بالنفس”.
من جهته، يرفض الحزب “الاشتراكي” أي تواصل مع نظام هو المسؤول الاأل عن تهجير النازحين.
وقال أمين السر العام للحزب ظافر ناصر لـ”المركزية” “أن ما يحصل في هذا الملف ليس سوى دعوات سياسية من أجل عودة التواصل مع النظام السوري كما في السابق وليس لإعادة النازحين، فمن يُطالب بعودتهم عبر التواصل مع النظام عليه أن يطلب منه أولاً وقف حربه ضد الشعب السوري من أجل ضمان العودة الآمنة والسليمة للنازحين”.
وشدد على “أن عودة التواصل مع النظام السوري تحتاج إلى توافق معظم القوى السياسية، بحيث لا يستطيع طرف سياسي أن يتفرّد بقرار كهذا أن لجهة شكل العودة وكيف ومتى”؟ مذكّراً “بأن موقفنا واضح من هذه المسألة: نحن مع عودة النازحين، لكن إلى إي بلد؟ إلى أي أمن وسلام؟ إلى أي حياة؟ وهل هذه العودة ستكون آمنة؟”.
وأكد ظافر “أن أي محاولة لعودة التواصل مع النظام السوري سواء أكانت ثنائية أي بين طرف لبناني والنظام أو بين وزارة لبنانية ونظيرتها السورية من دون قرار سياسي لبناني متوافق عليه إنما نسف للتسوية التي يُعد النأي بالنفس عمودها الفقري، وهذا إحياء لاشكالية أساسية بين الأطراف اللبنانية”.
أما “القوات اللبنانية”، فرّدت دائرتها الإعلامية في بيان، أكدت فيه “أن سياسة النأي بالنفس لن تسقط إطلاقا”، معتبرةً “أن لا يمكن إحياء العلاقات اللبنانية-السورية قبل انتهاء الحرب السورية وإحلال السلام وقيام حكومة تحظى بشرعية سورية وعربية ودولية”، لافتةً إلى “أن الحكمة تقتضي في الوقت الحالي الإبقاء فقط على بعض قنوات التواصل الأمنية للضرورات الملحة، وأي كلام آخر مرفوض”.