كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:
يَحدث أن تهزَّنا جريمة، أن يروّعَنا مشهدُ جثتين مقتولتين، خصوصاً وأنّ ساحة الجريمة هي فراشُهما الزوجي، وأن تكثر الأقاويل والتحليلات بعدها.. يَحدث أن نتسمَّر في حضرةِ الموت، أن نطرَح سيناريوهات عدة ونتبنّى بعضَها مستبِقين التحقيقَ غيرَ آبهين لعائلتَي الضحيتَين ومشاعرِهما… فزحلة أمس تصدّرَت العناوين، حيث صَدم مشهدُ جثتَي داني فرح وزوجته ريتا ريشا الجميعَ، وإنْ كان اللبنانيون ألِفوا مشاهِد القتل، لأنّ علامات استفهام عدة طُرِحت حول الجريمة. فما جديد القضية؟
«داني وريتا عصفورا حبٍّ، كان أطفالهما الثلاثة ثمرتَه، لا إشكالات بينهما نعرفها، بل إنّهما كانا يخطّطان للسفر إلى إيطاليا قريباً، وحصَلا على التأشيرة»، يقولها قريب ريتا لـ»الجمهورية»، مضيفاً: «الجميع مصدوم ولا يتقبّل أن تكون رحلة هذين الشخصين انتهت بهذه الطريقة، لا سيّما وأنه لا ذنبَ لأولادهما بما حصَل، فعدا عن أنّهم أصبحوا أيتاماً، أصبحت صوَرُ جثتي والديهم على كلّ الهواتف المحمولة، واستبَق كثيرون التحقيقَ من دون أن يراعوا شعورَهم».
الرواية الأوّلية
التحقيقات لم تحسم ما إذا كان هناك طرفٌ ثالث متورّط في الجريمة أم أنّ داني فِعلاً قتَل زوجته ثمّ انتحر، لكنّ الرواية الأوّلية لتسلسلِ القضية، حسب ما علمت «الجمهورية»، أنّ الأولاد كانوا عند بيت أهلِ داني، وعند الصباح اتّصلت به أختُه مراراً من دون أن يأتيَها ردّ، فتوجّهت إلى المنزل من دون أن يفتح لها أحد، لتُفاجَأ بأنّ سيارة داني غيرُ مقفلة، فأخذَت المفاتيح وفَتحت باب المنزل لتُصدَم بعدها بالمشهد.
الأخت غير قادرة على إعطاء إفادتها، لا سيّما وأنّها حامل، وتأثّرَت جدّاً بما رأته، أمّا أهل داني الذين يقال أنّ الإشكال بدأ في منزلهم فمصدومون أيضاً وعاجزون عن الإدلاء بإفاداتهم ووضعِ الشائعات عند حدّها، ما حتَّم على المدّعي العام تركَهم بضعة أيام قبل استجوابهم.
مِن جهته، أشار الطبيب الشرعي الدكتور وليد سليمان، الذي كشَف على الجثتين، لـ»الجمهورية» الى أنه «على يَد داني اليمنى دماء مرشوشة، ما يفترض في الطب الشرعي أنها اليد التي أطلقت النار»، مضيفاً أنّ «احتمال أن يضع أحد المسدس في فم الضحية من الداخل صعب، خصوصاً وأنّ بنيته قوية وقد يحتاج الأمر الى أكثر من شخص واحد ليفعل ذلك».
وأوضح سليمان أنّ «سبب الوفاة هو إطلاق نار من داخل الفم في اتجاه الرأس بطلق ناري واحد، ولا وجود لأيّ علامات عنف أو جروح مقاومة على جسد الزوج، أمّا الزوجة فدخلت الرصاصة من عينها وخرجت من رأسها، فيما أنّ جسدها ورقبتها وبنيتها سليمة ولا وجود لأيّ خدوش أو علامات عنف عليها، مع العلم أنّ إطلاق النار كان متزامناً ولا فارق زمنياً بينهما كما أشيع»، مؤكداً أنّ «النيابة العامة والاستقصاء والأدلة الجنائية هم من يحددون كيفية حصول الجريمة، أمّا نحن فعملنا يقتصر على تحديد أسباب الوفاة».
«ما حدا بيعرف بِبَيت التاني شو في»، قد يكون هذا التعليق الأدق لِما شهدته جدران منزل داني، فهذا الثنائي الذي يقتدي الجميع بقصة حبهما شكّلت طريقة مقتلهما لغزاً، خصوصاً أنّ احتمال وجود طرف ثالث ما زال مطروحاً، فمُتقِنو فن القتل كثر وهم يستطيعون قلب المعايير والايحاء بأنّ الضحية انتحرت… فهل تذكرون طارق فرنجية الذي عثر على جثته في السيارة وحسم الرأي العام وقتها فرضية الانتحار، ليتبيّن لاحقاً أنها جريمة قتل؟ ألا يستحق أولاد داني وريتا بعدما خسروا أغلى أشخاص على قلوبهم التمهّل وانتظار التحقيقات عساها تنصفهم؟ هل فقد الرأي العام ضميره الى هذا الحد وباتت الأحكام المسبقة شغله ومشغله؟ وفي النهاية، سواء كان سبب الوفاة انتحاراً أو قتلاً، فإنّ حياة ثلاثة أطفال قُلبَت في ليلة سوداء ستُرافقهم لآخر أعمارهم.