رأى رئيس الحكومة السابق تمام سلام ان الرئيس المكلف سعد الحريري يبذل أقصى الجهود لتشكيل حكومته، إلا ان في لبنان غالبا ما يستهلك تأليف الحكومات وقتا طويلا لإنجازه، خصوصا إذا ما أتى بعد انتخابات نيابية، بحيث تتسابق القوى السياسية وتتنافس وتتصارع لتأمين أفضل تمثيل لها في الحكومة التي يُعتقد انها ستستمر حتى نهاية العهد، معتبرا بالتالي ان الرئيس الحريري لا يوفر وسيلة إلا ويعتمدها لرأب الصدع والتوفيق بين الفرقاء حرصا منه على ولادة حكومة وحدة وطنية تحتاجها البلاد، وما محاولات البعض رمي كرة التعطيل في ملعب الرئيس الحريري وتحميله مسؤولية التأخير، سوى لحرف الأنظار عما يفعلونه من فرض للشروط، ووضع العصي في الدواليب، وإطلاق هرطقات دستورية كسحب التكليف أو تقديم عريضة نيابية، وذلك اعتقادا منهم بأنهم كلما عطلوا اقتربوا من تحقيق مطالبهم.
ولفت سلام في حديث لصحيفة «الأنباء» الكويتية الى ان أكثر ما يدعو للأسف هو اتهام البعض الرئيس الحريري بتنفيذ أجندة خارجية، وكأن ليس لهؤلاء أي علاقة أو تواصل وثيق مع جهات خارجية، وكأن القاصي والداني لا يعرف ان كل القوى السياسية في لبنان مرتبطة بالخارج ومتأثرة بما يمليه هذا الخارج عليهم، ما يعني من وجهة نظر سلام ان منطق تشكيل الحكومة الذي بدلا من ان تكون معاييره ومقاييسه واعتباراته وطنية محلية، نرى بعض القوى السياسية تتعامل معه وفقا لأجندة خارجية وتتهم غيرها بالتواطؤ مع الخارج، مشيرا تبعا لما تقدم الى ان الاستقواء على الآخرين والشعور بالتفوق والتكلم بعنجهية والتهديد بنفاد الصبر، لا يصب لا في مصلحة الحكومة ولا في مصلحة أي من الفرقاء السياسيين، لذلك يؤكد الرئيس سلام ان القليل من التواضع ومن الركون الى العقل والمنطق سيحمل حتما تأليف الحكومة الى خواتيم سعيدة ومعه العهد الى مرحلة نتمنى أن تكون مشرقة.
في سياق متصل، وعن تقييمه لمسابقة ما يُسمى بالجلسة التشاورية لمجلس النواب حول تأخير تشكيل الحكومة، لفت سلام الى ان النظام في لبنان، قائم ليس فقط على الفصل بين السلطات إنما ايضا على التعاون فيما بينها، لاسيما ان سيد من يعرف كيف يدوزن الأوتار بين الفصل والتعاون هو الرئيس نبيه بري الذي حرص على عقد جلسات حوارية بين اللبنانيين في أحلك الظروف وأخطرها، معربا بالتالي عن يقينه بأن توجه الرئيس بري لعقد جلسة تشاورية لا يخفي اي تحد او اي مواجهة سياسية مع أحد، مع العلم ان تأليف الحكومات لا يتم في مجلس النواب، مشيرا بالتوازي، الى انه مع فصل النيابة عن الوزارة لأن في عملية الدمج بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تتحول الحكومة الى مجلس نيابي مصغر بما يُضعف مبدأ المراقبة والمحاسبة.
وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك محاولة لتطويق اتفاق الطائف واستعادة بعض صلاحيات رئيس الجمهورية عبر ترسيخ أعراف معينة، أكد سلام انه إذا كان هناك من محاولات مماثلة، فهي محاولات غير مجدية وأساسها باطل، فالمطلوب هو تطبيق اتفاق الطائف بالكامل خصوصا إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس للشيوخ، مؤكدا بالتالي ان تقنيص البعض على اتفاق الطائف من خلال الممارسة السيئة لا يعني ان الطائف مجرد نصوص مستباحة، سائلا من جهة ثانية لماذا الاستقواء دائما على رئاسة الحكومة وابقاؤها مهددة في كل حين عبر المطالبة باستقالة رئيس الحكومة، بينما رئاسة الجمهورية مستقرة لست سنوات ورئاسة مجلس النواب مستقرة لأربع سنوات؟ معتبرا بالتالي ان منطق الاستقواء على الرئاسة الثالثة يجب ان يتوقف لأن من شأنه إضعاف لبنان واستسهال استهدافه.
على صعيد آخر وعن المبادرة الروسية لعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم، ثمّن سلام تواصل الرئيس الحريري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السياق عينه دعما للمبادرة، علما ان الجهود التي بذلتها وتبذلها الأجهزة اللبنانية لعودة اللاجئين وان كان بأعداد قليلة كانت جيدة، إلا ان الرهان هو على الدور الروسي المتقدم في سورية والشرق الأوسط لعودة اللاجئين بأعداد كبيرة، معتبرا من جهة ثانية ان ملف النازحين السوريين ملف شائك ومتشعب ويستوجب التعاطي معه بكثير من الجدية وليس بالمتاجرة به، من أجل تأمين عودة آمنة ووثيقة للشعب السوري باتجاه المناطق الآمنة في سورية.
وعن التوجه العام لتشريع زراعة الحشيشة لغايات طبية، لفت سلام الى ان هذا الموضوع دقيق للغاية ويجب مقاربته على قواعد صرف علمية، خصوصا ان التفلت في لبنان يطرح العديد من المحاذير والتساؤلات، لكن كما هو معلوم عالميا هناك فائدة من زراعة الحشيشة لغايات طبية، حتى إذا ما تم ذلك في لبنان بشكل منتظم ومضبوط ومراقب، قد يعود بالفوائد الصحية والمادية على الخزينة، مع الاحتفاظ بالأحكام القضائية بوجه المخالفين لقانون جرائم المخدرات لاسيما فيما يتعلق بالاتجار والترويج.