الحشد الذي تقاطر مساء أول من أمس، إلى ساحة سمير قصير في قلب بيروت بناء على دعوة وجهت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع احتجاجاً على استدعاءات مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية المتزايدة، لم يكن من لون واحد أو صبغة سياسية معينة. كان فيه الصحافي والناشط والمواطن. وهؤلاء اكتشفوا خلال التجمع أن «المصاب» واحد وأن التوقيفات تطاول الجميع حتى القاصرين. وتحت شعار «ضد القمع» عبّر المحتجون عن استنكارهم لما يحصل من استدعاءات بجرم «القدح والذم» وهي جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن أو غرامة مالية أو بإحدى هاتين العقوبتين. وقال جاد شحرور من «مؤسسة سمير قصير» التي تعنى بالدفاع عن الحريات لـ«الحياة»: «خلال سنتين سجلنا 35 انتهاكاً لحريات ثقافية وحرية رأي ومنع أفلام، ما يذكرنا بالحقبة السورية».
ولفت إلى «أن أكثر المستهدفين في الاستدعاءات هم من ينتقدون سياسة «التيار الوطني الحر» أو رئيسه الوزير جبران باسيل أو رئيس الجمهورية ميشال عون». وقال: «يوم توجيه الدعوة إلى الاعتصام، جرى استدعاء الشاب إيلي خوري وهو مواطن عادي كتب على حسابه على «فايسبوك» قطعة نقدية لسياسة «التيار الوطني الحر» من دون أن يضمنها أي شتيمة أو يتناول أحداً بالقدح والذم ومع ذلك اتصل به مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية لاستدعائه، ثم عاودوا الاتصال به بعد ساعتين وقالوا له إن رئيس الجمهورية لا يريد محاكمتك».
وأشار شحرور إلى أنه خلال الاعتصام اكتشف ناشطون أن صبياً عمره 15 سنة استدعي إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية لأنه وضع صورة كاريكاتورية للرئيس عون، علماً أن هذا الفتى قاصر. ووصف شحرور ما يحصل بأنه «مسار لتحويل لبنان بلداً أمنياً وبلد ترهيب سياسي وأمني فيما يتغنون بأنه بلد الحريات».
وما شجع الحشد على الانضمام إلى الاعتصام، أنه خلال 15 يوماً تم استدعاء 5 ناشطين على خلفية منشورات لهم تنتقد الفساد والطبقة السياسية.
وقال شحرور إن «المعتصمين استخدموا في هتافاتهم لغة سلمية ومعظمهم لا يعرفون بعضهم بعضاً، فترهيب الأجهزة الأمنية حالة عامة يعاني منها الجميع، كما بدا خلال التجمع».
وأكد أن المسألة ليست موضوع تجاوز قوانين، فالحرية لا سقف لها، والمادة القانونية «القدح والذم» يستخدمها القضاء اللبناني بطريقة استنسابية، وسبق أن اتخذ رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير العدل قراراً في شباط 2017 بغض النظر عن المواقف التي تصدر على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا تصبح عملية الاستدعاءات استنسابية ولم يطبق القرار».