منذ قرابة الشهرين بدأ نظام الأسد التخلص من ملف المعتقلين، عبر عملية اعتبرها حقوقيون سوريون وعرب بأنها الجريمة الكبرى التي تشهدها سوريا حالياً.
وخلال اليومين الماضيين فقط، أبلغت دوائر السجل المدني التابعة لنظام الأسد قرابة الـ 2000 عائلة سورية بوفاة أبنائها في المعتقلات. نصف هذا الرقم كان من نصيب مدينة داريا بريف دمشق الغربي والنصف الآخر اقتسمته حلب وحمص. سبق هذا العدد 750 معتقلاً من الحسكة و450 من معضمية الشام و30 من يبرود و533 من اللاجئين الفلسطينيين، حيث من المتوقع أن يحل نهاية عام 2018 الجاري دون أن يتبقى لدى نظام الأسد معتقل واحد يسأل أهله عن مصيره.
وتقول الصحافية صفاء عليان، وهي من مدينة داريا وفقدت العديد من أقربائها بسبب الاعتقال، إن أغلب الأسماء التي نشرت عن داريا تعود إلى معتقلين سلميين اعتقلهم نظام الأسد في آب 2012. وأكدت أنهم اقتيدوا إلى فرع المخابرات الجوية بدمشق، وأن أحداً لم يتمكن من زيارتهم منذ ذلك الوقت.
واكتفى نظام الأسد بحسب عليان، بإرسال شهادات وفاة المعتقلين إلى دوائر النفوس (السجل المدني). وقالت لـ”أورينت نت”: “أي شخص لديه معتقل عليه أن يذهب إلى السجل بنفسه ويستخرج شهادة الوفاة”، مؤكدة عدم استلام جثمان أي معتقل ولا معرفة تاريخ وفاته أو كيفية ومكان الدفن.
التخلص من المعتقلين مقابل استحقاقات سياسية
وحول ما إذا كان الـ 1000 معتقل من أهالي داريا قد قتلوا حديثاً في سجون نظام الأسد، أكد أمين سر اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات مروان العش، أن أغلب المعتقلين الـ 1000 فُقد أثرهم منذ عام 2013، مُذكّراً بحالة الأخوين يحيى الشربجي ومعن الشربجي الذين اعتقلهما نظام الأسد في فرع المخابرات الجوية لمدة 9 أشهر ثم نقلهم إلى سجن صيدنايا، وفي عام 2013 وصلت أخبار أنهم خرجوا من صيدنايا، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبارهم بشكل نهائي إلى أن أبلغت أجهزة نظام الأسد ذويهم قبل أيام أنهما توفيا في المعتقل.
وقال العش لـ”أورينت نت” إن “قتل المعتقلين الذين بدأ النظام بالكشف عن أسمائهم تم عبر محاكم غير شرعية أو أنهم قضوا تحت التعذيب”.
وأكد أن أحكام محاكم النظام الميدانية التي أسسها الأسد تحت اسم “محاكم الإرهاب” تضع في فقراتها أثناء الحُكم على المعتقلين أنه تتم مصادرة ممتلكاته.
وشدد على أن غرض النظام من هذه العملية هي إنهاء ملف المعتقلين بشكل نهائي مقابل استحقاقات سياسية قادمة ستشهدها سوريا عقب محادثات سياسية قد تتم خارج إطار أستانا وجنيف. لافتاً إلى أن نظام الأسد ينتقم فقط من المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في 2011 يطالبون بالحرية والكرامة.
وقال العش إنهم تواصلوا مؤخراً مع الأمم المتحدة، ولم تعطيهم أي وعود سوى أنها اكتفت بأخذ ملفات الوفيات التي تُشهر من دون أوراق قانونية ومن دون معرفة العملية القانونية التي أدت إلى وفاتهم كوثائق المحاكمات التي حكمت عليهم بالموت. مطالباً بنشر تلك الوثائق كي يراها العالم.
وقف مجزرة المعتقلين
بدورها وصفت “هيئة القانونيين السوريين” مايفعله نظام الأسد في معتقلاته بـ “هلكوست المعتقلين”. وتحدثت في بيان أرسلته إلى مجلس الأمن (السبت) ووصل “أورينت نت” نسخة منه، عن استمرار نظام الأسد إرسال قوائم بأسماء المعتقلين إلى ذويهم على أنهم توفوا في السجون أمام مرآى ومسمع العالم أجمع بكل منظماته الحقوقية والإنسانية دون أن يُحركوا ساكناً.
وطالبت الهيئة في بيانها أعضاء مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة لوقف هذه المجزرة على حد وصفها. وتشكيل لجنة دولية من قانونيين وأطباء شرعيين لتفتيش معتقلات الأسد وإرسال فرق مختصة للكشف عن المحارق الجماعية والمقابر الجماعية التي صنعها نظام الأسد.
وختمت الهيئة مطالبها للمجتمع الدولي بتحميل نظام الأسد وروسيا وإيران التبعات القانونية والجزائية، جرّاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها بحق السوريين.