Site icon IMLebanon

الاتفاق الإسرائيلي – الروسي يثبّت رجليه تباعًا في الأرض السورية

يبدو أن الطرح الروسي القاضي بإبعاد القوات الإيرانية 85 كيلومترًا عن الحدود السورية – الإسرائيلية حظي بموافقة تل أبيب، ولو هي ارتضته اتفاقًا “أوليًا” على أن تواصِل المساعي لإخراج هذه العناصر من سوريا نهائيًا، في وقت تحتفظ بحقها في الرد على أي تحرك ترى فيه تهديدًا إيرانيًا لأمنها، وبضوء أخضر من موسكو.

فغداة إعلان ألكسندر لافرنتييف ممثل الكرملين لدى سوريا، أن “القوات الإيرانية، وبفضل تدخّلنا، تراجعت 85 كلم عن الجولان”، وتأكيد وزارة الدفاع الروسية أن “الشرطة العسكرية ستنتشر في هضبة الجولان وتقيم ثمانية مواقع للمراقبة لتجنب أي استفزازات محتملة هناك”، سُجّلت سلسلة خطوات ومواقف تدل، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، إلى أن التفاهم الجديد بعد هلسنكي دخل حيز التنفيذ في كل جوانبه. فقد ذكر “راديو إسرائيل” أن إسرائيل قتلت 7 مسلحين في ضربة جوية على الشطر الذي تسيطر عليه سوريا من هضبة الجولان. وأكد الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربة جوية خلال الليل، قائلًا إنها استهدفت “عددًا من العناصر الإرهابية المسلحة في جنوب هضبة الجولان السورية”.

في الموازاة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان كلامًا يؤكد الرضى الإسرائيلي على الاتفاق، توقّع فيه أن تصبح حدود هضبة الجولان أهدأ مع عودة الحكم المركزي للرئيس السوري بشار الأسد، واصفَا عودة سوريا إلى وضع ما قبل الحرب بأنها أمر في حكم المؤكد. وقال ليبرمان “من منظورنا فإن الوضع يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية ما يعني أن هناك جهة يمكن مخاطبتها وشخصًا مسؤولًا وحكمًا مركزيًا”.  وعندما سئل إن كان قلق الإسرائيليين سيخف بشأن احتمال تصاعد الوضع في الجولان، أجاب: “أعتقد ذلك”.

غير أن نجاح هذا التفاهم على الأرض السورية ليس فقط حاجة إسرائيلية، تضيف المصادر، بل هو أيضًا حاجة روسية. ففي وقت تأمل موسكو برفع تدريجي للعقوبات الأميركية عنها وبتليين واشنطن موقفها تجاه أدائها في شبه جزيرة القرم، لا بد لها من إظهار حرص تام على تنفيذ الاتفاق الذي حصل بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هلسنكي، وأبرز جوانبه متّصل بضمان أمن إسرائيل وإبعاد الإيرانيين من الجنوب.

والواقع أنه، في أعقاب القمة الأميركية – الروسية، بدأت واشنطن تشكك بقدرة روسيا على سحب قوات الجمهورية الإسلامية كما تعهدت، وقد رأت أنها تناور في هذه القضية، خصوصًا في ضوء قول السفير الروسي في إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، إن روسيا لا تستطيع إجبار إيران على مغادرة سوريا، كون وجودها “لا يخالف القانون الدولي” ويلعب “دورًا أساسيًا لمحاربة الإرهاب” في البلاد، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الروسية الرسمية “سبوتنيك”.

ومخافة أن يتهدد هذا الواقع التنسيقَ العائد بين واشنطن وموسكو، قبل قطف ثماره، يبدو الأخيرة قررت إبداء جدّيتها في تنفيذ تفاهمات هلسنكي عبر تفعيل جهودها لتطبيقها. فهل يسمح أداؤها هذا وحسنُ نيتها، بفتح الباب على لقاء يجمع وزيري خارجيتي البلدين مايك بومبيو وسيرغي لافروف في سنغافورة يومي الجمعة والسبت المقبلين على هامش قمة آسيان، بعد أن كان “الحرد” الأميركي من الروس أقفل الباب عليه في الأيام الماضية؟

وبحسب المصادر، فإن موسكو لن توقف جهودها لتنفيذ هلسنكي عند الحدود السورية – الإسرائيلية، بل ستواصلها عند الحدود اللبنانية – السورية أيضًا. فهي وبعد أن نشرت شرطتها في أكثر من بقعة على الجانب السوري، ستطلب من بيروت تكثيف جهودها العسكرية ليحكم الجيش اللبناني وحده سيطرته على طول الحدود وسد الثغرات المتبقية التي يعبر منها “حزب الله” من وإلى سوريا.