تحقيق رولان خاطر
هي المرة الأولى في التاريخ الكنسي واللاهوتي تقفَل كنيسة أمام المؤمنين في جديتا بسبب خلافات بين أبناء الرعية والكاهن، حسب ما اكد القرار الإداري الصادر عن متروبوليت مطرانية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الارثوذكس أنطونيوس الصوري.
كنيسة القديس جاورجيوس في جديتا مقفلة الى إشعار آخر. وتسلم جميع مفاتيح الكنيسة وقاعاتها وأملاكها وكامل ما يختص بالوقف الى من ينتدبه راعي الابرشية لتنفيذ هذا القرار”، هذا ما يقوله قرار المطرانية، ويضيف: “عند الضرورة وفي حالات الوفاة والجنائز والعمادات. يمكن الاتصال بدار المطرانية لتعيين كاهن لاتمام الخدم والاسرار الكنسية”.
أساس المشكلة!
الاتهامات التي تساق ضد الكاهن، مالية، وسياسية اضافة إلى قضايا تحرش. فالفريق الذي يتبنى هذه الاتهامات ينتقل من تهمة إلى أخرى من دون أي إثبات أو أي مسوغ قانوني، كما أكدت مصادر كنسية لـIMLebanon. وعلى المقلب الآخر، فإن من يناصرون الكاهن، يرفضون هذه الاتهامات ونبش القبور، خصوصاً أن الفتيات التي تم اتهام الكاهن بالتحرش بهنّ، وقفن الى جانب الأب بولس حداد، ولا زلن على تواصل معه وشاركن في الاعتصام الذي نفذ يوميا في الضيعة من أجل فتح الكنيسة ودعما للكاهن.
ويشرح هؤلاء المناصرين لـIMLebanon أن الفريق الذي تكتل ضد الأبونا حداد” وهم 4 او 5 اشخاص فقط، وابنة احدهم هي ضمن فريق عمل أبونا بولس ولا تفارقه، يستند في اتهاماته إلى حادثة جرت في العام 2008، وأعيد اليوم فتحها.
اما تفاصيل هذه الحادثة فتعود إلى مبنى “الأنتش” وهو ما يعرف بالصالة التابعة للكنيسة، والمؤلف من طابقين، حيث كان احد الأشخاص من بلدة جب جنين اي من مسقط رأس الكاهن بولس الحداد يستأجر الطابق الأرضي منه لتشغيله كناد رياضي للشباب، لكن وصلت معلومات للكاهن على ان المستأجر يستخدم الطابق العلوي من المبنى للقيام باعمال منافية للحشمة والأخلاق مع الفتيات، فاستحصل الكاهن بولس الحداد في 22/11/2008 على إذن من المطران اسبيريدون خوري وهو المطران السابق على المطرانية، بوضع كاميرا داخل الحمامات في صالة “الانتش” لمراقبة المستأجر وضبطه بالجرم المشهود كي يستطيع الكاهن فسخ عقد الايجار معه، خصوصاً أن فسخ العقد من دون أي سبب شرعي يحتّم غرامة مالية على الكنيسة، فقام الكاهن بوضع الكاميرا، لمدة 3 أيام فقط، وتم ضبط المستأجر بالجرم المشهود، وتم فسخ العقد معه.
كما أن هناك من الفريق المناوئ للكاهن دخل أخيرا إلى المجلس الرعوي للكنيسة، وعمل على مهاجمة الكاهن، وطلب الحصول على كشف حساباته كاملة، خصوصاً أن راتب الكاهن ومصاريفه المالية تحوّل من المطرانية إلى حساب الكاهن. هذا إضافة إلى “تعيير” الكاهن بالانتماء إلى جهة حزبية وهي “القوات اللبنانية”.
من هنا، فإن أهالي جديتا يرفضون رفضاً قاطعاً توصيف المشكلة على أنها بينهم وبين الكاهن. وفي نقاش مع العديد من الأهالي يؤكدون أن الخلاف هو بين قلّة لم تعرف الايمان، بعيدة عن أجواء الكنيسة، حاولت في محطات عدة، وعبر وسائل عدة، حزبية وعائلية واجتماعية وغيرها أن تكون ذات شأن في الضيعة، فلم توفَق، لأن تاريخها معروف، وهي اليوم، وعدد افرادها لا يتعدون عدد أصابع يد واحدة، يتسببون بـ”مكرهم” بإقفال بيت الله أمام المؤمنين في سابقة لم تعهدها الكنيسة الأرثوذكسية.
موقع IMLebanon تواصل مع احد من يحملون على الكاهن، فقال من دون الكشف عن اسمه: “لم ولن نخطو اي خطوة اذا لم نكن متأكدين بالوثائق والدلائل من صحتها، فنحن لا نتجنى على احد، وما نقوم به حفاظا على موقع الكنيسة، والكاهن، ونحن نخاف مار جرجس”، معتبرا أن “لا مرجعية دينية في العالم يمكن أن تمنح إذنا لأي كاهن بوضع كاميرا مراقبة داخل حمام”.
وأضاف: “نحن ضد اقفال الكنيسة، جل ما نريده محاسبة الكاهن على أدائه، ولا نريد محاسبة في الاعلام، بل أن تكون داخل المطرانية لأن هذا الأمر يتعلق بها”.
ووصف الكاهن بالاستفزازي والمتسلط والمتشبث، ولديه مشكلة مع نحو 54 عائلة. كما كشف أن هناك نحو 28 شخصاً أوكلوا المحامية كارول الراسي بتحضير ملف للادعاء على الأبونا، قسم من المدعين من المجلس الرعوي للكنيسة وقسم آخر من الرعية، ووصله انذار رسمي من قبلهم. كما كشف عن عريضة موقعة من 54 بيتا في الضيعة ضد الكاهن حداد.
أبونا بولس… “الشجرة المثمرة“!
امام كل هذه الخلافات التي امتدت لنحو سنة تقريباً، طلب الأبونا بولس حداد اللجوء الى المجلس التأديبي الاكليريكي لتبيان الحقيقة، فأصدرت مطرانية زحلة وبعلبك وتوابعها للروم الأرثوذكس قرارا معللا، يستند الى المادة 24 من نظام المجالس التأديبية الاكليريكية في الكرسي الأنطاكي للروم الأرثوذكس بحسب النظام الداخلي للكرسي الأنطاكي الصادر عن المجمع المقدس في 7 نيسان 1983، يقضي بإقفال الكنيسة إلى اشعار آخر.
هذا القرار تم الاعتراض عليه من قبل أهالي الضيعة، الذين يسألون عن سبب عدم تعيين كاهن آخر مؤقتا يقوم بمهام الكاهن بولس حداد ريثما ينتهي المسار القانوني ويتم البت بالحلول كلها؟
ويضيفون أن “قرار اقفال الكنيسة قرار كبير، فهل يجوز بحالة الأب بولس حداد اتخاذ قرار على هذا المستوى من الضخامة؟ وهل باتت قلة قليلة تحت شعار انها من ابناء الرعية، ان تتحكم بمسار طائفة بأكملها؟
هل بات كل المؤمنين في جديتا أكانوا أرثوذكس أم غيرهم يرتهنون لاعتبارات شخصية ومزاجيات أنانية ومصالح فئوية لبعض الأشخاص؟
هل بات مصير كاهن اتسمت مسيرته بروح العطاء والمحبة والتضحية في سبيل الانسان والله بين أيدي بعض الماكرين والمدعين؟
أليس من واجبات المطرانية أن تحمي الكاهن وتصون كرامته إلى حين البت بأي شكوى مقدمة ضده؟ هل بات أيّ مدع قادر على التطاول على الكنيسة وعلى شخص كاهنها تحت شعار ان “جسمهم لبيس” فتسوغ له نفسه الاعتداء عليه وتناول كرامته على العلن من دون أي حماية؟
ألم تعرف المطرانية ان قراراً كهذا سيصنف في خانة انتصار فئة على أخرى، وبالتالي كان يمكن معالجة الموضوع من دون اتخاذه؟
ولماذا تخلط المطرانية بين القمح والزؤان، فيما الحصاد كثير والفعلة قليلون؟
وفيما يؤكد الأهالي أن الأبونا بولس هو تلك “الشجرة المثمرة التي ترشق بالحجارة”، يعتبرون أن هناك مسؤولية كبيرة ملقاة اليوم على عاتق المطرانية وعلى شخص المطران تحديدا، خصوصاً أنه المرجع الأول والأخير وقراره لا يقبل المراجعة.
رأي المطرانية!
موقع IMLebanon اتصل بمطرانية زحلة للروم الأرثوذكس، للاطلاع على رأيها وسبب قرارها بالاقفال وهل كان يمكن تجنب هذا الاجراء بإجراء بديل لا يؤدي إلى إقفال الكنيسة؟ ومتى ستفتح الكنيسة؟ فكان الردّ بأن “المطران لن يتكلم الى الاعلام وهذه المسألة كنسية”.
اليوم، وبعد اعتصامات واعتراضات عدة من اهالي الضيعة، الكنيسة فتحت، لكن، بات ضرورياً الاسراع في بت قضية الأب بولس حداد، بريئاً ام مذنباً، لأن المسألة باتت مسألة رأي عام، والاستهتار بها سيجعل أي طائفة او كنيسة تسأل اليوم، من يحمي راعيها؟
ملاحظة: ان موقع IMLebanon يمتلك كل تسجيلات المقابلات التي قام بها وأسماء الفرقاء جميعاً المعنيين في القضية إلا أنه احتراماً للخصوصية وبناء على طلب اصحابها وتفادي المراجعات القانونية لم ينشر الأسماء مع الاحتفاظ بحقه بنشرها كاملة عند الضرورة.