كتبت صحيفة “الأخبار”: ماذا يجري في مطار بيروت الدولي، ومن المسؤول، من رئيس الحكومة إلى وزراء الأشغال والسياحة والمال ومديرية الطيران المدني ورئاسة المطار وحتى الميدل إيست؟
منذ فترة تتزايد الشكوى من قدرة أجهزة التكييف في صالات المغادرين والقادمين في المطار، إلى أن وقعت الواقعة، أمس، وفي عزّ موسم الاصطياف، لا بل موسم الذروة، حيث قدّرت دوائر المطار الأمنية عدد الركاب بين الذهاب والإياب بنحو أربعين ألف راكب يومياً، وهذا الرقم قابل للارتفاع من الآن وحتى العاشر من أيلول المقبل.
وفي التفاصيل، تعطلت بعد ظهر أمس، بصورة شبه كاملة في صالات وممرات الوصول أجهزة التبريد، بسبب عدم قدرة الماكينات والتمديدات على استيعاب حرارة الطقس التي لامست حدود الـ 35 درجة، وشملت الأعطال في التبريد معظم الجناح الشرقي (من إلى 11) وتراجعت قدرتها أيضاً في الجناح الغربي. وشملت الأعطال خصوصاً الأروقة المخصصة لعبور المسافرين بين أبواب الطائرات وبهو المطار الداخلي الذي يؤدي إلى نقطة الأمن العام.
وقال أحد المهندسين في المطار لـ «الأخبار» إن الماكينات التي تتولى التبريد فُحِصَت، وتبين أنها تعمل بكامل طاقتها، لكنّ العطل الأساسي هو في التمديدات المتهالكة التي صار عمرها 22 سنة، علماً بأنه منذ 3 سنوات، «أعددنا تقارير رسمية عن احتياجات المطار، ولا سيما موضوع التمديدات، وما زلنا حتى اليوم ننتظر من يفرج عن الاعتمادات، خصوصاً أن الخرائط موجودة في دار الهندسة ولا نحتاج إلا إلى كبسة زر».
العطل غير المفاجئ والمرشَّح لأن يتكرر يومياً، فاقمه، أمس، إقدام العاملين في شركة نقل الحقائب على فتح كل الأبواب من أجل التسريع بنقل الحقائب، ما أدى إلى زيادة الضغط على ماكينات التبريد والتمديدات التي أصاب الصدأ معظمها، فكان أن تعطلت، قبل أن يصدر قرار عن رئاسة المطار بإقفال هذه الممرات والبوابات التي سبّبت دخول تيارات هوائية ساخنة إلى بهو المطار من جهة الوصول.
وترافق ذلك مع تلقي المسؤولين في المطار رسائل تنبيه من الأجهزة الأمنية المعنية وشركات الطيران ووكالات السفر والسوق الحرة والمطاعم، بدءاً من 20 تموز المنصرم، بوجوب اتخاذ إجراءات، بينها تغيير التمديدات وزيادة أعداد ماكينات التبريد، لكن أحداً لم يتعامل مع الأمر بمسؤولية حقيقية، إذ جرى ترقيع الوضع. حتى إن بعض الموظفين في السوق الحرة وشركات الطيران اضطروا إلى التخفيف من لباسهم الرسمي لمواجهة درجة الحرارة التي تجاوزت الثلاثين درجة في أيام عدة هذا الموسم، واستُدعي الدفاع المدني لمعالجة حالتي إغماء على الأقل بسبب الزحام وارتفاع درجات الحرارة. كذلك بادرت بعض الشركات (أطعمة وحلويات وعصائر) إلى نقل بضائعها إلى المستودعات المبردة بعدما كثرت شكاوى الزبائن.
وقال ممثل لشركة تبيع الحلويات والمأكولات إن أعماله تعرضت لضرر كبير، وإن بعض الزبائن أصروا على إعادة البضائع بسبب التلف الذي أصابها جراء وقف التبريد في جناح الشركة في السوق الحرة في المطار.
وقال عاملون في المطار لـ «الأخبار»، أمس، إنه كان اليوم الأسوأ، خصوصاً لجهة الوصول، وبالطبع يستثنى من ذلك صالة الدرجة الأولى وصالون الشرف اللذان لم يتأثرا بالأعطال، ما جعل المسؤولين لا يشعرون بالكارثة القائمة في عزّ الموسم السياحي.
وقال أحد القيِّمين على المطار لـ«الأخبار»، أمس، إن ثلاثة اجتماعات «عُقدت منذ سنة حتى الآن، ووُضعَت خلالها لائحة بالأجهزة الطارئة التي لا بد من توفيرها على وجه السرعة قبل أن تقع فضيحة في المطار، ومنها شبكة تمديدات التبريد والتدفئة، والأهم جهاز الـ convey bags، أي ناقل الحقائب الذي يصاب بأعطال يومياً، ولا نعرف متى يتوقف نهائياً، فتكون فضيحة لا مثيل لها»، ويشير إلى أن حمامات المطار باتت «جرصة حقيقية»، و«قد قلنا لهم إن الأجهزة الصوتية مهددة بالتوقف نهائياً، ولم يبالِ أحد، وطلبنا أيضاً شراء جسور جديدة (مخصصة لعبور الركاب من الطائرة إلى المطار)، ولم يبالِ أحد بالأمر، علماً أن هذه الجسور باتت متهالكة بشهادة الجميع».
لا يقتصر الأمر على هذه الشوائب، بل ثمة شكوى أيضاً من عدم صرف اعتمادات لتجهيزات أمنية حساسة، بينها كاميرات المطار، حيث تبين «أنها تنتظر قرار ديوان المحاسبة بالإفراج عنها»، على حدّ تعبير أحد القيِّمين على المطار، ويختم بالقول: «كل المسؤولين يعلمون أن مطار بيروت من سيئ إلى أسوأ، ولا أحد يتحمل المسؤولية منهم من دون استثناء، والأنكى من ذلك فضيحة مكبّ النفايات في الكوستابرافا، الذي صار هناك تقرير عند المسؤولين عن تداعياته المستقبلية على المطار والطيران».