IMLebanon

السفير الياباني: الكاراتيه ليست للقتال

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

البحث عن مثالية الطباع، والوفاء، واحترام الآخرين، والحدّ من السلوك العنيف… من المبادئ التي يكتسبها لاعبو «الكاراتيه شوتوكان»، لتصبح جزءاً من حياتهم وشخصيّتهم. فهذه الفنون القتالية التي يُخيّل لنا أنها مبنيّة على العنف تهدف في الحقيقة إلى زرع السلام، وزيادة الثقة في النفس، وإكساب ممارسيها الانضباط… الذي يشتهر به اليابانيون. وكون هذه الممارسة جزءاً من الثقافة اليابانية ترعاها السفارة اليابانية في لبنان، داعمةً منظمة « ISKF» (International Shotokan Karate Federation) لبنان، خصوصاً أنها تهدف إلى نشر الثقافة اليابانية وأسرار انضباط اليابانيين بين اللبنانيين.

ويؤكد السفير الياباني الى لبنان ماتاهيرو ياماغوشي لـ«الجمهورية»، أنّ هناك فِرقاً عدة تمارس رياضة الكاراتيه الشعبية جداً في لبنان، ولكنّ الفارق بينها وبين الاتّحاد الدولي للكاراتيه شوتوكان (ISKF) أنّ الآخرين هدفهم القتال والربح، بينما لا يهدف الاتّحاد إلى تعليم ضرب الآخر بل إلى تطوير الانسان جسدياً ونفسياً، على الطريقة اليابانية، ولذا يعتبر أنّ اختياره لممارسة الكاراتيه هو الصحيح.

ويشدّد على أنّ «وراء لعبة الكاراتيه ثقافة وهي لا ترتكز على القتال فقط، بل على أفكار تدعم الانضباط الشخصي الذي يحتاج له الناس والمجتمعات».

أوكازاكي

في كل عام تستضيف منظمة «ISKF» لبنان مدرّباً يابانياً، ينقل خبرته للمولعين بالفنون القتالية، ويدلّهم على طريق المثالية والكمال التي سيسلكونها عبر ممارسة الكاراتيه شوتوكان. وتقيم السفارة عشاءً على شرفه في حضور أعضاء المنظمة.

هذا العام، حلّ كبير مدرّبي «ISKF» هيرويوشي أوكازاكي (حزام أسود 9 دان) ضيفاً على لبنان آتياً من الولايات المتحدة.

ويتحدث أوكازاكي لـ«الجمهورية» عن مسيرته خصوصاً أنه ابن أخ المدرب الياباني الماستر تيرويوكي أوكازاكي (10 دان)، مؤكّداً أنه بدأ الممارسة في سنوات المراهقة بعدما كان يشاهد عمّه، المدرب السابق لمنظمة «ISKF».

قرّر هيرويوشي أوكازاكي الذهاب إلى الولايات المتحدة للدراسة، ولكنّ أهله اشترطوا عليه احتراف الكاراتيه، «ليحمل هويّته إلى أميركا، خصوصاً أنّ الكاراتيه من سمات الثقافة اليابانية»، فدرس الكاراتيه تحت إشراف عمّه قبل أن يغادر.

ويؤكد أنه «استمتع بالممارسة كثيراً، حتّى إنه لم يعد يتمكّن من العيش من دون أن يتدرّب يومياً».

وبعدما تخرّج من الجامعة قرّر التفرّغ للتدريب والمنافسة فباتت الممارسة جزءاً من عمله.

يرى أوكازاكي أنّ من أبرز إنجازاته هو إكمال مسيرة عمّه، إذ إنه أصبح المدرب الرئيس لـ«ISKF».

ويوضح أنّ عمّه وصل إلى الولايات المتحدة في ستينات القرن الماضي، وأنشأ هذه المنظمة التي انتشرت عبر العالم، قائلاً: «أنا فخور جداً باستلامها».
ويشدّد على أنّ السرّ الوحيد لتطوّر لاعب الكاراتيه يكمن بالممارسة المستمرة.

ويختار أوكازاكي التدريب بدل المنافسة مشيراً إلى أنه «لا يستمتع دائماً بالمنافسة لأنها تجعل الشخصَ متوتراً وخائفاً من أن يُجرح أو يَخسر». لكنه يعتبر أنّ «المنافسة هدف، ويتدرّب بكدّ لها ويستمتع بمسيرة التدريب».

ويلفت أوكازاكي إلى أنّ الكاراتيه ذهبت نحو الرياضة، عندما دخلت عالم المنافسات، وباتت أكثر شعبية، مذكّراً أنه «يعلّم الفنون القتالية التقليدية والتي تتّخذ اتّجاهاً آخر».

ويوضح أنّ «ISKF» «ليست منظمة رياضية، بل تهدف إلى تطوير الفكر والجسم والروح لنصبح أشخاصاً جيدين، وهذه أهم أهدافنا».

التواصل مع الخارج

يكفي أن يتحدّث المرء إلى عشّاق الكاراتيه شوتوكان في لبنان ليدرك مدى تأثّرهم بمبادئها التي باتت جزءاً من حياتهم اليومية وشخصيتهم.

كما يرفض هؤلاء بدورهم اعتبارَها مجرّد رياضة لأنها بالنسبة إليهم أسلوب حياة متكامل.

ويؤكّد رئيس منظمة «ISKF» لبنان فادي عون لـ»الجمهورية» أنّ «التواصل بدأ مع «ISKF» في الولايات المتحدة وأقمنا علاقة مباشرة معها منذ العام 1997، وذلك بسبب التقصير الرسمي في اتّحاد الكاراتيه وفي اللجنة الأولمبية في لبنان، وقد زار أوّلُ أستاذ ياباني بلادنا حينها، قبل أن يأتي أوكازاكي العمّ مرات بعده».

ويشدّد عون على أهمّية المحافظة على روابط متينة مع مؤسّسي اللعبة اليابانيين والاستفادة من خبراتهم ومعاينة مسيرتهم، خصوصاً أنهم يشكلون قدوةً ومثالاً لجميع اللاعبين.

ويشير إلى أنّ الاتحاد لا يهدف إلى استقطاب أشخاص جدد لزيادة عدد المنتسبين إلى عالم الكاراتيه في لبنان، بقدر ما يهمّه زرع الطموح في أذهان الناس ودفعهم إلى طلب المزيد من المعرفة والانضباط والمثالية عبر ممارسة الكاراتيه، قائلاً: «بالممارسة المستمرة يصبح الشخص أفضل دائماً».

ويرى أنّ انضمام العديد من اللبنانيين إلى منظمة الإتّحاد الدولي للكاراتيه شوتوكان (ISKF) بعد ممارستهم رياضة الكاراتيه الجسدية لسنوات قرارٌ يعبّر عن نضوج وطموح لاكتساب مستوى رفيع وطريقة حياة، وفلسفة خاصة.

وينقل عن الممارسين استمتاعهم بالرحلة على طريق المثالية والكمال.

وسبق أن قدّمت السفارة منحةً للمنظمة من السلطات اليابانية وهي كانت الأولى التي تُمنح لمنظمة غير حكومية في المنطقة.

وعن التعاون مع السفارة، يؤكّد عون أنها تهتمّ بمنظمة ISKF لبنان لأنها تنشر الثقافة اليايانية على الأراضي اللبنانية.

في العام 2016 شارك لبنان ببطولة العالم للاتّحاد الدولي للكاراتيه شوتوكان إلى جانب حوالى 30 دولة في جنوب أفريقيا وحصد ميداليات ذهبية.

وفي أيلول المقبل يشارك نحو 37 لبنانياً في البطولة الأوروبية، في برلين، خصوصاً أنّ «جيل الشباب يحتاج للرياضة، والمنافسة والحوافز».

ويشير عون إلى أننا «في البداية نمنحهم الحوافز لتعلّم الكاراتيه وفي الوقت عينه، نجرّهم بهدوء ليصبحوا مدرّبين»، لافتاً إلى «أهمّية توجيه الأطفال على هذا الدرب لأنه يطوّر النفَس».

وليست عائلة أوكازاكي وحدها التي تصرّ على توريث حبّ اللعبة لأبنائها، بل يؤكّد عدد كبير من الممارسين اللبنانيين أنهم شجعوا أبناءَهم وبناتهم على خوض عالم الكاراتيه، وتشرّب هذه الثقافة. كما أنّ عدد السيدات الممارِسات للكاراتيه في لبنان والمنتسبات إلى «ISKF» كبير.