كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”:
إن حَملَ «ديوجين» قنديله وعاد ليبحث في برميله عن الساعين إلى إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، لن يجد من ينافس موسكو بتنفيذ برامج «العودة الطوعية» من 46 دولة انتشر فيها 7,1 ملايين نازح ولاجىء. واستعداداً لهذه الخطوة جنّدت موسكو جنودها في سوريا للإمساك بمعابرها البريّة وفتح البحرية والجوية. فالقيصر لن ينتظر أحداً. لماذا؟
بعيداً من التحضيرات في دول الجوار السوري وأوروبا، أطلقت القيادة الروسية سلسلة خطوات جدّية في سوريا وخارجها للإمساك بملف اللاجئين، بشكل يوحي بأنها لن تنتظر من يسعى الى استغلال الخطوات المقررة بحثاً عن انتصارات وهمية داخلاً او خارجاً.
وتكشف مصادر دبلوماسية اوروبية وأممية، عن أنّ موسكو عبّرت عن جدّية غير مسبوقة في تحضيراتها ولم تنتظر الكثير من الإجراءات الروتينية، لاستنادها على ما يبدو الى اتفاق هلسنكي تحت مظلة قمّة بوتين ترامب، فظهر جلياً أن موسكو قطعت أشواطاً بعيدة في رسم ما سمّته «صورة واضحة لمواعيد وقواعد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم»، كاشفة عن ما رتّبته الى الأمس من «عمل مشترك ووثيق مع المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة لتنفيذ هذه العملية» وفق ما أعلن عنه رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الإتحادية، اللواء ميخائيل ميزينتسيف، في جلسة لمكتب التنسيق الخاص بملف إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وبالرغم من هذه الإجراءات المُعلن عنها، لا تغفل القيادة الروسية في خططها، إدراكها لوجود الكثير من المناطق المدمّرة التي يستحيل العودة إليها قريباً أو لاحقاً بموجب المسح الجوي والبرّي الذي أجرته القيادة الروسية. وبالرغم من هذه العوائق، فقد كشف اللواء ميزينتسيف أنّ العمل السريع الذي قامت به البعثات الروسية إنتهى الى «وجود فهم دقيق لمواقف جميع الدول وتشكّل الصورة الواضحة لمواعيد وقواعد إعادة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة». وانتهى الى القول: «تمّ رسم تفاصيل المهمات وتحديد تسلسل ونظام العمل في إطار تنفيذ هذه العملية الإنسانية». وهو ما يوحي بأن الجانب الروسي تلقى الأجوبة النهائية عن سلسلة الأسئلة التي طرحها على مختلف دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية.
بناءً على ما سبق، يبدو واضحاً أنّ القيصر أعطى القيادة الروسية الحق باتخاذ كل الإجراءات في مختلف الميادين. وقد انتهت هذه القيادة الى بعض الخطوات العملية ومنها:
– تمركز مراقبين روس في مختلف المعابر البرّية والجوية والبحرية العاملة رغم ظروف الحرب وتلك المحتمل ان تعود الى العمل.
– نشر المراقبين الروس إلى جانب قوات «الأوندوف» في الجولان، بالإضافة الى المعابر التي تستعد سوريا لفتحها مع الأردن، كما معبر نصيب والى يمينه ويساره ثلاثة معابر أخرى، وكل ذلك يتزامن مع انتشار اللواء السوري الخامس الذي بدأت روسيا بإعادة تدريبه وتسليحه.
– نشر المراقبين الروس على المعابر البرية مع لبنان وفي منطقة القلمون الى جانب اللواء الحادي عشر الذي تعيد روسيا بناءه أيضاً، والذي سيتسلم القصير وحمص وربما امتد لاحقاً الى حلب وحماه.
وعليه لا يمكن قراءة كل هذه الإجراءات بمعزلٍ عن التحضيرات الجارية للإمساك بالأرض السورية وتوفير الضمانات التي يحتاجها العائدون وفق المواثيق الدولية.
كما كشف المسؤولون الروس عن فتح 7 مراكز ومعابر إضافية لاستقبال النازحين، كما شرح رئيس مركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين التابع لوزارة الدفاع الروسية، معنى الرقم الأول للنازحين الذي تحدثت عنه موسكو عندما قالت ان 1,7 مليون سوري عبّروا عن رغبتهم بالعودة الطوعية الى بلادهم ومنهم 890 الفاً من لبنان. وكشف المسؤول الروسي عن عودة أكثر من 200 نازح من لبنان إلى سوريا خلال الساعات التي سبقت نشر التقرير عبر ممر القصير، من بينهم 61 إمرأة و102 طفل. كما أجرى جردة سابقة جاء فيها انه ومنذ 18 تموز 2018، عاد من لبنان 4375 نازحاً، بما في ذلك 2893 شخصاً، عبر معبر الزمراني، و1135 شخصاً عبر معبر جديدة يابوس، و146 شخصاً عبر الدبوسية. لافتاً الى أن 318 شخصاً عادوا إلى سوريا من الأردن عبر ممر «نصيب» الحدودي.