مع حلول تاريخ 6 آب 2018، ستعيد الولايات المتحدة فرض أول حزمة عقوبات اقتصادية على إيران، كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب أعلن، في أيار الماضي، إعادة العمل بها، بالتوازي مع إعلانه انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الايراني.
وبحسب وزارة المالية الاميركية، ستُفرض العقوبات على عمليات شراء الدولار الأميركي من قبل النظام الإيراني، وعلى تجارة الذهب والمعادن الثمينة، وستشمل عمليات نقل المعادن كالألومنيوم سواء داخل أو خارج إيران، وقطاع السيارات الإيراني. وسيتم فرض عقوبات على المعاملات التجارية الهامة التي تعتمد على الريال الإيراني في البيع أو الشراء، وعقوبات أيضا على الحسابات البنكية التي تحتفظ بمبالغ كبيرة من الريال الإيراني خارج إيران، حسب تقرير للمجلس الأطلسي، في وقت أعلنت واشنطن أنها لن تستورد بعد هذا التاريخ (6 آب) السجاد الإيراني وبعض المواد الغذائية مثل الفستق، بالإضافة إلى عدم تصدير الولايات المتحدة الطائرات المدنية إلى إيران.
وفي حين أمهلت إدارة الرئيس ترامب الشركات الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات، 90 يوما لإنهاء تعاملاتها التجارية مع إيران، غادر “الجمهورية الاسلامية” ما يزيد عن 10 شركات عالمية تحسبا للعقوبات، منها: بوينغ، جنرال إلكتريك، ميرسك، بيجو، مجمع تكرير ريلاينس، سيمنس، توتال للغاز والبترول.
ويتوقع ان تستمر حركة “الاياب” هذه في ظل تلويح واشنطن مرارا بأنها لن تتردد في معاقبة الشركات الأميركية والأجنبية التي لن تمتثل لقرار إعادة العقوبات على إيران.
هذا التشدد الاميركي العائد الى ايران أرخى بظلاله السلبية، بقوة، على الاوضاع الاقتصادية داخلها. فقد انهار أخيرا سعر العملة الإيرانية المحلية ووصل سعر الدولار إلى 118 ألف ريال إيراني هذا الأسبوع في السوق السوداء.
ودفع هذا الواقع بالايرانيين الى الشارع مجددا، حيث اتسعت في الايام الماضية رقعة الاحتجاجات في البلاد لتصل إلى العاصمة طهران، وقد ارتفعت اصوات الايرانيين ضد تردي أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، منتقدين في الوقت عينه ذهاب ثرواتهم لصالح دعم أذرع ايران العسكرية المنتشرة في الشرق الأوسط من حزب الله في لبنان الى الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، فيما هم يعانون البطالة ويكتوون بالفقر والعوز.
وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، فإن الرئيس الاميركي يراهن على ان تؤدي هذه الظروف كلّها، حيث يشتد الطوق من الداخل والخارج حول “عنق” النظام الايراني، الى “استسلامه”، فيعود الى طاولة المفاوضات مجددا مع واشنطن، للتوصل الى اتفاق جديد بين الطرفين، يكون هذه المرة أكثر ملاءمة لمصالح الادارة الاميركية.
حتى الساعة، تبدي طهران تشددا ازاء المواقف الاميركية التي تتحدث عن انفتاح لا بد ان تبديه ايران في اتجاه واشنطن، حيث أكد قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أن إيران “ليست كوريا الشمالية” ولن تقبل دعوة ترامب للتفاوض. والواقع، بحسب المصادر، أن الجمهورية الاسلامية ستحاول المماطلة حتى تشرين المقبل، موعد الانتخابات النصفية الاميركية، معوّلة على انتصار الديمقراطيين فيها، على أمل ان يعيد هذا التطور، الليونةَ الى الطروحات الاميركية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هل ستصمد ايران في وجه العقوبات والتظاهرات حتى هذا التاريخ؟ وماذا لو فاز حزب ترامب مجددا في الانتخابات المرتقبة؟