كتبت هبة سلامة في “الاخبار”:
إعلانات وعروضات كثيرة لبضائع مختلفة تصادف مرتادي موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، حتى بات الموقع الأزرق أشبه ببازار شعبي كبير يوفّر لروّاده «اكتفاءً ذاتياً». لكن، من يحمي المستهلك من غشّ تجار الـ«أونلاين»؟
طلبت زينة فستان زفافها من «متجر» افتراضي على الفايسبوك بعدما تواصلت مع «البائع» ــــ الافتراضي أيضاً ــــ وزوّدته بالمقاسات المطلوبة. بعد عشرة أيام، وصل الفستان «دليفري»، لتكتشف أن «نوعية البضاعة لم تكن كما وصفها لي، ولم يكن بالمقاسات التي طلبتها». عليه، «تواصلت مع البائع شاكية، فردّ، ببرود، بأنّ خيار البدل أو الإرجاع غير وارد بتاتًا! أردت التوفير عبر الشراء أونلاين وانتهى بي الأمر الى شراء فستان آخر».
ولأن فتح «محل» على الفايسبوك لا يتطلّب أكثر من «تأسيس» صفحة على الموقع وتحميل بعض الصور، بات كثيرون تجاراً في هذا البازار الافتراضي الذي يضمّ كل أنواع البضائع التي يمكن شراؤها بـ«كومنت». السهولة في العرض مع صعوبة التأكد من نوعية البضائع وجودتها، توقع كثيرين ضحايا للصورة. إذ «ليس كل ما تراه جميلاً في الصورة هو كذلك في الواقع»، وفق زينة.
تنقسم المحال الافتراضية على الفايسبوك إلى ثلاثة أنواع: محال «واقعية» تستخدم الموقع كوسيلة إعلانية رخيصة وسهلة للترويج لبضائعها، وأخرى افتراضيّة لتجّار يعرضون بضاعتهم على الفايسبوك فقط، وثالثة لـ«سماسرة» يتّفقون مع التّجار على عرض بضائعهم مقابل نسبة من الأرباح.
في الفئة الأولى، يُستخدم الفايسبوك وسيلة للترويج لبضائع تباع في محال فعلية ولا يُعوّل كثيراً على البيع الافتراضي.
وفي الفئة الثانية، يُستعاض بموقع التواصل عن فتح محل بما يوفر على التاجر أعباء مالية كبدلات الإيجارات والفواتير والرواتب. زينب، على سبيل المثال، «تاجرة افتراضية» منذ بضعة أعوام. تشتري مستحضرات تجميل وعطورات من ألمانيا وتعرض صورها على صفحة خاصة. تشير الى أنها تتفادى أعباء مالية كثيرة. لكن، في المقابل تواجه مصاعب «لناحية تصريف البضاعة. إذ عادة ما نحتاج الى وقتٍ أطول لكسب ثقة الزبائن بسبب الخشية من البضائع المقلّدة التي تغرق السّوق». كما أن زبونات المستحضرات التجميلية «يحببن رؤية الألوان على الطبيعة وشمّها».
بتول تعمل في النوع الثالث من التجارة الإلكترونية. إذ تتفق مع تجار على عرض بضائعهم مقابل الحصول على نسبة من الأرباح. تشرح بأن هذا النّوع من الأعمال له إيجابياته وسلبياته، إذ تقضي معظم وقتها «على الفايسبوك. في المحال الواقعية، غالبية الزبائن من المارة، فيما هنا يجب بذل جهود مضاعفة لجذب الزبائن وكسب ثقتهم». وماذا إن كانت البضاعة سيئة أو يعيبها شيء؟ تقول بتول إنّها تطلب القطعة من التّاجر حين يطلبها منها الزّبون، وعندما تصل إليها تتفحّصها جيداً قبل أن تسلّمها، ولكن «لمّا تصير بين إيدين الزبون، غير مسموح البدل أو الإرجاع. هذه سياسة التّجار ولا يهادنون بها».
الأصالة للأصيل
لهذه الأسباب وغيرها، لم تستطع المحالّ الافتراضيّة منافسة المحالّ الواقعيّة بقوّة، لكنّها بلا شكّ أثّرت عليها. توضح ريان، وهي صاحبة متجر لألبسة المحجّبات، أنّ «لدينا صفحة على الفايسبوك نعرض فيها بضاعتنا، لأنها وسيلة إعلان رخيصة، ولأن جميع المحالّ صار لديها صفحات، وعلينا ركوب الموجة. غير أن الزّبائن الذين يقصدوننا من الفايسبوك ليسوا دائمين، ولا يمكن التّعويل عليهم». وتضيف أن العديدات يتواصلن عبر الفايسبوك للسّؤال عن البضاعة، «إلّا أنّ الزّبونات يفضّلن لمس الثياب وتجربتها. ففي مجال الألبسة الشّرعية، لا يمكن شراء الملابس غيبيًاً. قد لا تتناسب القطعة مع جسم الزّبونة، أو أن لا يعجبها ملمس القماشة أو لونها الذي قد يختلف قليلاً عن الصّورة. لهذا، مهما كثرت المتاجر الإلكترونية تبقى الأصالة للأصيل».
من يحمي؟
يؤكّد المدير العام لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة، طارق يونس، أن «التّجارة الإلكترونيّة محفوفة بالمخاطر في كل بلدان العالم، ومن ضمنها لبنان، لأنّ الزّبون لا يمكنه أن يرى السّلعة في الواقع». ويشير الى أن مكتب حماية المستهلك يتلقى شكاوى كثيرة من مواطنين اشتروا سلعاً «أونلاين»، ولم تكن بالمواصفات التي أرادوها، «عندها يباشر المكتب التّحقيق بالأمر. ولكن في بعض الأحيان، قد تأخذ الإجراءات وقتاً، وخصوصاً إذا كان الموقع بلا عنوان. عندها نتواصل مع مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية في قوى الأمن الدّاخلي ونطلب مساعدته». لذلك، يؤكّد يونس أن «المطلوب من المواطن التّعامل مع المواقع والصّفحات الموثوقة والتي لها عناوين محدّدة أو محالّ معروفة فقط كي يتفادى الوقوع بأي مشكلة». وهذه النصيحة هي أقصى ما يمكن أن يقدمه يونس.
خاصية للحماية؟
ماذا لو استخدم التّجار المحال الافتراضيّة وسيلة لغايات أخرى كغسل الأموال مثلاً؟ تجيب لورا حبيش، مديرة الحسابات في شركة «إيدلمان ميدل إيست» (وكالة العلاقات العامّة والإعلان التي تمثّل شركة فايسبوك في الشّرق الأوسط)، بأنّ خاصيّة تحويل الأموال عبر الفايسبوك غير موجودة في لبنان، ولا يتم دفع ثمن البضائع المعروضة على الموقع إلكترونيًاً.
غير أنّ شركة فايسبوك كانت قد أطلقت عام 2016 في الولايات المتّحدة خاصيّة ماركت بليس (marketplace) التي تتيح للمستخدمين عرض الأصناف والبحث عنها بغرض البيع والشراء، وهي متوفّرة اليوم في 51 دولة. كما أعلنت الشركة نيتها إطلاق هذه الخدمة في مصر والمغرب والجزائر. وأوضحت أنّ خاصيّة «ماركت بليس» تتضمّن إجراء صفقات آمنة. كما يشترط أن تكون المنتجات والخدمات المتوفرة للبيع متوافقة مع المعايير المجتمعية والسياسات التجارية الخاصة بمجتمع فايسبوك. ويمكن للمستخدم بسهولة صد الأصناف غير القانونية وإصدار تقارير بخصوصها، والإبلاغ عن البائعين الذين يخرقون القواعد أو الحوارات غير المرغوبة، سواء الخاصة بالأصناف المعروضة للبيع أو تلك المرسلة للمستخدم عبر فيسبوك «مسنجر». كما تتوفر في خاصية «ماركت بليس» مجموعة أدوات لحفظ الحقوق والملكية الفكرية لكل ما يتم عرضه عليها، ومن بينها نماذج تقارير يمكن تعديلها، للإبلاغ عن محتوى غير لائق، إضافة إلى أداة خاصة لإصدار تقارير موجهة، وخصوصاً للإبلاغ عن محتوى تعتقد العلامات التجارية المسجلة أنه يخرق حقوقها الفكرية.
بازار افتراضي
يُفضّل 84% من التّجار والمروّجين حول العالم الفايسبوك لعرض بضائعهم وإعلاناتهم (Social Media Examiner, 2015). 70% من مستخدمي الإنترنت في لبنان يرتادون هذا الموقع يومياً، و43% يرتادونه أكثر من مرّة (Pew Research Center, 2015). وفي عام 2015، كان لدى 78% من اللبنانيين حضور على الفايسبوك الذي يستحوذ على 95.2% من الحركة التّجارية على مواقع التّواصل الاجتماعي، (وكالة استزادة للتسويق عبر الإنترنت). ويعود ذلك إلى سهولة العرض والتّرويج، «فللبائع الخيار في تحديد الشريحة المستهدفة والعمر والمنطقة وميول الزبون واهتماماته، ببضعة دولارات فقط»، بحسب مسؤولة في شركة للتسويق الإلكتروني.