على الرغم من زحمة اللقاءات والمشاورات على خط تأليف الحكومة، إلا أن الطريق إلى بلوغها مرحلة التشكيل مقطوعة بحواجز “اسمنتية” من عقد المحاصصة والتمثيل تبدأ بمطالب “الحزب التقدمي الاشتراكي” بأن يكون التمثيل الدرزي جنبلاطياً صرفاً من دون مشاركة “أرسلانية” فيه، مروراً بشروط “القوات اللبنانية” بضرورة احترام النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية، فضلاً عن مضمون “تفاهم معراب”، وصولاً إلى إصرار النواب السنّة من خارج عباءة “تيار المستقبل” على حقّهم بالتمثيل في الحكومة بوزيرين أسوةً بغيرهم.
وما بين هذه العُقد الثلاث الداخلية، “إشارات” خارجية بفرملة التشكيل إلى أجل غير مسمّى كما يُعلن بعض من يدورون في فلك “قوى الثامن من آذار”، متّهمين السعودية بالوقوف وراء عرقلة التشكيل، وهذا ما دفع المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى نفي ذلك، معتبراً في بيان أن “ترويج مثل هذه الأخبار الملفقة والصادرة عن ذات الجهة والمصدر تهدف إلى تشويه الوقائع وإلقاء مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة على الخارج، وتحديداً المملكة العربية السعودية، بينما يعرف القاصي والداني أن المملكة لا تتدخل ولم تتدخل في هذا الشأن اللبناني الداخلي المحض، وأقصى ما تعبر عنه وتتمناه هو أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت للمساهمة في دعم لبنان ودولته واقتصاده، كما بدا ذلك جلياً من موقفها خلال مؤتمر سيدر”.
غير أن مصادر “حزب الله” تصرّ على القول “أننا نشتمّ رائحة تدخل خارجي، تحديداً من قبل السعودية، يحول دون تشكيل الحكومة، وإلا لماذا لم يُقدّم الرئيس المكلّف إلى الآن تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية الذي لا يوفّر مناسبة إلا ويُرسل من خلالها رسائل إلى الرئيس الحريري بضرورة إنجاز مهمته سريعاً”؟
وإذ تتمنى المصادر أن “يكون ما ورد في بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري صحيحاً لجهة عدم تدخّل السعودية في تشكيل الحكومة”، دعته إلى “وضع معيار موحدّ لتمثيل الكتل النيابية في الحكومة، بدل الاستنسابية”.
وتأسف “لألا تشكيل يلوح في الأفق، أقله في القريب العاجل، مع تأكيدها في المقابل أن “لبنان بلد العجائب والمفاجآت”، مشددةً على أن “الرئيس المكلّف يتحمّل من الناحية الدستورية مسؤولية عدم إنجاز حكومة حتى الآن، باعتبار أن تشكيل الحكومة من صلاحياته الدستورية وعليه العمل على تذليل العقبات كي تُبصر النور”.
واستبعدت المصادر، رداً على سؤال العودة إلى الاصطفاف السياسي بين “8 و14 آذار”، مع اعترافها بوجود انقسام سياسي “شبيه” بهذا الاصطفاف في البلد الآن”، موضحةً أن “لا تأثير لبدء سريان مفعول العقوبات الأميركية على إيران، على تشكيل الحكومة. فنحن من جهتنا كفريق سياسي محسوب على إيران، كما يقولون، حدّدنا موقفنا من الحكومة سلفاً، وطالبنا بـ3 وزراء، في حين أن نتائج الانتخابات تُعطينا اكثر من ذلك”.
وأسفت المصادر لأن “الشعب اللبناني يُظهر “خمولاً” بات معتاداً تجاه الفراغ المؤسساتي. فلو كنا في بلد طبيعي لانهار اقتصاده وانهار قطاعه المالي ومعهما الطبقة السياسية الحاكمة لو تأخّر تشكيل الحكومة أسبوعاً”، مستشهدةً “بما حصل في الأردن أخيراً، حيث أسقط الشعب الحكومة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات”.