عاد الرئيس المكلّف من سفرته الباريسية، الّا انّ عودته حطّت على أرض جرداء تعاني جفافاً سياسياً مستحكماً بكل مفاصلها، أفسح المجال لسيول من التكهنات حول مستقبل الحكومة، التي اتفقت على انّ ولادة الحكومة متعسّرة بشكل كامل، ولا امل بإبصارها الروح في المدى المنظور، حتى انّ بعضها بدأ يتحدث عن تعطيل مستمر حتى الخريف المقبل، وربما الى ما بعد السنة الجديدة.
الواضح انّ هذه التكهنات بطول عمر التعطيل، مردّها الى العجز عن كسر حلقة التعقيدات الماثلة في خط التأليف، وتسليم القوى السياسية بهذا العجز، ما اعاد الامور الى ما قبل نقطة الصفر، وهو ما يؤكده الطباخون الاساسيون للحكومة. وهو الامر الذي دفع الرئيس المكلف الى طلب وساطة فرنسية للتدخل مع الرياض لتسهيل تأليف الحكومة. هذه الاجواء اكدتها مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الجمهورية»، بقولها: انّ ثمة معلومات اكيدة تملكها تؤكد انّ القصد من الزيارة التي قام بها الحريري الى فرنسا اخيراً، هو طلب تدخّل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مرة ثانية مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان، علماً انّ ماكرون تدخّل مع السعوديين منذ فترة غير بعيدة، بناء على طلب الحريري من دون ان يلقى استجابة من قبل السعوديين.
وفيما اكدت اوساط الرئيس المكلف لـ«الجمهورية» انه ماض في مهمته في تدوير زوايا التعقيدات الماثلة في طريقه، من دون التقيّد بسقف زمني، برز موقف لافت لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رمى فيه كرة التأليف في مرمى الحريري.
فقد كشف مقرّبون من عون لـ«الجمهورية» بأنّ رئيس الجمهورية ينتظر ما سيقدمه له الرئيس المكلف، وبأنّ هناك مسلمات يؤكد عليها عون، وهي:
– احترام نتائج الانتخابات النيابية، وانّ الحكومة يجب ان تكون انعكاساً للمجلس النيابي.
– لا احتكار للتمثيل الطائفي من اي طرف سياسي، حتى لا يتحكم بميثاقية الحكومة.
– لا أحد يأخذ زيادة عن حجمه.
وينقل المقرّبون عن عون اعتباره انّ تفاهم معراب قد سقط، ومهما كان هذا الاتفاق، فهو اتفاق سياسي وليس حكومياً، ولم يحصل أصلاً مع الرئيس المكلف حتى يلتزم به. فاتفاق معراب لم يعد قائماً لأنّ أحد طرفيه لم يحترمه.
ويكشف المقربون انّ رئيس الجمهورية أبلغ موفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الوزير ملحم الرياشي انّ طلب القوات لحقيبة سيادية يجب ان يوجّه الى الرئيس المكلف، فهو من يشكّل الحكومة، وامّا نيابة رئيس مجلس الوزراء فهي من حصة رئيس الجمهورية.
وبحسب المقربين فإنّ عون لا يفهم اسباب تأخر الحريري بتقديم تشكيلة، فهو، أي الحريري، وحده يعرف هذه الاسباب، وهو حتى الآن مصرّ على رأيه في توزيع الحصص التي لا تحترم معيار نتائج الانتخابات، والكرة في ملعبه. وحيال ذلك يشدّد رئيس الجمهورية، كما ينقل المقربون، على انّ أمام الحريري خيارين، الاول هو تشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس نتائج الانتخابات، والثاني تشكيل حكومة اكثرية، والتي هي الاكثر ديموقراطية.
وفي الملف السوري، ينقل المقربون عن عون قوله: يجب ان ترفع كل الحواجز بين لبنان وسوريا لمصلحة لبنان الاقتصادية، ومعبر نصيب يجب ان يفتح امام الصادرات اللبنانية، ولا يجوز ان نبقي على القطيعة.