كشف حزب الله أنّه الطرف الذي يسعى إلى تشكيل حكومة لبنانية برئاسة سعد الحريري استنادا إلى شروط معيّنة وضعها الحزب. وقالت مصادر سياسية لبنانية إن البيان الصادر عن كتلة نواب حزب الله والذي يحذر من أنّ التأخر في تشكيل حكومة جديدة يهدد بانزلاق لبنان “نحو التوتر” يمثل رسالة مباشرة إلى سعد الحريري.
وذكرت أن حزب الله لجأ إلى توجيه تحذير صريح إلى رئيس الحكومة المكلّف في ضوء فشل الضغوط التي مارسها على سعد الحريري وزير الخارجية جبران باسيل الذي يرأس كتلة النواب المنتمية إلى التيار الوطني الحر.
وأوضحت أن حزب الله يريد من الحريري تشكيل حكومة وفق مقاييس معيّنة تكون الكفّة الراجحة فيها له وحده مستندا إلى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في السادس من مايو الماضي. لكنّ أوساطا قريبة من الحريري تؤكد أنّه لا يمكن أن يكون بأي شكل رئيسا لحكومة موالية لحزب الله، أي لإيران، كما فعل غيره في الماضي.
ويعتبر الحزب الذي عبّر عن موقفه الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني أن هناك أكثرية معارضة للحريري في مجلس النواب الجديد وأن من واجب رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار موازين القوى في مجلس النوّاب.
وكان سليماني ذهب في تصريح أدلى به بعد ظهور نتائج النيابية في لبنان إلى القول إنّ مجلس النواب يضمّ 74 نائبا مؤيدا للخط الإيراني من أصل 128 يتألّف منهم البرلمان اللبناني.
كذلك، تحدّث حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله عن ضرورة تشكيل حكومة لبنانية وفق “معايير معيّنة”. وكان واضحا أنّه يشير إلى أن في مقدّم هذه المعايير وجود عشرة نواب سنّة من أصل 27 من خارج كتلة تيّار المستقبل التي يرأسها الحريري مع ما يعنيه ذلك من ضرورة تمثيل هؤلاء إضافة إلى عدم حصر التمثيل الدرزي بوليد جنبلاط وتقليص حجم القوات اللبنانية قدر الإمكان من منطلق أن كتلة التيّار الوطني الحر تضمّ 29 نائبا في مقابل 15 نائبا للقوات.
واستبعدت الأوساط السياسية نفسها رضوخ الحريري، الذي يدعو إلى تشكيل حكومة “توافقية”، للشروط التي يعمل حزب الله على فرضها عليه. وقالت إن ذلك ليس عائدا إلى أنّ ليس في استطاعة أي جهة سحب تكليف تشكيل الحكومة منه فحسب، بل لأنّ الحريري يمتلك أيضا مجموعة من التحالفات تجعله قادرا على الصمود في وجه الضغوط التي يمارسها حزب الله مباشرة أو عبر حليفه جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون.
ولاحظت أن الحريري زار، الخميس، رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، رئيس حركة أمل. وجاءت الزيارة في وقت بدأت تظهر فيه توترات بين أمل وحزب الله بعدما بدأ الحزب يتحدث صراحة عن أنّه الطرف الأقوى في الثنائي الشيعي الذي يضمّه مع حركة أمل. وظهر هذا التوجه الإلغائي لأمل بشكل جليّ لدى الحزب بعدما بدأ سياسيون موالون له يقولون إن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة كشفت بما لا يقبل الجدل، استنادا إلى عدد الأصوات التي نالها كلّ نائب، أن هناك فارقا شاسعا بين حزب الله وأمل. وذكر هؤلاء السياسيون في مقابلات تلفزيونية أن نتائج الانتخابات كشفت الحجم الحقيقي لكل طرف في الثنائي الشيعي وأن أمل لم تعد قادرة على الادعاء بأن لديها مناطق شيعية تشكل معاقل لها بعدما انحازت القواعد الشعبية الشيعية نهائيا لمصلحة “حزب الله”.
ورأى سياسي لبناني أن ما يمكن أن يدعم موقف سعد الحريري في وجه الضغوط التي يمارسها حزب الله، مباشرة أو عبر جبران باسيل، العلاقة السيئة القائمة بين نبيه برّي من جهة وكل من رئيس الجمهورية وصهره من جهة أخرى. وأشار في هذا المجال إلى أن باسيل زار برّي الأسبوع الماضي في محاولة لتطويق سعد الحريري، لكنّ هذه المحاولة باءت بالفشل. وظهر ذلك بوضوح من خلال الشريط الذي وزع أمس عن لقاء الحريري وبرّي والذي يكشف وجود تناغم كبير بينهما.