كتب داود رمال في صحيفة “الأخبار”:
كل التقارير الدبلوماسية التي ترد الى بيروت في هذه الأيام، من واشنطن ونيويورك، تشير الى أن المشاورات التمهيدية الجارية حالياً قبل تجديد مجلس الامن الدولي رسمياً مهام قوات «اليونيفيل»، في الحادي والثلاثين من آب المقبل، لن تكون سهلة.
في المعلومات، أن مندوبة واشنطن في مجلس الأمن، السفيرة نيكي هايلي، وبالتعاون مع اللوبي الإسرائيلي، تضع شروطاً تعجيزية، مقابل تسهيل بلادها التجديد لـ«اليونيفيل». ويصف دبلوماسي لبناني ما يحصل بأنه «شبيه بالمعركة التي خيضت قبيل صدور القرار الدولي 1701 في عام 2006، والذي أدى الى وقف العمليات القتالية بعد حرب إسرائيلية على لبنان دامت 33 يوماً. ولكن هذه المعركة، اليوم، بلا مدافع ولا صخب ولا ضجيج، بل بصمت وخبث كبيرين».
ويقول المصدر لـ«الأخبار» إن التحريض بدأ قبل سنة، واستمر بوتيرة معينة رغم التجديد، «لكنه تصاعد مؤخراً في محاولة لفرض تعديل مهام «اليونيفيل»، الأمر الذي يواجهه لبنان عبر حركة اتصالات واسعة لإمرار التجديد وفق الشروط السابقة. وتم إبلاغ العواصم المعنية أن لبنان يرفض أي تعديل في المهام أو في الموازنة أو في الأعداد، لأن هناك توجهاً لخفض الموازنة المخصّصة لليونيفيل مع خفض العديد. أما ما يضمره الاميركيون والاسرائيليون، فهو تعديل المهام، بمعنى توسيعها ليصبح لدى «اليونيفيل» مهامّ ردعية، من خلال تقديم ما تزعم واشنطن أنها وثائق تثبت عدم التزام لبنان بمندرجات القرار 1701 من خلال عرض معطيات وصور وفيديوات مصدرها تل أبيب، عن تحركات عسكرية لحزب الله في منطقة عمل «اليونيفيل»، في منطقة جنوبي الليطاني».
ويكشف المصدر أنه في السنة الماضية، وقبل التجديد لـ«اليونيفيل»، عمد الجانب الاميركي الى توجيه أسئلة الى الأمانة العامة للامم المتحدة وقيادة «اليونيفيل»، تمحورت حول الآتي: ما الذي تفعله «اليونيفيل» في الجنوب؟ وما هي العمليات المحققة التي تثبت إنجاز مهمتها في تطبيق القرار 1701؟ ولماذا لا توقف المجموعات المسلحة الموجودة في منطقة عملها؟ ولماذا لا تعمد القوات الدولية الى الدخول إلى أماكن معينة فقط (تدخل الى أماكن ولا تدخل الى أخرى)؟.
بعد التجديد الأخير لقوات «اليونيفيل»، أعطيت القيادة في الناقورة توجيهات أممية بالتدخل الحازم وتوقيف مسلحين ومصادرة أسلحة والقيام بعمليات بحث وتفتيش، على أن ترفع تقريراً أسبوعياً مدعوماً بالصور والوثائق عمّا تقوم به، أي أن تصبح «اليونيفيل» عصا إسرائيلية في الأرض اللبنانية. لكن الوقائع حالت دون ذلك نسبياً، رغم انحياز القائد السابق لـ«اليونيفيل» إلى إسرائيل علناً.
وأكد المصدر أن واشنطن وتل أبيب تريدان نقل قرار التجديد لـ«اليونيفيل» من الفصل السادس الى الفصل السابع، ولذلك، عمدتا الى تضخيم بعض الاشكالات التي تحصل بين عناصر «اليونيفيل» والاهالي وتنتهي في لحظتها، ولكن هذا الأمر يتوقف على نيات ومواقف الدول الفاعلة الاخرى، مثل فرنسا التي أبلغت لبنان أنها لن تسير في هذا الامر مع مراعاتها المعلنة للإسرائيليين، لكن لديها قوات في عداد «اليونيفيل»، وبالتالي أولوياتها تختلف عن أولويات الولايات المتحدة التي لا مشكلة لديها في التصعيد، لأنها لا تشارك بأي قوة من ضمن «اليونيفيل»، والتوجه الفرنسي ينسحب على معظم الدول التي لها كتائب في قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب، ومن ضمنها الصين».
يذكر أن التجديد لقوات «اليونيفيل» كان محور سلسلة لقاءات أجراها القائد الجديد لقوات «اليونيفيل» الجنرال الإيطالي ستيفانو ديل كول مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وأعلن الرئيس ميشال عون استعداد لبنان لتوفير كل ما من شأنه إنجاح مهمة «اليونيفيل» في حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب وتطبيق القرار 1701. وشدد على أن تمديد عمل القوات الدولية خلال الايام القليلة المقبلة في نيويورك، يجب أن يتم وفقاً للأسس والمعايير التي أنشئت هذه القوات استناداً اليها من دون تعديل أو تبديل.
وشدد ديل كول على المساعدة في ضمان استمرار الاستقرار في منطقة عمليات «اليونيفيل»، وقال: «نحن بحاجة إلى البناء على هذا الزخم من أجل الحفاظ على الاستقرار الذي تمتعنا به منذ عام 2006 والمضيّ به قدماً».