Site icon IMLebanon

قلوب الحلفاء والخصوم… خفقت في طرابلس

كتبت مارلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”: 

برهنت طرابلس أنها رقم صعب في المعادلة السياحية وليس الامنية فقط، وفي الوقت الذي راهن البعض على إمكانية فشلها في إقامة مهرجاناتها الصيفية لهذا العام، فاجأت الجميع بقيامها وبإصرار القيّمين على هذه المهرجانات لاسيّما رئيسة جمعية «طرابلس مدينة حياة» السيدة سليمة ريفي على إقامتها وإتمامها بأحلى صورة، وذلك بدعم من اللواء أشرف ريفي الذي، على رغم سقوطه في الانتخابات النيابية وغيابه عن الساحة السياسية والاعلامية في الآونة الاخيرة، حثّ فريق العمل لاسيما زوجته وفق تعبيرها «على الإجتهاد والمثابرة لإتمام مهرجانات طرابلس خصوصاً هذا العام»، فجاءت النتيجة معاكسة لنتائج الانتخابات النيابية وكسب الرهان.

إلّا أنَّ المعركة الرابحة جاءت مزدوجة بل شاملة هذه المرة، بعدما استمتع بها الخصوم والحلفاء ومعظم المواطنين من أبناء مدينة طرابلس الذين تهافتوا للاستمتاع بحفلة افتتاحية ناجحة في جميع المقاييس واستمتعوا بها.

في المشهد الشعبي

مشهدان مثيران للجدل برزا أمس في معرض رشيد كرامي الدولي عند انطلاق مهرجان طرابلس للعام 2018.

مشهد شعبي فنّي ملوّن وجامع، ومشهد سياسي مفاجئ ويبدو أنه كان متوقعاً.

المشهد الحضاري تمثّل بصورة عجيبة غريبة للمدينة وأهلها، هذه المدينة التي كانت في الماضي القريب ساحةً لمعارك ضارية شتَّتَت شمل المدينة وهجّرت الآلاف فبَدت أمس بأحلى حُلّة أصرَّ الطرابلسيون على اعتبارها حُلّتها الحقيقية. إذ انهم أثبتوا انهم متعطشون للسمر والسهر وللتناغم مع الصوت واللحن لا مع اصوات طلقات البارود.

أمس، تمايَل الطرابلسيون وبشغف على نغمات الفنان المبدع غي مانوكيان، الذي قدّم وصلات موسيقية رائعة، ومن على المنصة الرئيسية اعترف بأنها ليلة من ليالي العمر، لم يحدث اعتلاء «أبو» المطرب المصري المسرح «ثلاث دقات قلب» فقط في قلوب الحاضرين، بل أحدث غناءه دقات قلوب بالآلاف فلم يتوقف مجمل الساهرين عن الرقص والغناء مستمتعين بالنغمة والأداء الفني الشعبي المُحبّب للمطرب المصري، الذي أنشد أيضاً باللهجة اللبنانية اروع الاغاني إكراماً للبنانيين.

أمّا غي مانوكيان فاعترف انّ طرابلس المشرقة هكذا عرفها وهكذا ستبقى في نظره، وإكراماً لإشراقها عاجلها بـ»طلعِت يا محلا نورها».

المشهد السياسي

نور طرابلس أنار أمس قلوب الساهرين، فأنسى السياسيين الحاضرين هَمّ التشكيلة الحكومية وضراوة الخصام والتموضع السياسي، فحضر الخصوم ولعل أبرزهم حضور مفاجئ للوزير السابق والنائب الحالي فيصل كرامي وجلوسه بالقرب من خصمه السياسي اللواء أشرف ريفي الذي أحدث حضوره استقبالاً مؤثراً، وراح يتبادل الأحاديث معه.

اللقاء الأخير الذي جمع الرجلين كان منذ اكثر من 3 سنوات، عندما زار ريفي منزل الراحل عمر كرامي للاطمئنان الى صحته، تبعتها زيارة للواء الى منزل كرامي في عام 2016 للتباحث بمشروع «نور طرابلس» المشروع الذي ما يزال حتى الساعة في أدراج مغلقة سياسياً، فيما «القفل» السياسي لا يبدو بحوزة الزعماء الطرابلسيين راهناً…

كذلك حضر الرئيس ميقاتي مُمثلاً بمستشاره الدكتور خلدون الشريف الذي جلس هو الآخر عن يمين اللواء وزوجته، كذلك حضر النائب علي درويش من كتلة العزم، بالاضافة الى حضور ملفت لشخصيات سنية طرابلسية ودينية.

مَن حضرَ حفل افتتاح مهرجانات طرابلس شَهد بأمّ العين أنّ طرابلس وأهلها متعطّشون للفرح ويستحقونه لأنه يليق بهم. رقصوا وتمايلوا ولم يملّوا، وبرهنوا أنّهم في السلم وليس في الحرب… يُبدعون.

يقول العارفون من أبناء المدينة انه لا يمكن لأحد ان يتكهّن «خلاصة» عن لقاء طرابلسيّين، فلا أحد يمكنه معرفة أو فهم مدى تلاقيهما الشخصي أو السياسي. فالعائلات متداخلة اجتماعياً بالرغم من خلافاتها السياسية، وقد تكون هذه ميزة تتفرّد بها مدينة طرابلس اذ انّ عائلاتها، لاسيما العريقة منها، تسعى دائماً للارتباط العائلي فيما بينها.

قد تكون أمنية الساهرين الوحيدة في الليلة الصيفية الشمالية الصافية، أن تبقى أنغام الموسيقى في طرابلس ويبقى اللحن العذب نورها على أن يصيب قلوباً سياسية متباعدة كتلك التي جمعتهما بالصدفة مهرجاناتها الصيفية، الّا انها تعلم جيداً انّ لغة الأماني الصيفية مختلفة عن لغة الشتاء الباردة… ولأنّ الجميع سيعاود التمترس في موقعه، كما يدرك أهل المدينة أنّ الخصومة السياسية مع من التقوا في أمسية صيفية ستفصلها حتماً برودة ليالي الشتاء الباردة القادمة، على أمل الّا تكون «قارسة».