في حصيلة المشاورات التي أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أنقرة في الساعات الماضية وجمعته الى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، يمكن القول ان العلاقات التركية – الروسية، التي كانت دخلت مرحلة “تعاون” قوي في الاشهر الماضية، من خلال منصّة أستانة، تعززت أكثر اليوم.
فبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، ما بات يجمع الجانبين لم يعد يقتصر على الوضع في سوريا فحسب، اذ قرّبت بينهما “مصيبة” العقوبات الاقتصادية الاميركية التي أعادت الولايات المتحدة في الاونة الاخيرة فرضها عليهما، وعلى ايران أيضا.
وعليه، حضرت سبل “مواجهة” الاجراءات الاميركية طبقا أساسيا في مباحثات لافروف – أوغلو، حيث كان عرض لخيارات يمكن ان تلجأ اليها موسكو وأنقرة وطهران لـ”محاصرة حصارها”. فتحدث الوزير الروسي عن مساع لتداول العملة الوطنية في التعاملات التجارية بين تركيا وروسيا وإيران. أما أوغلو الذي رفع السقف ضد واشنطن بتأكيده علنا اننا “لن نستجيب للعقوبات الاميركية على ايران”، فقال “إنّنا نرفض أي عقوبات اقتصادية ضدّ تركيا وضدّ أي دولة أخرى، والولايات المتحدة الأميركية ستفشل في مخطّطاتها ضدّ تركيا”، بينما كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يعلن ان بلاده ستقاطع الأجهزة الإلكترونية الأميركية، قائلا “سنقاطع المنتجات الإلكترونية الأميركية”، ومضيفاً “إن كان لديهم الآيفون، فهناك في المقابل سامسونغ، كما لدينا فينوس وفيستل” في إشارة إلى أجهزة إلكترونية تصنع في كوريا الجنوبية وتركيا.
ووفق المصادر، فإن العلاقات بين أنقرة وواشنطن، آخذة في التدهور، وهي لا تكاد تتعافى من “توتّر” حتى يشتعل فتيل كباش جديد بين الدولتين اللتين يفترض ان تكونا حليفتين اذ يجمعهما حلف شمال الاطلسي، وآخر عناوين الخلاف توقيف أنقرة الاميركي القسّ أندرو برانسون لاتهامه بالمشاركة في التحضير لمحاولة الانقلاب على اردوغان في تموز 2016.
هذا الواقع، تضيف المصادر، سيساهم في شكل او آخر، في دفع تركيا الى أحضان روسيا، التي من غير المستبعد ان تصبح الحليف الاستراتيجي الاول لأنقرة، اذ وجدت فيها في الاعوام الماضية، الشريك والسند والضامن لمصالحها، الامر الذي لم تجده في الولايات المتحدة..
وبما ان الشيء بالشيء يذكر، تلفت المصادر الى أن تركيا القلقة من مواجهة دامية في ادلب السورية الواقعة على حدودها، بين النظام السوري وفصائل المعارضة، لن تتمكن من معالجة مكمن خوفها هذا، إلا من خلال اليد الروسية. والحال ان موسكو تضطلع حاليا بمسعى لتسوية الوضع في المنطقة من دون تصعيد، وهي لن تكتفي بهذا الدور، بل يبدو انها ستؤمن لتركيا ايضا شروطا تريحها في شمال سوريا تضمن لها أمنها القومي، على غرار تلك التي فرضتها موسكو في الجنوب السوري بما يؤمن لاسرائيل أمنها القومي ايضا.
وكان لافروف اكد في السياق من أنقرة، “أنّنا نسعى للتعاون مع المعارضة السورية الرافضة للإرهاب”، مشيرًا إلى أنّ “اتفاق خفض التصعيد في إدلب لا يشمل الجماعات الإرهابية مثل “جبهة النصرة”، ومناطق خفض التصعيد في سوريا تأسّست على أُسس من بينها أنّ وقف إطلاق النار لا يشمل الإرهابيين”. وركز على أنّ “موسكو تقدّر عاليًا رفض أنقرة الإنضمام إلى العقوبات ضدّ روسيا”.