Site icon IMLebanon

كيف نحمي أبناءنا؟

كتبت ساسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:

لم أتخيّل يوماً أن تكون طفلتي ضحية التحرّش الجنسي، إلّا أنّ موت جارنا العجوز كشف ما لم يكن في الحسبان. فمنذ خبر الوفاة تغيّرت حال ابنتي لمى (16 سنة)، فأصبحت حزينة، شاردة، تمضي معظم وقتها في غرفتها ولا تأكل إلّا القليل القليل. بعد إلحاح شقيقتها أفصحت عن سرٍّ قديم عظيم، فقد كان العجوز يتحرّش بها جنسباً منذ كانت في السابعة من العمر حتى وفاته، وقد كتمت السرّ لسنوات طويلة تحت التهديد والخوف من فضح العار.

ما هو التحرش الجنسي؟ مَن يقوم به؟ ما أسبابه؟ كيف تتمّ مساعدة الضحايا وكيف نحمي أبناءَنا؟

لا يقتصر التحرش الجنسي على العلاقة الجنسية مع الطفل بل في إشراكه من قبل شخص أكبر منه بأيِّ نشاط جنسي قد يكون:

أما مَن يتحرّش جنسياً بطفل فهو شاذ سلوكياً، قد تكون لديه مشكلات في القدرات المعرفية، أو هو معزول إجتماعياً، لا قدرة لديه على القيام بعلاقات سوية مع الآخرين، قائمة على الإحترام والتعاطف، مصاب بمرض نفسي كالهوس مثلاً، كما قد يكون مصاباً باضطراب بالشخصية، وليس من الضروري أن يكون هذا الاضطراب واضحاً للغير. من المحتمل أن يكون المتحرش قد تعرّض للتحرش في صغره، كما قد تدفع الأوضاع الاجتماعية المتدنّية من عدم وعي وفقر وحرمان وغضب إلى التحرش الجنسي.

نحاول كآباء وأمهات حماية أبنائنا في المجتمع الخارجي إلّا أننا لا نعلم بأنّ 75 بالمئة من حالات التحرش الجنسي تتمّ في العائلة ودائرة المعارف والأصدقاء، وللأسف قد يكون أباً أو أختاً أو جدّاً أو جارة أو صديقاً عزيزاً للعائلة، أو عاملة في المنزل أو في مكان عمل الأهل.

يعرف الطفل الذي تعرض للتحرش الجنسي بأنّ هذا الأمر هو سرّ ويجب إخفاؤه، إن بسبب تهديد المعتدي له وتنبيهه، أو يشعر بذلك من خلال تصرفات المعتدي من إقفال الأبواب، خفض الصوت والحرص من الآخرين. يعاني الطفل ضحية التحرش الجنسي من الصدمة النفسية والقلق والخوف والشعور بالذنب والوصمة. أما الأعراض الجسدية فهي اضطرابات في الشهية والنوم، إرتباك، تبوّل ليلي، عزلة، إضطراب في السلوك قد يترجم في الحياء الشديد أو العكس.

يؤثر التحرش الجنسي سلباً على حاضر الأطفال ومستقبلهم على الصعيد الدراسي، الإجتماعي والحياتي بشكل عام. تقع على عاتق الأهل حماية الأطفال من التحرش، وكشف الحالة إذا كان الأطفال بدأوا يتعرضون للاعتداء، وذلك عبر الحضور الفعّال، التوعية والإصغاء البنّاء، إعطاؤهم الوقت الكافي، مراقبة تصرفاتهم وسلوكهم، وعدم إشعارهم بالحب المشروط الذي قد يتوقف على خطأ قد يقومون به. كي يتجرّأ الأبناء على إخبار الأهل بالاعتداء، لا بدّ من تشجيعهم على ذلك وإقناعهم بالثقة التامة بهم وحمايتهم لهم.

يستطيع الطفل ابتداءً من عمر ثلاث سنوات أن يقول «لا»، وبالتالي علينا كأهل أن نساعده كي بحمي نفسه من خلال التوعية، والمراقبة والوجود الداعم.