يَعِد أيلول بغيث العدالة الآتية وبداية النهاية في تحديد المسؤوليات الجنائية والقانونية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ومدنيين ونحو 71 متضرراً، من خلال انتقال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إلى الجلسات المخصّصة للمدعي العام، كي يكشف عن «روايته القضائية الكاملة» المُعززة بأدلة لا ترقى إلى الشك، قبل إعلان رئيس غرفة الدرجة الأولى ختام مرحلة المحاكمة ومن ثم النطق لاحقاً بالحكم، على أن تتبعها جلسة لتحديد العقوبة ومرحلة الاستئناف.
وتُسجل المحكمة إنجازاً جديداً في مسار العدالة الدولية الذي لا بد أن يأتي بنتيجة، وحققت على مدى السنوات العشر تميّزاً من خلال إسهامها في وضع تعريف دولي لمصطلح الإرهاب وتفرّدها بكونها المحكمة الدولية الأولى التي تنظر في الجرائم استناداً إلى القانون الوطني، مطبقةً القانون الجنائي اللبناني لدى النظر في الجرائم المتعلقة بالإرهاب «والاعتداءات التي تهدد الحياة والسلامة الشخصية، والعلاقات غير الشرعية والتخلف عن الإبلاغ عن الجرائم والانتهاكات».
وتأتي المرحلة الانتقالية بعد أن أصدرت غرفة الدرجة الأولى قراراً كان قد قضى بتقدّم المدعي العام والمتضررين بوضع مذكرات ختامية في السادس عشر من تموز الماضي، بحيث تُشكل الأدلة المقدمة خلال السنوات الأربع المنصرمة ما يُشبه الموجز على اعتماد المعيار الأعلى الجنائي في الأدلة التي لا تحمل الشك.
وتُشكل فترة المرافعات على مدى أسبوعين الفرصة الأخيرة المتاحة لإدلاء كل فريق بها قبيل النطق بالحكم، وتكون الأدلة المعتمدة قاطعة وكافية للاتهام بشكل أولي في قضية «عياش وآخرين»، والتي سبقتها عملية لغربلة الأدلة القابلة للطعن، على أن تليها مرحلة الطعن، ولعل هذه الخطوة من مميزات المحكمة، إذ إنها على الرغم من كونها من أرفع درجات المحاكم، إلا أنها غير جامدة، وفي حال لم يحصل الاستئناف تكون أبرمت القضية وانتهت المرحلة الأخيرة في القضية.
«أشرفنا على نهاية مرحلة اختتام المحاكمة»، توجز الناطقة باسم المحكمة وجد رمضان لـ«المستقبل» الجهد الذي قامت به هيئة المحكمة من خلال «متابعة جريمة إرهابية على المستوى الدولي للمرة الأولى، مستندة إلى الأدلة الظرفية وفاردة حق التعبير للمتضررين ممن سمحت لهم المحكمة بفرصة حضور جلسات المحاكمة في لاهاي»، وأكدت أن مرحلة اختتام المحاكمة «تبدأ مطلع أيلول وتستغرق 15 يوماً، حيث يقدم المدعي العام وفرق الدفاع والمتضررون الحجج الختامية أمام المحكمة، بما في ذلك جهد أربع سنوات من البحث عن أدلة واقتفاء أي أثر أو معلومة من شأنها أن تخدم في التحقيق في القضية التي باتت تُعرف بـ «عياش وآخرون»».
ولفتت رمضان إلى أن البحث عن الحقيقة في جريمة معقدة وإرهاب محترف ليس بالأمر اليسير، ولا سيما «أن المحكمة استندت إلى القانون المدني والقانون العام والقانون اللبناني والإجراءات الدولية، الأمر الذي يجعل من عامل الزمن أداة لاستيعاب الأحداث وإغنائها بالأدلة وليس أبداً سلاحاً في وجه القضية، بحيث يكون الهدف المنشود هو العدالة والحكم النهائي العادل والمتجرد من أي اعتبارات لا تمت للشفافية بصلة». ونوهت بـ«تعاون الحكومة اللبنانية مع المحكمة الذي أثمر نتائج إيجابية في تتبع الخيوط والتوصل إلى النتائج المرجوة».