كشفت مصادر نيابية مسيحية لـ «الحياة» أن الخلاف على الحصص بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» احتدم في الأيام الأخيرة، بعد رفض الوزير جبران باسيل إسناد إحدى الوزارات السيادية إلى «القوات» (الدفاع)، والتي كان الرئيس ميشال عون وافق عليها وأحال المفاوض عنها وزير الإعلام ملحم الرياشي إلى الحريري الذي وافق أيضاً.
وذكرت المصادر أن هذا الخلاف دفع بحلقة قيادية ضيقة في «التيار الحر» إلى مناقشة فكرة استبعاد «القوات اللبنانية» من الحكومة عبر إرضاء الحريري بأن تكون حصته 7 وزراء بدلاً من 6، وبالموافقة على حصول رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على الوزراء الدروز الثلاثة، وإعطاء وزير لحزب «الكتائب» وآخر لـ «تيار المردة» الذي يرأسه النائب السابق سليمان فرنجية، على أن يستأثر «التيار الحر» ببقية الوزراء المسيحيين. وأوضحت المصادر أن بعض قياديي التيار ينوي استكشاف رأي الرئيس عون في الأيام المقبلة، على رغم صعوبة تسويق طرح كهذا في ظل تمسك الحريري بمبادئ في تأليف الحكومة بينها قيام ائتلاف وفاق وطني حكومي لا مجال إلا أن تكون «القوات» جزءاً منه، وكذلك «الحزب الاشتراكي».
وأكدت مصادر لـ «الحياة» أن العقدة الرئيسية أمام ولادة الحكومة التي ستتأخر إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى، ما زالت في الخلاف على التمثيل المسيحي.
وقللت المصادر من أهمية تأثير الخلاف على التطبيع مع النظام السوري، على التعثر في ولادة الحكومة، بعدما اعتبر الحريري أن لا حكومة إذا بات هذا الأمر شرطاً يتضمنه بيانها الوزاري المفترض، ورد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عليه، داعياً إياه من دون أن يسميه إلى عدم اتخاذ مواقف سيتراجع عنها… هذا فضلاً عن أن الرئيس بري انتقد تصريحات الحريري تلك.
وفيما نسِب إلى مصادر مقربة من الحريري قولها إنّ «التطبيع مع النظام السوري قضية خلافية والحريري يعتبر أنها غير مطروحة في تأليف الحكومة، لأنّ تجديد الانقسام على انتماء لبنان إلى محور إقليمي غير وارد، خلافاً لسياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة»، أشارت مصادر في «المستقبل» إلى أن اضطرار نصرالله للرد على الرئيس المكلف لا يعني أن موقفه شرط لولادة الحكومة.
وأيدت مصادر سياسية تناصر رفضَ الحريري التطبيع مع النظام السوري، الاستنتاج القائل أن الخلاف على هذه المسألة ليس هو العائق أمام قيام الحكومة بقدر العامل الداخلي المتعلق بالصراع المسيحي على النفوذ داخل مجلس الوزراء المقبل. وأوضحت لـ «الحياة» أن العلاقة الأمنية الإدارية مع سورية قائمة، لكن العلاقة على المستوى السياسي ليس مرحباً بها، سواء بحجة إعادة النازحين السوريين، أو في شأن فتح معبر نصيب بين الأردن وسورية من أجل انتقال البضائع اللبنانية إلى السوق الخليجية والعراق عبره «لأننا والحريري لن نقبل بالتطبيع مع هذا النظام».
وذكرت المصادر ذاتها، وكذلك أخرى في كتلة «المستقبل» النيابية أن الحريري اختار قناة لمعالجة الأمور المتعلقة بسورية هي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يتابع المبادرة الروسية في شأن عودة النازحين، وكان أول من تلقفها، وأوفد قبل يومين مستشاره جورج شعبان إلى موسكو لمتابعة المستجدات في شأنها. وقالت المصادر ذاتها لـ «الحياة» أن الرئاسة الروسية «تدرك حساسية الوضع اللبناني ومسألة التطبيع مع النظام في دمشق وتعلم بالتفصيل مدى تأثيرها كعنوان خلافي على الاستقرار اللبناني الذي تحرص على أولويته مثل سائر الدول الكبرى، بالتالي هي ليست مع الضغط على الحريري في هذا الشأن، مهما كانت مواقف الفرقاء الآخرين. وقللت المصادر، استناداً إلى هذه المعطيات، من أهمية ما نقِل عن ضابط روسي أثناء استقباله النائب طلال أرسلان في موسكو أمس من أن عودة النازحين تتطلب تواصلاً بين لبنان وسورية.
وختمت المصادر بالقول أن المعادلة التي تتحكم بموقف موسكو من العلاقة اللبنانية – السورية بناء لتفاهم الحريري مع بوتين، هي ألا تتدخل دمشق في الشأن اللبناني، وأن تتولى الرئاسة الروسية معالجة أي أمر في العلاقة بين البلدين.