كتبت جويل رياشي في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
لايزال الجدل حول تلوث بحر لبنان قائما على مواقع التواصل الاجتماعي وإن بوتيرة أخف بعد اعلان المجلس الوطني للبحوث العلمية نتائج تقريره عن نوعية المياه على طول الشاطئ اللبناني التي بدت مطمئنة الى حد ما.
«الأنباء» التقت الأمين العام للمجلس د.معين حمزة الذي استعرض حيثيات الموضوع ونتائج المسح الذي أجري. وكذلك تطرق الحديث الى دور المجلس ومشاريعه ومستقبل البحث العلمي في لبنان..
اللبنانيون حائرون وخائفون خصوصا مع صدور تقريرين: الأول عن مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية يقول ان مياه لبنان «كارثية»، والثاني عن مجلس البحوث يقول ان 16 نقطة من اصل 25 شملتها الدراسة تحمل تصنيفا جيدا؟ أين المصداقية؟ اي تقرير نصدق؟
لست في وارد التعليق على تقارير تصدر عن مؤسسات عامة او خاصة او على الأخبار التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي وهي غزيرة جدا. أستطيع فقط ان أتكلم عن تقريرنا نحن كمجلس وطني للبحوث العلمية الذي أجريناه من خلال مركزنا لعلوم البحار ومن خلال الإمكانيات التقنية المتقدمة جدا للباخرة العلمية قانا.
نحن نقوم بمسح مستمر على مدى 12 شهرا. والأرقام التي نعلنها هي معدلات للـ 12 شهرا وهي نتيجة تحاليل بكتريولوجية وكيميائية وتحاليل نسب المعادن الثقيلة الموجودة على الشاطئ. هذه التحاليل هي من ضمن برنامج بحثي عمره 30 سنة في المجلس وأصبح الآن ينفذ وفقا للمعايير الأوروبية.
التحاليل التي تجرونها هي اذن سنوية روتينية؟
عندما علمنا بالمعلومات التي تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي والصحف والتي استنتجت ان كل الشاطئ من العبدة شمالا حتى الناقورة جنوبا ملوث وقد حكم عليه بالإعدام، أجرينا مسحا إضافيا، وأعلنا النتائج في 19 يوليو الفائت.
وهنا لا بد من الاعتراف بأن الوضع صار أكثر دقة لأن عدد مصبات مياه المجارير على الشاطئ تجاوزت الـ100 وهي معروفة وتساهم فيها بعض البلديات والتجمعات السكانية في المناطق التي لا تتوافر فيها محطات لتكرير المياه الآسنة.
النتائج التي توصلنا اليها لا تخفي أماكن التلوث الكثيفة ولكننا أعلنا صراحة ان هذه النتائج لا تشمل مصبات المجارير ولا مناطق مكبات النفايات والمرافئ والمصانع.
وكذلك لم تتناول دراستنا المسابح الخاصة التي لها نظامها الخاص ونتوقع منها ان تجري التحاليل بنفسها وتعلنها على بابها لمزيد من الشفافية والكل يعلم ان الدخول اليها مكلف جدا.
نحن اخذنا العينات من المناطق التي يرتادها الناس للسباحة والصيد، ونسبة كبيرة منها هي المسابح الشعبية. وتبين لنا ان 16 نقطة من أصل 25 ممكن ادراجها في المستويات المقبولة والجيدة والجيدة جدا و9 نقاط سيئة وتتطلب إجراءات لوقف مصادر التلوث وإجراءات أخرى لمنع الناس من ارتيادها والسباحة فيها. البحر ينازع ولكن غير ميؤوس منه. الشاطئ اللبناني مظلوم من قبل اللبنانيين.
فإلى جانب مصبات مياه المجارير، هناك أيضا مسببات أخرى للتلوث وهي المرافئ على الشاطئ والمناطق الصناعية والمكبات شبه الرسمية للنفايات الصلبة ومنها ما عمره أكثر من 30 سنة مثل مكبات برج حمود والكوستابرافا وصيدا وطرابلس وقد تحولت الى جبال نفايات.
هل كان الهدف من اعلان هذه النتائج إنقاذ الموسم السياحي؟
لم نجر هذه التحاليل لأهداف تجارية ولا إعلامية. أجريناها للإعلان عن الحقيقة.. واستعير هنا عبارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال ان التلوث موجود لكن التعميم خطأ. نحن هدفنا إعلان الحقيقة. والسبب ان ليس هناك مؤسسة رسمية مناط بها اصدار النتائج التي تتمتع بالمصداقية حول أوضاع البحر. وتجدر الإشارة الى اننا حددنا احداثيات كل نقطة بشكل علمي دقيق. لم نقل طرابلس كلها ملوثة. أصلا لا أحد لديه القدرة على القول ان طرابلس كلها نظيفة او كلها ملوثة. لذلك اخترنا النقاط التي تهم الناس.
مجلس البحوث هو «الساعد العلمي للدولة» كما تحب ان تسميه. كيف يؤدي دوره هذا عمليا؟
نحن ننفذ كل المشاريع التي تطلبها منا الدولة لدعم برامجها. ولدينا مهمات محددة بالقانون في كل ما يتعلق بالرقابة الإشعاعية على المواد المصدرة والمستوردة. ونتيجة عملنا في هذه الرقابة، نضع اليد على الكثير من البضائع التي تصل الى لبنان ونكتشف ان فيها نسب اشعاعات تزيد عن النسب المقبولة عالميا.
على صعيد المشاريع الأخرى، يدخل ضمن نطاق مهماتنا مثلا تلوث الهواء وتحديد رواسب المبيدات في الخضار والفاكهة وتحديد نوعية زيت الزيتون، والإجراءات التي تتخذها الوزارات لحماية الثروة السمكية او لتحديد الآثار المطمورة في البحر وتحديد الشاطئ اللبناني ونسبة التآكل فيه، الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية بالإضافة الى كل ما يقوم به مركز الجيوفيزياء. كل هذه معلومات لا أحد لديه السلطة والقدرة العلمية لتقديمها إلا المجلس الوطني للبحوث العلمية. نحن نقدم للدولة الرأي العلمي المحايد لتبني عليه موقفها.
الحلول للمشاكل البيئية التي يعاني منها البلد موجودة لديكم؟
الحلول موجودة نعم، ونحن جزء منها.
ما هو مستقبل البحث العلمي في لبنان؟ وماذا ينقص المجلس ليؤدي دوره بشكل اوسع في عصر الثورة التكنولوجية؟
منذ 20 سنة، اتخذ المجلس مسارا مختلفا بناه بالتكافل والتشارك مع المؤسسات البحثية والجامعية في لبنان. مشاريع البحوث لهذه السنة وصل الدعم لها الى ما يعادل 7 ملايين دولار، علما ان المجلس يقدم فقط 50% منها، وبقية المساهمات تأتي من شركائنا كالوكالة الجامعية للفرنكوفونية وجهات أخرى. ولكننا رغم ذلك نعمل بمبالغ لا تكفي إلا للمشاريع القائمة، فيما لدينا عشرات العروض التي لا نستطيع تلبيتها.
لذلك نطلب إعطاءنا فرصة لندخل الى محاور علمية جديدة يحتاجها لبنان ان كان على صعيد السدود او استخراج النفط او الكهرباء او دراسات الأثر البيئي للمحارق او التفكك الحراري. هذه مشاريع لا يجوز ان تلزم لشركات خاصة بل لطرف رسمي علمي محايد كالمجلس الوطني للبحوث.
هناك مثلا برنامج جديد نطمح الخوض فيه مع الجامعات ويتعلق بمستقبل الوظائف في لبنان وكيفية تعديل مسار الجامعات لتتلاءم مع الوظائف الجديدة.