كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: بكّرتْ بيروت في العبور إلى إجازةِ عيد الأضحى وسط تَلاشي أيّ حِراكٍ سياسي على خطّ كَسْرِ الجمودِ الذي يكتنفُ مسارَ تشكيل الحكومة الجديدة، وكأن البلاد محكومةٌ بمزيدٍ من «الهروب إلى الأمام» بعدما وَضَعَ الجميعُ شروطَهم على الطاولة في انتظارِ لحظة «فَرَجٍ» لن تكون إلا بأن «يصرخ» أحد أطراف الداخل أولاً في لعبة «عضّ الأصابع» المتمادية، أو بحدَثٍ «غير عادي» يقتادُ كل الأفرقاء إلى «بيت الطاعة» عبر تسويةٍ يصعب التكهّن في مثل هذا السيناريو بطبيعتها أو تَوازُناتها.
ومع ترحيلِ ملف التشكيل «المعلَّق» إلى ما بعد عطلة الأضحى، تزداد المخاوف في بيروت من أن يكون مساره يقترب من مرحلة استعصاءِ «الولادة الطبيعية» بما لا يترك مجالاً ولو بعد حين لغير حلول «قيصريةٍ» يؤشر عليها حجْمُ الأزمات المتوالدة والتي يتم الزجّ بها في عملية تأليف الحكومة التي كان الرئيس المكلف سعد الحريري يسعى إلى تركيبها على طريقة «مكعب روبيك» قبل أن تصبح «صواعقُها» بحاجةٍ الى تفكيكٍ على طريقة «الماتريوشكا».
وبعد تدحْرج كرة الأزمات في ملعب التأليف، من صراع الأحجام إلى التطبيع المبكّر مع النظام السوري ووهْج العوامل الإقليمية الأخرى، وبينها ملف العقوبات الأميركية على إيران، إضافة إلى عودة طيْف المحكمة الدولية إلى المشهد اللبناني مع ترقُّب ختْم المحاكمة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بحلول منتصف سبتمبر، ترتسم ملامح محاولة لوضْع الحريري بين مطرقة الشروط ذات الصلة بالتوازنات داخل الحكومة والتي ستشكّل المقياس الذي سيتعاطى المجتمعيْن العربي والدولي انطلاقاً منه مع لبنان الرسمي، وبين سندان الوقت الذي يضغط «حزب الله» وحلفاؤه وبينهم فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجعْله سيفاً مصلتاً على زعيم «المستقبل» لانتزاع شروطٍ في الحصص والسياسة على حدّ سواء.
وفيما كان بارزاً تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري «لن نقبل باستمرار حرق الوقت وصرفه من دون طائل، وتأجيل تنفيذ الاستحقاقات المتمثّلة ببناء مسؤولية السلطة التنفيذية عبر تشكيل الحكومة» وذلك عشية الإطلالة الثانية للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في أقلّ من أسبوع، لفت الأوساط السياسية موقف وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول الذي أعلن «أن العقدة المعترِضةَ تشكيل الحكومة الجديدة تكمن في طلب البعض، بدفعٍ خارجي، حصصاً مبالغاً فيها، وفي رهانه على متغيرات في المنطقة لن تصب في مصلحته حتماً»، مؤكداً «أن مصلحة اللبنانيين تقتضي تطبيعاً كاملاً للعلاقات مع سورية المنتصرة شاء من شاء ذلك وأبى من أبى».
ولاحظتْ الأوساط أن الحريري، الذي يتهيّأ لمغادرة لبنان لقضاء عطلة الأضحى مع عائلته، يكثّف من وضْع موسكو في أجواء مسار الوضع اللبناني كما مجمل نظرته إلى ملف العلاقة مع النظام السوري، إضافة الى متابعة قضية النازحين في ضوء المبادرة الروسية، مشيرة الى أن الرئيس المكلف يحاول باتكائه على تفاهمٍ مع الرئيس فلاديمير بوتين حماية البلاد من أي انزلاقٍ نحو لعبة المَحاور في المنطقة، خصوصاً أن موسكو تلعب وبتفويض من واشنطن دور الناظم الرئيسي للملف السوري ومتفرّعاته، وهو ما من شأنه توفير عناصر توازن اضافية في الواقع اللبناني وضمان عدم انحرافه خارج ضوابط الاستقرار السياسي.
وسيكون الملف اللبناني ولا سيما موضوع النازحين محور زيارة وزير الخارجية جبران باسيل لموسكو اليوم حيث يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال افريقيا ميخائيل بوغدانوف، وذلك بعد أيام قليلة من استقبال الأخير مستشار الحريري للشؤون الدولية جورج شعبان، كما لقائه الوزير طلال ارسلان وقبْله النائب تيمور وليد جنبلاط.