كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:
خضع اللقاء بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ووفد من حركة «أنصار الله» اليمنية لتأويلات سياسية، اتّهم أصحابها الحزب بانتهاك قاعدة «النأي بالنفس» وتوجيه رسائل الى السعودية والرئيس المكلف سعد الحريري، من صندوق بريد الضاحية الجنوبية، على وقع التجاذب الحادّ حول الحكومة الجديدة والعقد المستعصية التي تؤخر تأليفها. ولكن، كيف ينظر «الحزب» الى هذه الاتّهامات، وفي أيِّ سياق يضع لقاء نصرالله مع الحوثيين في قلب الضاحية؟
لا يشعر «حزب الله» بأيِّ حرج من الاجتماع المعلن والمصوّر، بل يُدرجه في سياق التضامن المشروع مع الشعب اليمني في مواجهة العدوان الذي يتعرض له، وبالتالي فهو يفصله كلياً عن مسار الوضع الداخلي، ويعتبر أنّ مَن يربط بين اللقاء وحسابات الحزب في أيِّ ملفّ محلّي يكون واهماً ومخطئاً.
بالنسبة الى «الحزب»، العكس هو الصحيح، وفي رأيه أنّ «مَن تعمّد تضخيم صورة الاجتماع واندفع نحو الاستثمار السياسي فيها إنما يرمي الى تبرير الإخفاق في تأليف الحكومة والتغطية على اسبابه الحقيقية، عبر اتّهام «الحزب» بأنه خرق اتّفاق «النأي بالنفس» ورفع منسوب التصعيد والضغط نتيجة استقباله وفد حركة «أنصار الله»، تماماً كما جرى خلال الايام الماضية افتعال أزمة تطبيع العلاقات مع سوريا واستحضار عامل المحكمة الدولية، والهدف من كل ذلك تعليق مسؤولية التأخير المتمادي في تأليف الحكومة على «شمّاعة» «حزب الله»، وبالتالي الدفاع عن بعض الدول التي يُشتبه في انها تعرقل الولادة الحكومية».
وإذا كان البعض قد أخذ على الحزب تعميمه صورة الاجتماع بين نصرالله والحوثيين بغية استفزاز الآخرين وتحدّيهم، إلّا أنّ المطلعين على تفاصيل هذا اللقاء يؤكدون أنّ الإعلان عنه يندرج في اطار انسجام «الحزب» مع اقتناعاته ومبادئه، وهو لا يجد اساساً أيّ سبب لإخفاء حصوله ما دام دعمُه السياسي والإعلامي والأخلاقي والمعنوي للشعب اليمني معلن اصلاً «والاجتماع يأتي في اطار هذا الدعم الذي لا نخجل به، إلّا إذا كان المطلوب ضرب حصار اعلامي على الحوثيين ومنع احد من استقبالهم، الى جانب الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي المفروض عليهم».
ويلفت المعنيون في «الحزب» الى أنّ نصّ اتّفاق «النأي بالنفس» الذي سبق أن تمّ التوصل اليه مع الرئيس سعد الحريري بعد تعديلات أُدخلت عليه، لا يشمل السلوك الإعلامي، وبالتالي فإنّ لكل طرف داخلي الحقّ في اعتماد السياسة الإعلامية التي تتناسب وخياراته السياسية، محذّرين من أنّ هناك مَن يسعى الى كمّ الأفواه تحت شعار «النأي بالنفس».
ويشدّد «الحزب» على أنه ليس وارداً لديه من الناحية الأخلاقية، قبل أيّ اعتبار آخر، أن يتجاهل ما يتعرّض له اليمنيون من انتهاكات وحصار ومجازر وامراض، مشدّداً على أنه لن يوقف رفع الصوت الذي يزعج السعودية وحلفاءَها، «خصوصاً أنّ المطلوب منا أن نكفّ حتى عن الكلام في مواجهة الظلم».
ويستغرب القريبون من «الحزب» كيف أنّ تيار «المستقبل» لم يتردّد قبل فترة في الانحياز الى جانب السعودية ضد كندا في أزمة لا علاقة للبنان بها، من دون أن يُصنِّف ذلك بمثابة خرق «للنأي بالنفس»، على رغم وجود جالية لبنانية كبيرة في كندا، بينما يتحسّس البعض في المقابل من مجرد حصول اجتماع بين نصرالله و«أنصار الله». ويلاحظ هؤلاء «أنّ هناك في لبنان مَن يستسهل شتم سوريا وايران متفلّتا من معادلة «النأي بالنفس» كلما أراد، ثمّ يستفيق عليها فجأة عندما ينتقد «الحزب» السعودية». ويؤكدون أنّ المطلوب من العاجزين عن تأليف الحكومة وقف سياسة الهروب الى الأمام وعدم الاستمرار في التفتيش عن ذرائع لتبرير هذا العجز.