كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:
في خضمِّ الخلاف الحاصل على خلفية تشكيل الحكومة العالقة بين عقد الحصص الوزارية من جهة وموضوع التطبيع مع سوريا من جهة أخرى، برز الإعلان عن اتصال بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس النظام السوري بشار الأسد.
وفيما أكدت مصادر مطلعة على موقف عون أن اتصال الرئيس كان للبحث في قضية النازحين السوريين واضعة إياه في خانة العلاقات الطبيعية بين البلدين، انتقدت مصادر في «تيار المستقبل» الخطوة معتبرة أن هناك محاولةً من البعض لتدعيم موقفه في الحكومة كما في الانتخابات الرئاسية المقبلة، انطلاقا من أن موضوع النازحين لم يعد في يد النظام السوري وبات يدار من قبل روسيا، سائلة: «لو كان للرئيس الأسد دور في هذا الإطار لماذا لم يلتقِ به وزير الخارجية جبران باسيل بل فضل الذهاب إلى موسكو؟».
ورفضت المصادر المطلعة على موقف عون ربط الموضوع بأي إحراج لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تنقطع وهناك وزراء في حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها الحريري يلتقون نظراءهم السوريين، وقبل عام كان قد عين سفيراً للبنان في سوريا. وأضافت: «من هنا فإن اتصال الرئيس لم يخرج عن سياق العلاقات العام المعتمدة، خصوصاً أنه كان بهدف بحث قضية أساسية بالنسبة إلى لبنان كما إلى سوريا وملف حساس يجب معالجته بطريقة هادئة»، موضحة: «البحث كان في الإطار العام لهذه القضية وكان تأكيداً من الطرفين على التعاون لتأمين العودة الآمنة للاجئين إلى بلادهم، بينما تبقى الترتيبات الأخرى مع روسيا التي أعلنت العمل على خطة للعودة، إضافة إلى كل ما يقوم به الأمن العام اللبناني في هذا الإطار».
في المقابل، رأت مصادر في «المستقبل» أن هناك تناقضاً من قبل «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل ومن قبل رئاسة الجمهورية. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» الحديث عن التطبيع مع سوريا سابق لأوانه، وموقف الحريري كان واضحاً في هذا الإطار عندما رفض هذا الأمر بشكل قاطع، وهو ما لن يؤثر على تشكيل الحكومة التي يمضي الرئيس المكلف بخطى ثابتة لتأليفها وفق معيار أساسي وهو معيار الوفاق الوطني، في وقت يبدو أن الآخرين يحاولون الاستقواء بالموقف السوري لدعم موقفهم الداخلي حيال تأليف الحكومة واستدراج عروض لانتخابات الرئاسة المقبلة».
وقالت مصادر «المستقبل»: «فيما يتعلق بعودة النازحين بات الجميع على يقين أن هذه القضية ليست بيد النظام السوري ولو كان الأمر كذلك لكان ذهب باسيل إلى دمشق وليس إلى موسكو التي أكد وزير خارجيتها أول من أمس بعد لقائه باسيل، أن عودة النازحين لا بد أن تحظى بموافقة الولايات المتحدة ودعم المجتمع الدولي». وأكدت المصادر أن «روسيا التي أصبحت تملك القرار الفصل في سوريا لطالما أكدت على دعمها الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، وهو ما أكده المسؤولون الروس للرئيس الحريري خلال زيارته الأخيرة وعاد وأكده لافروف خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع باسيل».
وبانتظار ما سيعلن حول الخطة الروسية بشأن عودة النازحين السوريين، تتجه الأنظار أيضاً إلى ما ستؤول إليه المشاورات الحكومية التي دخلت عطلة عيد الأضحى، رغم أن النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش يستبعد حصول أي خرق في المدى القريب. وقال في تصريح لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «ما ينتظرنا بعد العيد هو نفسه ما قبل العيد، العقد نفسها، إلا إذا اتخذ التيار الوطني الحر القرار بشكل وطني وموضوعي ووجداني في أن يسهل إنتاج الحكومة. أما اليوم فلا أرى أي تغيير ولا أفهم ما هي الخيارات التي من الممكن أن تُطرَح. الخيار الوحيد هو أن يسهل الوطني الحر الأمور حتى يتم إنتاج حكومة. غير ذلك، سنبقى ندور حول أنفسنا».
وأضاف: «حتى الآن ما زلنا نراوح في حلقة مفرغة ولا معطيات جديدة تؤكد أننا باتجاه ولادة حكومية في هذه اللحظة بالذات. برزت حلحلة في وقت من الأوقات في العقدة المسيحية، لكنها عادت وتأزمت، أما بالنسبة إلى العقدة الدرزية فبقيت كما هي».
وعما إذا كان هناك تدخلات خارجية قال علوش: «نعاني دائما من عوامل خارجية، لكن لم يحدد أحد ما هي بالتحديد العوامل الخارجية التي تمنعه من اتخاذ قراره الداخلي. حتى من يتحدث عنها لا يتناولها بوضوح، إنما بواسطة إيحاءات. قد تكون هناك عقد خارجية، لكن هل هذا يعني أن نلغي دورنا؟ على من يقول إن هناك عقداً خارجية أن يسهل الأمور لإنتاج حكومة بعيداً من العقد».