كتب داود رمال في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
مقولة شهيرة رددها «الجنرال» قبل الرئاسة وبعدها عندما رتب حضور كريماته الثلاث في حياته، يومها قال: «ميراي عقلي وكلودين زندي وشانتال قلبي»، وهذا التوصيف لا يلغي شراكة الثلاث في محبته الكاملة وبلا تفضيل، وهذه العاطفة الأبوية هي ديدن الرجل الشرقي لاسيما اللبناني الذي ينطلق من عالمه الخاص في أسرته الصغيرة ليكون على مساحة الوطن لا بل الى الأبعد.
وما زاد تعلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بكريماته، المسؤوليات والمخاطر التي واجهوها طيلة مسيرته العسكرية والسياسية، وهو الذي خبر كل التحديات والصعوبات والأهوال ليجد أولا الى جانبه أسرته كسند معنوي وعملي كبير أعطته القوة المضاعفة لمواجهة ما لا يمكن مواجهته فكان جمهوره الواسع والعريض على صورة أسرته الصغيرة من الحب والولاء والوفاء.
هي ميراي عون الهاشم الكريمة البكر للرئيس عون، لعبت وما زالت دورا مفصليا في النضال المستمر، وهي اليوم بعدما عادت الى قصر الشعب في موقع المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية، انكبت على متابعة الملف الاقتصادي واستطاعت أن تنجز، وتتحضر مع ولادة الحكومة العتيدة لمتابعة ملفات كثيرة بذات العزم والتصميم.
وفي حوار شامل وصريح فتحت فيه قلبها بصراحتها المعهودة وأجابت بلا قفازات أو أقنعة، قالت لـ «الأنباء» ما يلي:
الرئيس عون وصفك بأنك عقله لماذا؟
٭ لأنني افكر مثله وأشبهه إلى حد التكامل، وفي كثير من الاحيان من دون ان يوجهني الى موضوع معين يكون هذا الموضوع محل انشغالي.
في أي اتجاه يعمل عقل الرئيس كما في الرابية كذلك في القصر الجمهوري؟
٭ عدا عن كوني كريمة الرئيس، فإنني مناضلة في صفوف التيار الوطني الحر كما كل الصبايا والشباب، ودائما كنا ناشطات وفاعلات في صفوف التيار، واعمل كما كل الشباب الذين حلموا وناضلوا من اجل لبنان آخر يشبهنا.
من موقعك مستشارة رئيسية لفخامة رئيس الجمهورية ما الملفات التي تتابعينها؟
٭ اكثر ما أخذ اهتمامي خلال السنوات الأولى من العهد هو الملف الاقتصادي والتخطيط الاقتصادي، لأن الملفات الأخرى موزعة على أصحاب الاختصاص، وسبب اهتمامي بالتخطيط الاقتصادي لان العمل السياسي هدفه الرئيسي تحسين أوضاع شعبنا، وهناك وضع اقتصادي ضاغط، وبما ان تأمين المداخيل صار أمرا يحتاج الى جهد كبير، لا بد، كدولة لبنانية، من توجيه الاقتصاد والاستثمارات الى المجالات التي تخلق اكبر عدد من الوظائف وتحقق افضل نمو، لا يمكن ان تبقى إدارة الأمور كما في الستينيات والسبعينيات حيث كانت البحبوحة المالية، ويومها كان الهدر لا ينعكس مباشرة وبشكل كبير على الوضع الاقتصادي والمالي، أما اليوم فكل قرش لا يصرف في وجهته الصحيحة يكلف لبنان الكثير على صعيد الفقر في المجتمع وهجرة.. والوضع الذي نعيشه راهنا في البلد يحكي عن هذا الواقع، ومن اجل معرفة كيفية توظيف الاستثمارات كدولة لبنانية نحتاج الى تخطيط، ولا يمكن الاستمرار في العشوائية التي كانت سائدة في الظروف السابقة، حيث كانت البحبوحة في لبنان والعالم العربي وعلى مستوى العالم نسبيا، من هنا كانت فكرة الاستعانة بمكتب استشارات دولي لمواكبة الحكومة اللبنانية بوضع خطة تنمية اقتصادية، تم التركيز فيها على خطة العمل التي يجب ان يعتمدها لبنان لتوجيه اقتصاده الى المجالات المنتجة والمثمرة، وهذا الموضوع وصل الى خواتيمه ووضع في عهدة الحكومة الحالية، على أمل ان تتبنى الحكومة العتيدة طريقة العمل وان يعمل على أساسها لان ذلك يمثل أملا كبيرا للبنانيين.
ما الأولويات الرئاسية الدائمة؟
٭ هي أولويات كل حاكم في العالم يريد مصلحة شعبه وبلده، هناك أعمدة للاستقرار وهي: الاستقرار الأمني الذي قطع أشواطا كبيرة في متانته وسيادته على جميع الأراضي اللبنانية، والاستقرار السياسي من خلال قانون الانتخابات والإصلاحات، لأنه لا يوجد بلد يعيش من دون إصلاح دستوري دائم، أنا عملت لسنة مع وزارة العدل الفرنسية وتمت دعوتي مرتين الى احتفال انجاز تعديل دستوري، لأنه دائما تظهر ثغرات وهناك حاجة دائمة للتحديث تقتضي تعديلات دستورية، وبالتالي تحديث الدستور والقوانين هي عملية مستمرة، والاستقرار الاقتصادي الذي يشكل عامل اطمئنان أساسي للمواطن وللمستثمر، والاستقرار القضائي اي استقرار العدالة، هذه أعمدة الوطن التي لا يمكن العيش من دونها.
ما الأولويات الراهنة لرئيس الجمهورية؟
٭ هي الأولويات التي سبق أن حددها في الإفطار الرمضاني في القصر الجمهوري، وفي مقدمتها أزمة النازحين السوريين التي تشكل عبئا كبيرا على لبنان، لان مقاربة هذا الملف دقيقة لأنه في الوقت الذي يجب ان نحافظ فيه على إنسانيتنا علينا أيضا المحافظة على شعبنا ووطننا وهذا ملف صعب كونه قائما على التوازن بين البعدين الإنساني والوطني، وموضوع مكافحة الفساد، والملف الاقتصادي بكل جوانبه بأبعاده الثلاثة: التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل، والبعد المالي وكيفية إدارة مالية الدولة والبعد الاجتماعي من قانون العمل وعقود العمل وضمان الشيخوخة والنظام الصحي والنظام التربوي والذي لم يتم التعمق فيه لان هناك أولويات توصل اليه، وفي طليعتها فرص العمل.
هل من الممكن ان يكون اسم ميراي عون الهاشم من ضمن مرسوم تشكيل الحكومة؟٭
لا تعليق.
لو افترضنا انه سيتم توزيرك أي حقيبة وزارية تفضلين؟
٭ لم توضع الدساتير والقوانين عبثا، وبالتالي ليس من حقيبة وزارية غير مهمة، والمهم ان يكون الشخص حريصا على ان تلعب الوزارة دورها الكامل والشامل وعلى مساحة لبنان، لان الوزير مسؤولياته تشمل كل المناطق اللبنانية، لذلك لا يوجد وزارة غير مهمة.
مررت بتجربتين في هذا القصر يوم كان الجنرال رئيسا للحكومة واليوم اصبح رئيسا للجمهورية هل اختلف الأمر عليك؟
٭ الذي اختلف هو ظروف الحرب التي كانت سائدة. وهي ظروف استثنائية في ظل وضع غير طبيعي، وبالرغم من ان التحديات كبيرة والتطلعات اكبر، لكن لا بد للبنانيين أن ينظروا أين كنا وأين اصبحنا. لو عدنا الى الحرب العالمية الاولى كنا تحت الاحتلال العثماني ومن ثم كانت الحرب العالمية الثانية ولم يكد لبنان ينال استقلاله النهائي حتى كان قيام دولة إسرائيل النقيض للبنان ووقع ذلك الكبير على جمهورية ما زالت فتية وتداعيات ذلك علينا، وتهجير الفلسطينيين الى لبنان، وصولا الى الحرب في العام 1975 وبعدما توقفت لغة المدفع استمر الاحتلال الاسرائيلي والاحتلال السوري وبعد التحرير في العام 2000 وخروج الجيش السوري في العام 2005، ولم نكد نبدأ استعادة أنفاسنا، حتى بدأت الحرب في سورية وكانت تداعياتها كبيرة كونها جارة لنا خصوصا تدفق النازحين السوريين بأعداد كبيرة على لبنان وازدياد خطر الارهاب، وما زلنا مستمرين ونقف على قدمين ثابتتين، والفارق بين تجربتي الجنرال رئيس حكومة والجنرال رئيس جمهورية اننا كنا في الفترة الاولى في مواجهة للحفاظ على لبنان اما اليوم فنعمل لكي يلعب لبنان دورا اكبر من حجمه أي بمستوى الدور والرسالة التي يختزنها ويعبر عنها، وان شاء الله عند نهاية العهد نكون قد حققنا كل ما نصبو اليه وحدده الرئيس في خطاب القسم.
دائما ما يصوب على العهد من باب عائلته والمقربين بماذا تردين؟
٭ لبنان بلد صغير ولسنا أوروبا أو تركيا (صهر الرئيس وزير) أو أميركا (ابنة الرئيس وصهره مستشاران أساسيان).. في ظل الأزمات الكبرى وقلة الثقة على مستوى العالم يلجأ المسؤول الى المقربين منه لأنهم في حال اخطأوا يمكن محاسبتهم، ولبنان بحجم مدينة في دولة الجميع يعرف بعضه بعضا والقرابة متصلة ضعيفة كانت أو قوية، ولأننا في عالم مفتوح يمكن الحكم على الأقارب من تصرفاتهم، ربما هناك افضل مني ولكن من يستطيع ان يكون في تصرف رئيس جمهورية ويتخلى عن عمله وبعد انتهاء العهد لا شيء مضمونا، مثلا في موضوع الخطة الاقتصادية تواصلنا مع الكثير من الخبراء والاقتصاديين لكي يتفرغوا للمساعدة وإنجاز الخطة لم يقبل احد ترك وظيفته وعمله، ومن الطبيعي في وضع من الأزمات الكبيرة يتم الاتكال على الأقارب من أصحاب الاختصاص من منطلق الثقة وإمكانية المحاسبة.