كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: هل يشكّل الأول من أيلول موعد انطلاق «الخطة ب» في سياقِ محاولةِ إرغام الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على التسليم بشروط تَحالُف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«حزب الله» لتشكيلةٍ تعكس بتوازناتِها وسياستِها «الانقلابَ» الذي شكّلتْه نتائج الانتخابات النيابية و«خريطة الطريق» الجديدة نحو التطبيع مع النظام السوري وتكريس انتقال لبنان من «خيمة» النأي بالنفس إلى رحاب لعبة المَحاور في المنطقة؟
هذا السؤال يَفرض نفسه هذه الأيام في بيروت في غمرة انسداد أفق تأليف الحكومة وتلويح الرئيس عون بـ «كلامٍ آخر» ابتداءً من مطلع سبتمبر، في تطورٍ بدا من الصعب تفسيرُه من خارج سياق مرحلة «المواجهة» التي دَخَلها لبنان من بوابة الأزمة الحكومية التي تطوي غداً شهرها الثالث، وسط مؤشراتٍ على أن الصراع على تخومها لم يعد يدور حول الحصص والأحجام فقط بل أيضاً حول التموْضع الإقليمي للبلاد والخيارات الاستراتيجية.
فعطلة الأضحى، ورغم حركة السفر الخارجي لبعض المسؤولين وفي مقدّمهم الحريري، حملتْ إشاراتٍ على طريقة تأكيد المؤكد بأن التسوية السياسية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي في أكتوبر 2016 تعرّضتْ لضربة يُخشى أن تكون «قاضية»، بعدما تمّ تفريغ موجباتِها من مضمونها وتحديداً لجهة النأي بلبنان عن أزمات المنطقة وحروبها وتحييد الملفات الخلافية وفي مقدّمها الأوضاع في سورية، وذلك من خلال الخطوتيْن في الاتجاه عيْنه، من الرئيس عون الذي بادر الى اتصالٍ هو الأوّل من نوعه الذي يُعلَن عنه بالرئيس السوري بشار الأسد، ومن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله باستقباله المُعلن لوفد الحوثيين.
وترى أوساطٌ سياسية عبر «الراي» أن خطوتيْ عون ونصر الله لا يمكن إدراجهما إلا في إطارٍ مزدوج: الأوّل المزيد من إحراج الحريري الذي يُتهَم من أوساط فريق رئيس الجمهورية و«حزب الله» بأنه يسعى الى الانقلاب على الانقلاب الذي أفرزتْه الانتخابات التي شكّلت ارتداداً على مرحلة 2005 وما بعدها ومحاولته منْع ترجمة نتائجها حكومياً، في الحصص كما على المستوى السياسي لجهة الموقف من التطبيع مع النظام السوري خصوصاً. والثاني معنيّ به «حزب الله» بالدرجة الأولى ويتمثّل (من خلال استقبال الوفد الحوثي) في توجيه الرسائل و«على المكشوف» لمَن يعنيهم الأمر في الخارج، مع الاستعدادات الأميركية لفرض العقوبات الأقسى على إيران في نوفمبر المقبل، بأنّ «الزمن تحوّل» في لبنان بعد انتصار «محور الممانعة» بـ 74 نائباً في البرلمان.
وتَعتبر هذه الأوساط أن ما يشبه تحديد «الساعة الصفر» لانتهاء «فترة السماح» للحريري لتقديم تشكيلةٍ حكومية مكتوبة يؤشر على أن مرحلة جديدة من «عضّ الأصابع» ستنطلق بداية سبتمبر على قاعدة السعي لإحراج الحريري لإخراجه وذلك في سياق مواجهةٍ فَرَضها عدم تسليم الرئيس المكلف بشروط فريق عون و«حزب الله»، وسط معطياتٍ تشير الى أن الحريري الذي يسعى إلى الحفاظ على «الرمَق الأخير» من التسوية ليس في وارد التراجُع مستفيداً من وضعيته كرئيس حكومة مستقيلة ورئيس مكلف لا توجد آليات دستورية لسحْب التفويض منه.
وفي حين بَرَزَ أمس كلامُ وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول (من فريق عون) عن «أن عراقيل التأليف خارجية» متسائلاً في ضوء ذلك «عن النأي بالنفس الذي يتحدثون عنه» ومشيراً الى «أن ما حصل في سورية حصل ومَن انتصر انتصر والملف انتهى، وهذا ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، ومؤكداً «نحن بانتظار تشكيل الحكومة من اليوم الى آخر الشهر، وبعد آخر الشهر هناك حديث آخر»، تشير الأوساط نفسها إلى أن الاستقطاب الحادّ الذي يتّجه إليه الواقع اللبناني يشي بأن لا حكومة قبل نوفمبر، وسط صعوبة تَصوُّر أن يقدّم الحريري الحكومة بشروطٍ وتوازناتٍ وأجندة تشكّل «هدّية» إلى المحور الإيراني في طريق طهران الى المواجهة مع واشنطن، وعدم توقُّع اي خطوات تراجُعية من «حزب الله» وفريق عون اللذين يندفعان الى الأمام ويقفزان فوق «حجر الزاوية» السياسي للتسوية الرئاسية، ما يجعل لبنان أمام منعطفٍ لا يمكن التكهّن بمآله وخصوصاً لجهة المدى الذي ستبلغه عملية الضغط على الرئيس المكلف.
وفي موازاة ذلك، كان لافتاً ما نُقل عن أوساط قريبة من دار الفتوى من «ان كرة التشكيل ليست في ملعب الرئيس الحريري إنما لدى من يُعرقلون ولادتها، وهم باتوا معروفين، بحيث لا يريدون إلا حكومة برضى إيران وسورية».
وأشارت الأوساط عبر «وكالة الأنباء المركزية» إلى «لائحة» من التنازلات لا يزال الحريري يُقدّمها من أجل مصلحة البلد «تبدأ بالتسوية الرئاسية ولا تنتهي بقبوله بقانون النسبية في الانتخابات النيابية».
وبشأن مّا اذا كانت التسوية الرئاسية سقطت، قالت الأوساط: «فليُسأل عن هذا الموضوع (التيار الوطني الحر) الذي سبق وأعلن سقوط (تفاهم معراب) الذي وقّعه مع (القوات اللبنانية)، ولاحقاً التسوية مع الرئيس الحريري».