IMLebanon

كيف تنجح موسكو في سوريا؟

كتب طوني فرنسيس في صحيفة “الحياة”:

حققت روسيا الكثير في سوريا، وعشية الذكرى الثالثة لتدخّلها الحاسم في أيلول 2015، أمكنها استعراض ما حققته قواتها في هذا البلد وأعادها قوة دولية عظمى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه، وانضمام مجموعة من دول حلف وارسو السابق الى عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي.

وضعت روسيا في هذه السنوات الثلاث مصير سوريا بين يديها، وحضرت جواً وبراً وبحراً… في البحار الأسود والمتوسط وقزوين، وحولت هذا الأخير الى منصة لإطلاق صواريخ “كاليبر”، في إشارة قوة لدوله، وبينها خصوصاً إيران، وجعلت من تدخلها حاجة إقليمية لإسرائيل من جهة، ولأطراف عربية تخشى تحدّيين: تركيا الإخوانية العثمانية وإيران المذهبية التوسعية.

وعلى رغم أن مساحات واسعة من سوريا لا تزال خارج النفوذ الروسي، بات في إمكان موسكو أن تطرح مبادرات هي في حاجة إليها لتكريس انتصارها ونفوذها، وأبرز هذه المبادرات الدعوة الى عودة ملايين اللاجئين السوريين الى بلادهم، وركزت في هذه الدعوة خصوصاً على اللاجئين الى البلدان المجاورة لسورية، لبنان والأردن وتركيا. ولا شك أن عنواناً كهذا سيلقى صدى إيجابياً في هذه البلدان وفي العالم أجمع، إلا أن شيطان التفاصيل يبقى ماثلاً، فروسيا تحض اللاجئين على العودة الى حضن من هجّرهم أو هربوا منه، ومن دون أي ترتيب سياسي يضمن أمن هؤلاء ومصالحهم في ظل نظام سياسي مختلف، وهي كذلك تطلب الى دول العالم المساهمة في توفير شروط العودة عبر مساهمتها في إعادة إعمار البنية السورية التي لا تقل تكاليفها عن 400 بليون دولار، فيما تتمسك هذه الدول وفي مقدمها الولايات المتحدة، بإجراء تغيير في طبيعة النظام تحدثت عنه قرارات مجلس الأمن ومحادثات جنيف ومجموعة من البيانات المشتركة، بما فيها بيانات أميركية – روسية على مستوى القمة.

تبدو “روسيا عالقة في سوريا” قال جون بولتون، رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي، خلال زيارته إسرائيل هذا الأسبوع، وفي الواقع فإن عدم نجاح موسكو في إحداث خرق في موضوعي الإعمار واللاجئين، وعدم رغبتها أو قدرتها على الحد من النفوذ الإيراني، والقيود التي تلوح ضد محاولة اجتياح إدلب، كلها عوامل تجعل السياسة الروسية في سورية تراوح بما يهدد إنجازات السنوات الثلاث، ويفسح في المجال أمام تطورات ميدانية لن تكون بالضرورة لمصلحتها. وهذا يفترض أن يدفع باتجاه مفاوضات واضحة وعملية تغير في المشهد السوري والإقليمي، فليس من مصلحة الأطراف العربية والدولية الرئيسة أن تفشل روسيا في سورية، كما أنه ليس في مصلحتها أن يقتصر الدور الروسي على تثبيت الأسد والحضور الإيراني.