كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:
من المتوقع أن يستحوذ الوضع اللبناني على حيّز واسع من خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله غداً الأحد في الهرمل، في الذكرى الثانية لتحرير الجرود من الجماعات الإرهابية. والى جانب التركيز على أهمية حدث تحرير الحدود الشرقية من التكفيريين، سيتطرّق نصرالله الى هموم البقاع الاقتصادية والإنمائية ونمط مقاربة «حزب الله» لها في المرحلة المقبلة، كما يُرجّح أن يطلّ على ملف تشكيل الحكومة المثقل بعقد الأحجام والأوزان، وسط تلميحات رئيس الجمهورية ميشال عون الى تراجع منسوب المخزون الاحتياطي من صبره، واحتمال انتقاله الى الخطة «ب»، إذا استمرّت المراوحة.
على خط آخر، يحرص نصرالله من حين الى آخر على عقد اللقاءات المغلقة مع كوادر الحزب ووحداته التنظيمية، واضعاً اياها في صورة التحديات التي تواجه الحزب في مختلف المجالات وكيفية مواجهتها.
وعلمت «الجمهورية» انّ نصرالله عقد أخيراً لقاءً مع وحدة «التثقيف الجهادي»، مؤكّداً امامها انّ الحزب كان في قلب معركة الوجود خلال السنوات السبع الماضية، ولافتاً الى انّ الولايات المتحدة أنفقت 7 تريليون دولار، غير ما أنفقته دول الخليج، لكنهم لم تحصل على شيء.
واشار الى أنه «عندما قرّرنا إيفاد عدد من القادة الى العراق، كانت لدينا أربع ساعات فقط لنتصل بالاخوة ونطلب منهم أن يجهّزوا انفسهم ليكونوا على متن الطائرة في سوريا، وما استوقفنا هو انّ احداً ممّن اتّصلنا بهم لم يمتنع عن الذهاب»، متوقّفاً عند الدلالات الإيمانية والروحية لهذه الاستجابة الفورية.
وشدّد نصرالله خلال لقائه مع «التثقيف الجهادي» في الحزب على انّ الجهوزية الروحية والإيمانية هي الأهم في تحقيق النصر، لا الصواريخ ومخازن الأسلحة فقط.
وتوقّع «السيد» أن يستمرّ الضغط المالي على «حزب الله» لسنوات إضافية، قائلاً: يبدو انّ التضييق المالي باقٍ لسنوات طالما انّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب موجود في السلطة، مؤكداً أنه «يجب ألّا نتأثر بهذا الضغط، لأنّ عندنا بنية تحتية قوية»، ومضيفاً: في أسوأ الاحوال، لو لم يعد هناك مال، فإنّ المشروع الاقل كلفة والأكثر تاثيراً هو ان تستقطبوا الناس الى المساجد، لأنّ هذه الوسيلة التبليغية لا تنقطع وكذلك عاشوراء.
وأكد نصرالله «ضرورة أن نكون القدوة في سلوكنا»، مشيراً الى انّ مَن كان نموذجاً جيداً يترك أثراً جيداً، ومشدِّداً على انّ الناس «لا يتحملون التنظير بالتضحية والجهاد والصدق والإخلاص والعفة، فيما أنت غير ذلك».
ودعا «السيد» الى الاستفادة في تطوير العمل الثقافي من كل الأساليب المشروعة والمتنوّعة، من وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي وسينما ومسرح، «لكنّ الاهم الذي يجب أن تكون له الأولوية هو ذاك التفاعل الذي ينطوي على اتّصالٍ مباشر، لأنّ الخطاب المباشر يحاكي العقل والمشاعر». وأضاف: عندما كنا في النجف وكنا نذهب لزيارة العلماء ونجلس معهم، فإنّ مجرد الحضور في هذا المجلس كان له أثر نوراني حتى لو ساد الصمت.
وروى نصرالله واقعة طريفة حصلت معه في مطلع الشباب، قائلاً: في إحدى المرات، طلب مني الشهيد السيد عباس الموسوي أن أصلّي بدلاً عنه في بلدة النبي شيت، لأنه كان يصلّي في بعلبك. وبعد تزايد انشغالاته طلب مني أن أصلّي مكانه في بعلبك على أن يتولّى الشيخ محمد خاتون الصلاة في النبي شيت.
لاحقاً، وخلال إحدى السهرات في النبي شيت، سأل السيد عباس الناس: أيهما خطابه أفضل، السيد حسن أم الشيخ خاتون؟ فأجابوه: الشيخ خاتون. وهنا تفاجأ السيد عباس، فسألهم: لماذا؟ قالوا لأنّ الشيخ خاتون يبدأ كلامه عن منطقة النبي شيت، بينما السيد حسن يبدأ من أميركا ثم الاتّحاد السوفياتي ويلفّ المنطقة حتى يصل الى النبي شيت.
يضحك نصرالله، ويتابع: معهم حق، لأنّ الناس تريد مَن يحاكي همومها ويتكلّم عمّا هو محلّ اهتمامها، وعلى سبيل المثال، في الماضي كان المتديّن في الجنوب او بيروت يضع تحت إبطه كتاب «فلسفتنا واقتصادنا»، في سياق التحدي للماركسية، بينما هذا التحدي والاهتمام لم يكونا موجودين في البقاع.