بعد لغط داخلي حول مُهل «غير دستورية» حدّدها لرئيس الحكومة المكلّف، وآخرها الأول من أيلول، وتوجّس خارجي – وتحديداً عربي – من إمكان تنصّل لبنان من سياسة «النأي بالنفس» التي اعتمدها، أطلق رئيس الجمهورية ميشال عون سلسلة رسائل إلى الداخل وإلى العرب، جدّد خلالها الالتزام بمبدأ «النأي بالنفس»، نافياً أن يكون مطلع الشهر المقبل «موعداً مفصلياً» في العلاقة بينه وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري، مع تكراره استغراب الكلام عن نيّته سحب التكليف.
هذه الرسائل التي وجّهها رئيس الجمهورية خلال استقباله وفداً من المنتشرين اللبنانيين في دول الخليج العربي، أكد خلالها أن لبنان الذي يعتمد سياسة النأي بالنفس «لا يمكنه أن ينحاز في أي صراع لأي دولة شقيقة ضدّ مصلحة دولة شقيقة أخرى، إلاّ أن النأي بالنفس لا يعني أن ننأى بأنفسنا عن أرضنا ومصالحنا التي لا تضرّ بأي من الدول العربية»، متسائلاً: «هل من متضرّر إذا عاد النازحون إلى سوريا؟ وهل هناك مَن يتأذّى إذا مرّت منتجاتنا اللبنانية عبر معبر نصيب؟».
وجاء هذا الموقف، حسب أوساط بعبدا، ردّاً على تفسيرات البعض لموقف رئيس الجمهورية إزاء عودة النازحين والسماح للمنتجات اللبنانية بسلوك معبر نصيب أنه عبارة عن نيّة في «تطبيع» العلاقة مع النظام السوري، مستغربة هذا التفسير خصوصاً أن «التطبيع» يتم بين دولتين عدوّتين أو لا تقيمان علاقات ديبلوماسية بينهما خلافاً لما هو واقع الحال بين لبنان وسوريا. وأوضحت المصادر أن كلام الرئيس عون أمس جاء تأكيداً لدول الخليج على التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، من دون أن يعني العمل على تصريف الإنتاج اللبناني عن طريق معبر نصيب خروجاً عن هذا النأي «لأن اللبنانيين تكبّدوا خسائر قدرها 42 مليار ليرة خلال السنتين الماضيتين بسبب اضطرارهم إلى تصريف الإنتاج عبر البحر بحكم إقفال هذا المعبر».
وإذ ذكّرت الأوساط بأن تصريف الإنتاج اللبناني برّاً يمكن أن يندرج ضمن سياق استجرار الكهرباء من سوريا أو إعادة النازحين إليها، أكدت حرص العهد على العلاقات اللبنانية – العربية مستشهدة بكلام الرئيس عون للوفد الذي استقبله أمس، حيث شدّد على وجوب التزام اللبنانيين المقيمين في دول الخليج على احترام أنظمتها وتقديره لاحتضان هذه الدول للبنانيين.
أمّا في الشقّ الداخلي فكرّر رئيس الجمهورية، حسب الأوساط، استغرابه لما نُسب إليه بأنه ينوي سحب تكليف الرئيس الحريري، وأنه حدّد الأول من أيلول مهلة ليكون له كلام آخر في ملف التشكيل. وجدّدت التأكيد أن هذا الأمر «غير صحيح وغير وارد في ذهن رئيس الجمهورية لأنه مخالف للدستور، ولأن التواصل بينه وبين الرئيس المكلّف دائم ومستمرّ وشبه يومي ولا قطيعة بين بعبدا والوسط كما يحلو لمخيّلات البعض».
وأوضحت الأوساط أن الأول من أيلول «ليس موعداً مفصلياً في العلاقة بين الرئيسين عون والحريري، بل إن رئيس الجمهورية سيدفع من أجل إعادة تحريك الاتصالات لتشكيل الحكومة وبذل جهد إضافي بالتنسيق مع الرئيس المكلّف لخرق الجمود الحاصل»، مستغربة «إصرار البعض على اختراع خلاف بين الرئيسين بالقوّة».