كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
أرسلت وزارة الخارجية إلى مجلس الخدمة المدنية قراراً بتشكيل دبلوماسيين في الفئة الثالثة من الإدارة المحلية إلى الخارج، ومرسوماً لتشكيل دبلوماسيين من الفئة الثانية. لم «يُفرج» المجلس عن التشكيلات، وفي ذلك رسالة ضغط من سعد الحريري باتجاه التيار الوطني الحر، بحسب تفسير المتابعين للملف.
درجت العادة على أن تُشكّل وزارة الخارجية والمغتربين ساحةً خلافية بين التيار الوطني الحرّ وحركة أمل. إلا أنّ «القاعدة» تبدلت هذه المرّة، مع قرار تعيين دبلوماسيين من الفئة الثالثة. فقد حلّ تيار المستقبل مكان «أمل»، مُعترضاً على اختيار بعض الأسماء والمواقع التي ستشغلها، إن كان في الولايات المتحدة الأميركية، أو في بلدانٍ أوروبية. الاعتراض أتى مُباشرةً من رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، الذي يعتبر أنّه المعني الأول باختيار أسماء الدبلوماسيين المُنتمين إلى الطائفة السنّية، والمواقع التي سيشغلونها. حاله لا يختلف عن بقية السياسيين، الذين يتعاملون مع مُمثلي الدولة اللبنانية في الخارج، بوصفهم سفراء الطائفة أو الحزب أو التيار. أراد الحريري إدخال تعديلات على المسودة، التي أصرّت «الخارجية» على أن لا يتدخّل أي فريق سياسي في تحديد معالمها.
واشنطن مثالٌ على اعتراض الحريري، الأمر الذي تبلور بعد زيارة مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة آمال مدللي لرئيس الحكومة المكلف. فقد أبلغت الأخيرة الحريري أنّ الدبلوماسيين من الفئة الثالثة المُقترَحين إلى واشنطن لا «يُناسبان السياسة المُستقبلية»، وهما أقرب إلى التيار الوطني الحرّ. غير أنّ الاعتراض المستقبلي، لم يؤدّ الغرض منه. فمسودة الأسماء التي وضعها الأمين العام للوزارة، السفير هاني شميطلي، ومكتب وزير الخارجية والمغتربين، لم يُبدَّل اسمٌ واحد فيها. وقد تولّى شميطلي، بحسب المعلومات، مهمّة «إقناع» الحريري «بأهمية» المواقع التي عُيّن فيها دبلوماسيون من الطائفة السنية، وبأنّ كلّ دبلوماسي عُيّن في المكان الذي يُناسب كفاءته. نظرياً، أدّى ذلك إلى سحب فتيل اعتراض الحريري، ولم تعد التشكيلات بحدّ ذاتها هي المشكلة. حالياً، الأنظار تشخص صوب مجلس الخدمة المدنية، الذي قد يستخدمه الحريري سلاحاً في وجه باسيل.
ففي 13 آب الماضي، أُرسل إلى مجلس الخدمة المدنية قرار تشكيل دبلوماسيي الفئة الثالثة من الإدارة إلى البعثات في الخارج. وفي 9 آب، وصل إلى «المجلس» مرسوم تشكيل ثلاثة دبلوماسيين من الفئة الثانية، إلا أنّ الرأي حول الملفّين لم يصل إلى «الخارجية» بعد. لم يُعرف إن كان التأخير ناتج من الرقم الكبير لملفات الدبلوماسيين التي تحتاج دراستها إلى وقت، أو إن كان الحريري سيستخدم سلاح مجلس الخدمة المدنية بوجه باسيل. الرسالة التي يريد رئيس الحكومة إيصالها إلى وزير الخارجية، أنّه كما يجري تعطيل توقيع مراسيم بحجة غياب التوازن الطائفي، لا مانع من تأخير البتّ بملفّ التشكيلات الدبلوماسية. واللافت للانتباه، أنّ الاختلافات لم تكن تحصل في زمن تولّي نادر الحريري ملف العلاقة بين التيار العوني وتيار المستقبل.
التشكيلات الدبلوماسية دليلٌ إضافي على السياسة الجديدة لسعد الحريري، التي تدفعه إلى استغلال أي ملف لتظهير ابتعاده السياسي عن «التيار». وإذا ثبت تدخل الحريري في هذا المجال، فهو سيكون تحت عنوان «عدم جواز إصدار المراسيم والقرارات، ولا سيّما التي تُرتّب أعباءً مالية على خزينة الدولة، خلال فترة تصريف الأعمال»، علماً بأنّ هذا الشق يحمل الكثير من الأخذ والردّ القانونيين.
وجهة النظر القانونية الأولى ترى أنّ «التشكيلات الدبلوماسية لا تُعَدّ من الأعمال العادية، وبالتالي تخرج عن نطاق تصريف الأعمال»، إضافةً إلى أنّ هؤلاء «يُرتّبون أعباءً مالية على الدولة، فالدبلوماسي الذي سينتقل إلى الخارج، سترتفع مخصّصاته». لكن لا يستطيع مجلس الخدمة المدنية أن يوقف العمل بقرار الوزير أو بالمرسوم، «بل يكتفي بإصدار رأي، من دون أن يكون الوزير مُلزماً به. وقد حصلت سابقة، حين لفت مجلس الخدمة المدنية نظر باسيل إلى وجوب تشكيل سفراء من الخارج إلى الإدارة المركزية، لانتهاء مهلة خدمتهم في البعثات، من دون أن يتجاوب وزير الخارجية». بعد صدور رأي مجلس الخدمة المدنية، يُعَدّ القرار داخلاً حيّز التنفيذ، «إلا إن قرّر أحد المُتضررين تقديم شكوى إلى مجلس شورى الدولة، الأمر المُستبعد في هذه الحالة». أما بالنسبة إلى مرسوم الفئة الثانية، «فهو نوع من المراسيم الجوالة، الذي يُفترض أن يحمل تواقيع وزارة الخارجية ووزارة المال والسرايا الحكومية والقصر الجمهوري. إذا كان الحريري فعلاً يريد التعطيل، فقد يمتنع عن التوقيع، مُتذرعاً بأنّه لا يوقّع المراسيم خلال فترة تصريف الأعمال».
أما وجهة النظر الثانية، فتقول إنّ «انتقال الدبلوماسيين أمر ضروري من أجل تسيير العمل في الإدارات، وبالتالي لا مانع من إصدار قرارات ومراسيم في هذا الخصوص». ومن ناحية الممارسة، «شهدنا خلال ولاية الوزيرين عدنان منصور وعلي الشامي عدداً من المناقلات الدبلوماسية، وكانت الحكومة في فترة تصريف الأعمال».
مصادر مُقرّبة من باسيل تؤكد أنّ باسيل تواصل مع الحريري، «وقد أكد الأخير أن لا مُشكلة في إصدار القرار والمرسوم، وأنّ رئاسة الحكومة لن تُعرقل». ماذا عن القول إنّ باسيل يُخالف من خلال التشكيلات أصول تصريف الأعمال؟ تردّ مصادر «الخارجية» بأنّ تشكيل الدبلوماسيين أساسي، «ولا سيّما في العواصم الكبرى والسفارات التي لا يوجد فيها أكثر من دبلوماسي واحد، فيما الملفات التي يجب أن تُتابع متشعّبة». وهي تستغرب اعتراض تيار المستقبل وفرضه شروطاً بشأن توزيع الدبلوماسيين على البعثات، «لأنّ أعضاء الفئة الثالثة ليسوا أصحاب سلطة، بل عملهم يقتصر على التمرّس في المهنة».
تشكيلات الفئتين الثانية والثالثة والقنصليات
يضم مرسوم تشكيلات الفئة الثانية في وزارة الخارجية:
1) نقل بشير عزام من بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة إلى برلين
2) نقل أحمد سويدان من برلين إلى الإدارة المركزية
3) إرسال بشير سركيس إلى القنصلية العامة في هيوستن.
أما قرار تشكيل دبلوماسيي الفئة الثالثة من الإدارة إلى البعثات في الخارج، فيضم في ما خصّ السفارات:
رودريك الخوري إلى موسكو، نبيل الفرزلي إلى جنيف، روى الزغبي إلى لندن، زاهر العريضي إلى بكين، راوي حمدان إلى نيويورك، علا خضر إلى لندن، زياد الرياشي إلى الرياض، باسل عويدات إلى الكويت، جويل أنطون إلى أبو ظبي (وكانت السلطات الإماراتية قد رفضت منح فؤاد خزاقة تأشيرة الإقامة، فاستُبدل أنطون به)، محمد الجردلي إلى واشنطن، رينيه الحلوة إلى باريس، إبراهيم شرارة إلى القاهرة، سوسن عواد إلى واشنطن، كامل حسن الشيخ علي إلى أوتاوا، لمى مراد إلى مسقط، جهاد حرفوش إلى باريس، ريان الأشقر إلى برن، علي حماني إلى بوغوتا، جان صادر إلى داكار، فؤاد خزاقة إلى دمشق (تقول مصادر «الخارجية»، إنّ الهدف تفعيل العمل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا)، جو الترك إلى بريتوريا، طنوس القبعيتي إلى أكرا، جولي طنوس إلى أبيدجان، حمزة الجمول إلى برلين، كوين سلامة إلى روما، وسام بطرس إلى أنقرة، زياد كوسى إلى نيودلهي، شربل نصار إلى مكسيكو، كارلا حسون إلى بيونس ايرس، مصطفى غيث إلى كاراكاس، توفيق متى إلى طهران، رامي الحامدي إلى بروكسل، ريتا القمر إلى استوكهولم، شانتال باسيم إلى مدريد، مالك منصور إلى لاهاي، نزار قدوح إلى فيينا، رالف مطر إلى بروكسل، ولارا ضو إلى الفاتيكان.
أما إلى القنصليات العامة، فقد أتت التشكيلات على النحو الآتي:
طلال الضاهر إلى النجف (قنصلية مستحدثة)، رشا حداد إلى نيويورك، داني برباري إلى جدة، فاطمة زيادة إلى مونتريال، ريمون الشملاتي إلى سيدني، سارة نصر إلى لوس أنجلس، وإيلي عرب إلى دبي.