كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يسود مناخٌ في بيروت بأن لبنان يَمضي نحو «تشرين الثاني الأميركي – الإيراني» بواقعٍ سياسي محكومٍ باستمرارِ «الكرّ والفرّ» حول مأزقِ تشكيل الحكومة، من دون أن يكون أحدٌ قادراً على الجزْم بإمكان صمود «الستاتيكو» الحالي و«ضوابطه» التي ما زالت تحْفظ الاستقرار العام في البلاد.
وفيما ينُتظر أن يعود الاحد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بيروت وسط دخولِ أزمة التأليف شهرها الرابع، يسود الترقّب لكلمة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عصراً إذ يُفترض أن تحمل مؤشرات على المرحلة الجديدة التي كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن أنه سيُطْلِقها مطلع ايلول المقبل.
ومع بدء العدّ العكسي لانكشاف «الخطة ب» لرئيس الجمهورية لدفْع مسار التأليف المتعثّر، تلاحظ أوساطٌ سياسية أن فريق عون يبدي حرصاً على عدم تصوير دخوله على هذا الخط على أنه بوجه الحريري بل في إطار توفير الأرضية لِما يقول هذا الفريق في الكواليس إنه «تحرير الرئيس المكلف سياسياً بعدما جرى تحريره جسدياً» في فترة سابقة، في إشارة لما يَعتبرونه ضغوطاً يتعرّض لها من الخارج وتحديداً من السعودية وتعوق تأليف الحكومة.
ولكن هذه الأوساط ترى أنه رغم سعي فريق عون لتغليف «مسار الضغط» على الرئيس المكلف لكسْر المراوحة في التأليف بـ «قفازاتٍ حريرية»، فإن هذا المسار ينطوي في جوهره على «قنابل موقوتة» يُخشى أن تنقل البلاد بحال أي «سوء تقديرٍ» لمواجهة سياسية قاسية لا تخلو من أبعاد طائفية ومذهبية.
وإذ تستحضر الأوساط نفسها أن فريق عون و«حزب الله» تَكاتَفا على إفراغ التسوية السياسية من مرتكزاتها الجوهرية عبر الإطاحة بالنأي بالنفس وتحييد الملفات الخلافية من خلال كشْف اتصال رئيس الجمهورية بالرئيس السوري بشار الأسد واستقبال نصرالله المُعلَن لوفد الحوثيين، تشير إلى أنّ الضغط التصاعُدي المرتقب سيكون الهدف منه إلزام الحريري تشكيل الحكومة بشروط هذا التحالف كانعكاسٍ لاختلال التوازنات السياسية، كما عبّرت عنها نتائج الانتخابات النيابية.
وما يجعل هذه الأوساط مرتابة من المرحلة المقبلة الكشف عن الخيارات التي قد يلجأ إليها عون استناداً لما وُصف بأنه دراسة دستورية وقانونية وضعها وزير العدل سليم جريصاتي بتصرف رئيس الجمهورية وتستند لموضوع «مهلة تأليف الحكومة» ومن خلاصاتها (حسب صحيفة «النهار») إمكان استدعاء الحريري والطلب منه إما إنجاز مهمة التأليف بعد إعطائه التوجيهات اللازمة «حتى إذا لم يؤخذ بها، يتمنى الرئيس على الرئيس المكلّف أن يعتذر عن التأليف، مع إبقاء إمكان إعادة تكليفه»، وإذا لم يتجاوب الرئيس المكلف «توجيه رسالة من رئيس الجمهورية الى مجلس النواب… فينعقد لمناقشة مضمونها واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب، كأن يصار مثلاً إلى حض الرئيس المكلّف على اعتماد المعيار الواحد في التأليف و/أو عدم احتكار فريق سياسي واحد لطائفة بأكملها في الحكومة…».
وفيما تشي مثل هذه الدراسة إذا كانت تمهيداً لاعتمادها من عون بأزمة سياسية مرتقبة تحت عنوان المس بالدستور وصلاحيات رئيس الحكومة الذي يُتوقع أن تكون له مواقف مهمة بعد غد، استوقف دوائر مراقبة كلام المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي تعليقاً على لقاء الوفد الحوثي بنصر الله في لبنان، اذ اعتبرت ان هذا اللقاء «يظهر طبيعة التهديد الارهابي الإقليمي» وأن «وكلاء إيران في لبنان واليمن يشكلون مخاطر كبيرة على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله». وتم التعاطي مع كلام هايلي على أنه يعكس حساسية أي تظهير إضافي، من بوابة الملف الحكومي، بأن بيروت سقطت في الحضن الإيراني بالكامل.