في خطاب الذكرى الأولى لتحرير الجرود، لم يشذ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن القاعدة التي ترافق دوما إطلالاته السياسية على الحلفاء والخصوم. فقد اغتنم فرصة كلمته ليرسم حدود تأليف الحكومة، ويقذف كرة التعطيل بعيدا إلى ملعب “المراهنين على المحكمة الدولية”، مبعدا في الوقت نفسه كأس التطبيع المرة عن الرئيس المكلف سعد الحريري.
وإذا كان “التيار الوطني الحر” يقر بأن هذا الموقف أزال بعض الألغام من طريق التشكيل، فإنه لا يزال مصرا على اتهام “القوات” والحزب “الاشتراكي” بوضع العصي في دواليب التشكيل، تبعا لأجندة خارجية، ويمضي في حث الحريري على تحمل مسؤولياته، في انتظار تدخل “الرئيس القوي” شخصيا في الملف من باب ما يسميها العونيون “الصلاحيات الكثيرة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية”.
وفي تعليق على الصورة الحكومية، اعتبر عضو تكتل “لبنان القوي” النائب أسعد درغام، في حديث لـ”المركزية”، أن “بعض الأطراف الخارجية تضع العراقيل في طريق التأليف، تنفذها أدوات لبنانية، أي “القوات اللبنانية” والحزب “الاشتراكي”، وهذا مؤسف، بعدما كنا وصلنا إلى قواسم مشتركة مع “القوات”. لكننا نأسف لأن الدكتور سمير جعجع يعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ما يدفعنا إلى القول إن جعجع يعيدنا إلى الخيارات التي اتخذت في مرحلة الطائف”.
وذكّر درغام بأن “رئيس “القوات” تنصل من القانون الأرثوذكسي، لكن الأهم يكمن في أنه اتخذ خيارات خاطئة في موضوع “أسر” الرئيس سعد الحريري، حيث أنه لم يكن داعما للرئيس الحريري ولا للعهد، وهو لا يزال ينتهج هذه السياسة الخاطئة في ملف تأليف الحكومة، علما أن إذا أراد أحد أن يوالي العهد، لا يجوز أن يركز في الحكومة السابقة على التصويب على وزراء العهد”، مشددا على “أننا مع إعطاء معراب وزارة سيادية، ولكن ليس من حصتنا”.
وعن أسباب مضي العهد وفريقه في الاشتباك الوزاري مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وإن كان متابعو السياسة اللبنانية يؤكدون أن حكومة العهد الأولى لا تحتمل غيابا جنبلاطيا قد يشكل ضربة قوية لعهد عون، أكد درغام أن “لا يجوز إلغاء نتائج الانتخابات كرمى لجنبلاط. كل ما نريده هو احترام إرادة الناس، و40% من الدروز لم يقترعوا للحزب “الاشتراكي”، وتاليا، وبحسب نتائج الانتخابات ولغة الأرقام، فإن حصة “الاشتراكي” وزيران لا أكثر”، مذكّرا بأن جنبلاط “رشح شخصية مارونية لأعلى منصب مسيحي في الدولة اللبنانية (النائب هنري حلو) واقترعت كتلته لصالحه في الانتخابات الرئاسية، ونحن لم نعارض ذلك”.
واعتبر أن “جنبلاط معتاد على تنفيذ طلباته في أيام الوجود السوري، غير أن هذا الخيار لم يعد موجودا اليوم، وعلى جنبلاط أن يعرف أن غازي كنعان ورستم غزالي لم يعودا موجودين. والعماد ميشال عون على رأس الدولة اللبنانية. والنظام والدستور سيحترمان ونتائج الانتخابات هي معيار التشكيل”.
وإذ أعلن أن “يجب وضع الرئيس الحريري أمام مسؤولياته في ملف التشكيل”، لفت إلى أن “هناك وزارات خدماتية عدة، بينها الأشغال والزراعة والصحة، من الممكن أن نوافق على نيل اثنتين من هذه الوزارات مقابل (التخلي عن) وزارة الخارجية، إذا عرض علينا هذا العرض”.
وعما يمكن أن يبادر إليه عون لتسريع التشكيل في ظل الصلاحيات المحدودة التي يتيحها دستور ما بعد الطائف للرئيس، أشار درغام إلى أن “الرئيس أقسم يمين حماية الدستور ومصالح لبنان العليا، وهذا يعني أن لديه صلاحيات عدة استخدمها سابقا بينها منع التمديد لمجلس النواب (نيسان 2017) وإنهاء أزمة استقالة الرئيس الحريري، واستخدام هذه الصلاحيات لا يعني المساس بالرئيس المكلف، بل نؤكد تمسكنا به وبالتسوية المبرمة معه، غير أن الحريري لا يمكن أن يستمر على الوتيرة نفسها”.
وعن سحب السيد نصرالله ملف التطبيع مع سوريا، بعدما بادر هو شخصيا إلى إدخاله معطى قويا إلى مفاوضات التشكيل، أكد أن “لا يمكن الكلام عن بيان وزاري ولا عن تطبيع مع سوريا قبل ولاد الحكومة، علما أن بين بيروت ودمشق تبادلا ديبلوماسيا، واللواء عباس ابراهيم مكلف التواصل مع الدولة السورية من قبل الدولة اللبنانية”.