Site icon IMLebanon

لهذه الغاية تحتضن واشنطن الأكراد

في غياب الموقف الأميركي الواضح إزاء الدور الذي تعتزم أن تلعبه واشنطن في سوريا مستقبلا، بعدما أوحت مواقفها وممارساتها أخيرا بشبه تسليم لموسكو سرعان ما تبين أنه محدود في إطار لا يتعدى الانغماس في الحرب وتكبّد نفقات الوجود العسكري أو إعادة إعمار سوريا، لاحت في الأيام الاخيرة بوادر عزم من إدارة الرئيس دونالد ترامب على اقتحام المشهد السوري والعودة السياسية إلى البلاد التي مزّقتها الحرب للحد من نفوذ روسيا وإيران فيها، كان أبرزها تعيين جيمس جيفري مستشارا لوزير الخارجية الأميركي للشؤون السورية المفترض أنه سيجمع في حقيبته ملفات كثيرة تبدأ من شكل نظام الحكم والدستور الجديد والمرحلة الانتقالية ولا تنتهي عند بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

وتكشف أوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” عن اهتمام اميركي بالغ بوضع “إدلب” تحديدا، بعيد إعلان رئيس النظام السوري بشار الأسد بأنها ستكون الوجهة التالية للجيش السوري بعد الجنوب، إذ وتزامنا مع إطلاق الاكراد المفاوضات مع النظام السوري، وصل إلى دمشق السبت الماضي دبلوماسي أميركي رفيع المستوى مطّلع على ملفات المنطقة، لاسيما السوري، هو وليم رويبيوك، وبدأ جولة مفاوضات مع المسؤولين الأكراد ناقلا إليهم رسالة مفادها أن واشنطن مستعدة للمساعدة حيث يجب، على إنهاء ما تبقى من الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وستقدم الدعم اللازم لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في هذا المجال وأنها تشكل رأس حربة في المواجهة مع الإرهاب. وأكد الدبلوماسي الأميركي تورط طهران و”حزب الله” في الحرب في سوريا إلى جانب النظام ضد المعارضة السورية، مشيرا إلى أن بلاده ستبقى على تشددها إزاء مطلبها القاضي بخروج القوات الإيرانية وأذرعها العسكرية من سوريا ومن محافظة الحسكة.

وأفادت الأوساط بأن رويبيوك زار أيضا منبج وبلدة شدادي التابعة لمحافظة الحسكة في شمال شرق سوريا بعد زيارة إلى مدينتي عين العرب (كوباني) ومنبج في محافظة حلب خلال الأيام الماضية، على أن يزور أيضا مناطق في محافظة دير الزور حيث توجد “قوات سوريا الديمقراطية”.

في وقت بدأ الأكراد محادثات غير مسبوقة مع أركان النظام لتحديد مصير المناطق حيث نقاط تواجدهم وسيطرتهم التي تحظى بشبه استقلالية من خلال إقامة إدارتهم الذاتية وإنشاء قوات لحمايتها وتنفيذ مفهوم الخدمة العسكرية. ومع أن هذه المفاوضات لن تكون سهلة، لا بل بالغة التعقيد ومسارها طويل، وفق ما تنقل الأوساط عن مصادر كردية سورية، إلا أنهم ماضون بها، خصوصا أنهم يتوجسون من التخلي الدولي عنهم وعن تحويل حلمهم بإقامة دولة كردية إلى واقع، لاسيما من واشنطن ودول الغرب التي أظهرت التجربة والمواقف والمصالح أنها لا تؤيد قيام كيان كردي مستقل، وفقدان إقليم كردستان استقلاليته أبلغ دليل.

لكن، وفي خطوة ترمي إلى عدم ارتماء الأكراد في الأحضان الروسية عن طريق النظام، وفقدان ورقة أميركية لطالما شكلت نقطة قوة بيد واشنطن، سارعت إدارة ترامب إلى إيفاد الدبلوماسي الرفيع عارضا الدعم ومطلقا الوعود، لضمان القضاء نهائيا على تنظيم “داعش” الذي أثبتت “قسد” فاعلية في مواجهته خلال السنوات الأخيرة وطردته بدعم من التحالف الدولي، الذي ينشر مستشارين إلى جانبها، من مناطق واسعة في شمال سوريا وشمال شرقها، ذلك أن هذه القوات التي تتلقى دعما أميركيا عبر التحالف الدولي ما زالت تسيطر على نحو ثلاثين في المئة من مساحة البلاد.