“حرقتوا نفسنا… خلص”. تحت هذا العنوان ينفذ عدد من التجمعات المدنية والحقوقية والبيئية مسيرة يوم الأربعاء 29 آب الساعة 6:30 بعد الظهر احتجاجاً على الفشل الرسمي في إدارة ملف النفايات وتحويل الموضوع الى صفقات وسمسرات وآخرها في الدفع نحو اعتماد المحارق”، كما يقول الداعون الى التحرك.
وتؤكد المجموعات الداعية الى التحرك وهي ائتلاف إدارة النفايات، و”بيروت مدينتي” و”طلعت ريحتكم” و”المرصد الشعبي لمحاربة الفساد” و”لبلدي” و”لحقي” و”حراك المتنى الأعلى” انه في الـ”2015 طمرونا بالزبالة واجهناهم بالشارع، وعدونا بحل صبرنا 3 سنين. كل يلي عملوه طمروا البحر والانهر والجبال بالزبالة ودمروا البيئة. لوثوا هوانا، ميتنا وارضنا ومرضونا. صحة عيلنا واولادنا على المحك”. وتشير الى انه الآن يفرضون علينا محارق الامر الواقع لكن الصفقة لن تمر لأنه “حرقتوا نفسنا… خلص”.
ولفتت الى ان “الحل موجود: اعتماد الإدارة المتكاملة للنفايات التي تخفف من انتاج النفايات والفرز والتدوير والمعالجة البيولوجية”. وتنطلق المسيرة من بلدية بيروت مروراً بمجلس النواب، مجلس الوزراء، وزارة البيئة، بلدية بيروت.
وفي هذا الاطار، تؤكد الاخصائية في الادارة البيئية في الجامعة الاميركية في بيروت سمر خليل انه منذ 1997 وحتى 2015 تطبَق خطة طوارئ في إدارة النفايات في بيروت وجبل لبنان، وقد وضعت خطتان في 2006 و2010 لادارة النفايات لكن لم تنفذ أي منهما.
وتشرح لـIMLebanon ان خطة 2006 لحظت إقامة مراكز للفرز والتسبيخ على مستوى القضاء ومطامر صحي على مستوى المحافظة كما اختيرت المواقع مع اجراء دراسات تقييم اثر بيئي لكن في وقتها قيل ان هذه الخطة غالية. اما في عام 2010 أضيفت المحارق على الخطة التي كانت تكلف 300 مليون دولار في حينه اما اليوم فتكلف الخطة مليار و400 مليون دولار وقد قدمت كجزء من الاقتراحات اللبنانية الى مؤتمر “سيدر”.
وإذ تأسف لان لا احد في البلد يعرف كي تجري إدارة ملف النفايات، توضح خليل الدعوة الى المسيرة اعتراضاً على المحارق يعود اساساً الى انها تقنيات معقدة موجودة بالفعل في دول عدة لكن اعتمادها يستوجب وجود متطلبات مسبقة غير موجودة في لبنان مثل نظام ناضج ومتكامل لإدارة النفايات!
كما تكشف ان تركيبة النفايات في لبنان وبيروت خصوصاً لا تسمع باستعمال هذا النوع من المحارق خصوصاً وان لا أحد يعتمد المحارق لمجرد الحرق انما بهدف توليد الطاقة الذي يستوجب وجود طاقة حرارية معينة لا يمكن النزول الى ما دونها لتأمين استدامة عملية الحرق من دون إضافة فيول إليه، لكن نفايات بيروت وفق تقرير لمجلس الانماء والاعمار 2016 يؤكد ان 63% من نفايات المدينة عضوية وعالية الرطوبة وبالتالي فإن طاقتها الحرارية منخفضة ولا يمكن ان تؤدي الى توليد الطاقة بشكل فعال.
وتشير خليل الى غياب ضوابط تطبيق القانون في لبنان وعدم وجود محاسبة فعلية وأكبر دليل هي معامل الزوق والجية وطريقة إدارة المرافئ العامة في لبنان فكيف إذا ستدار تقنية معقدة مثل المحارق؟
وعن الاثار البيئية والصحية، توضح خليل ان حرق النفايات ينتج مواد غازية الى الهواء، وهذه المواد تتضمن مركبات خطرة جدا وسامة ومصنفة عالمياً على انها مسرطنة ولديها نتائج كارثية على الصحة العامة، كاشفةً ان الإحصاءات الدولية تشير الى ان نسب الامراض من تأخر عقلي او تشوه خلقي او سرطان في الأماكن المحيطة بالمحارق (على بعد 4 كيلومترات منها) سجلت نسبة اعلى من المناطق الأخرى فكيف في ظل سوء إدارة كما هو حاصل في لبنان؟
وشددت على عدم الثقة بإمكانية الدولة على إدارة المحارق، كاشفة ان المهتمين بالملف سألوا محافظ بيروت عن تقييم الأثر البيئي للمحارق ومن أين أتوا بالدراسات من دون الحصول على جواب شافٍ، كما انهم لا يعرفون الكلفة الحقيقية للمحارق ولم تحصل دراسة جدوى اقتصادية فعلية، ما يعني استهتاراً بعقول الناس بهدف امرار الصفقة بعد التوافق عليها…
فهل يتجاوب اللبنانيون مع هذه الدعوة ام ان المحارق باتت امراً واقعاً مفروضاً عليهم تحت وطأة التهديد بعودة النفايات الى الشوارع؟
يورغو البيطار