كتبت صحيفة “الحياة”:
توافق الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الاتحاد السويسري آلان بيرسيه على «ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية التاريخية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، بما يخدم مصالحهما المشتركة».
وجدد عون أمام بيرسيه الذي يغادر لبنان اليوم بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام، تأكيد «موقف لبنان المتمسك بعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في بلدهم، وترحيبه بالمبادرة الروسية التي تصّب في هذا الاتجاه»، وطلب من الرئيس الضيف أن «تكون بلاده إلى جانب هذه الخطوة وعدم ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول التوصل إليه»، فيما أكد بيرسيه مواصلة بلاده «مساعدة لبنان من خلال دعم السكان المحليين، وكذلك النازحين، إلى حين عودتهم الطوعية والآمنة بكرامة».
وعلمت «الحياة» من مصادر الوفد اللبناني أن الرئيس الضيف شدد على القواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين، وقال إن بلاده كانت دائماً إلى جانب لبنان في الحالات الجيدة والصعبة وستواصل ذلك، لأنه يملك دوراً وحضوراً ليس متوفراً في كثير من الدول.
وأفادت بأن رئيس الجمهورية شرح للرئيس السويسري حجم انعكاسات ملف النازحين على البنى التحتية والاقتصاد والتربية، وأنه لم يكن سهلاً على لبنان تحمل ما قد تحمله. وقال: «ندعم مبادرة إعادة النازحين وبدأنا ننظم رحلات طوعية للراغبين في العودة إلى الأماكن الآمنة وأتت المبادرة الروسية التي نأمل أن تنجح في تذليل العقبات والصعوبات».
وأوضحت المصادر لـ «الحياة» أن بيرسيه رحب بدعم طلب لبنان أن يكون مركزاً لحوار الحضارات والأديان، مبدياً تأثره الإيجابي بوجود طوائف كبيرة ومتعددة تتعايش بتناعم في لبنان. وطلب الرئيس عون من وزير الخارجية جبران باسيل إعداد مذكرة حول المركز ومهماته لعرضها على الجانب السويسري وتحديد الموقف.
وتوقف بيرسيه، بحسب قول المصادر لـ «الحياة»، أمام مبدأ النأي بالنفس، مشيراً إلى متابعته السياسة اللبنانية، فقدم له عون شرحاً لها وبعض الأمثلة عنها، مؤكداً تقديم المصلحة اللبنانية، ومنها ضرورة انسياب الإنتاج الزراعي اللبناني (عبر سورية).
وكان عون عقد ونظيره السويسري لقاء قمة في حضور وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني.
وأكد عون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السويسري «تمسك لبنان بمبادرة السلام العربية وضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني، ومن بينها حق العودة، وإدانته قانون القومية الدينية». وأكد أن «العمل ينصبّ اليوم على تشكيل حكومة جديدة على أساس معايير تعكس صحة التمثيل الذي أرسته نتائج هذه الانتخابات».
«البراغماتية»
واعتبر الرئيس السويسري أن «المطلوب في هذه المرحلة إظهار نوع من البراغماتية وإيجاد حلول قابلة للتطبيق والنجاح في الجمع بين الشروط الضرورية لتأمين عودة النازحين في أفضل الظروف وعدم تجاهل التوصل إلى حل سياسي، وذلك في إطار براغماتي يتيح الإطلاع على كيفية سير الأمور على الأرض». ورأى أن «من الواجب أن يكون هناك نقاش حول المبادرة الروسية المتعلقة بعودة النازحين، والمكان الوحيد الذي يجب أن يتم في داخله هذا النقاش هو المؤسسات الدولية».
واعتبر أن المسألة السورية شاملة «وندعم الجهود المبذولة لحلها على صعيد متعدد الأطراف». ورأى أن «حال اللاستقرار السياسي على الصعيد الإقليمي لها ارتدادات على الاقتصاد اللبناني». وتمنى «الأفضل للبنان، خصوصاً مع تشكيل الحكومة الجديدة عقب إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك للتمكن من مواجهة التحديات». وقال: «اليوم، قام ممثلون من بلدينا بتوقيع اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول، بصورة متبادلة، للحائزين جواز سفر ديبلوماسياً».
«التحاور والوساطة»
وسئل الرئيس السويسري عما يمكن بلاده تقديمه لتسهيل عودة النازحين، فأجاب: «الحيادية التي طورناها في سويسرا في ظروف لم تكن سهلة لا تعني اللامبالاة، بل الالتزام الإنساني بالعالم، في إطار يتيح لنا التعاطي مع مختلف الأفرقاء نصبّ فيه طاقاتنا في التحاور والوساطة».
وعن موقف بلاده من المبادرة الروسية وقابليتها للتحقق، قال: «كل مساهمة في هذا الإطار بناءة».
أما الرئيس عون فسئل: «أين أصبحت الحكومة؟»، فأجاب: «التعددية الطائفية والحزبية، كما تعلمون، تخلق الكثير من المشكلات عند تأليف الحكومة. نستمع إلى مطالب الأحزاب والطوائف. وفي هذه المرحلة، رئيس الحكومة المكلف هو من سيشكل الحكومة، أما في المرحلة النهائية فهناك صلاحية رئيس الجمهورية بأن يطلع ويوافق ليوقع مرسوم التشكيل. حتى الآن نحن في المرحلة الأولى، ويبدو أن رئيس الحكومة استمع إلى المطالب بما يكفي وبات عليه ان يأخذ المبادرة ويؤلف، ونحن بانتظاره».
ثم زار بيرسيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال: «كانت هناك مواقف حول موضوع النازحين وضرورة أن يكون التعاطي بهذا الموضوع من جانب لبنان لأنه يخفف أعباء كثيرة عنه عدا عن العلاقات السويّة المفروض أن تكون دائماً بيننا وبين الإخوة في سورية». وقال: «علينا أن نتساعد نحن والحكومة السورية والدولة السورية على العودة».
وعن «رفض البعض الحوار مع الحكومة السورية»، أجاب: «لا أحد يرفض طالما أن هناك سفراء وطالما أن هناك علاقات، وطالما «مشيت» الكهرباء أيضاً».
وعن رأيه بكلام رئيس الجمهورية عن أن المباردة هي لدى رئيس الحكومة المكلف، قال: «في هذا الموضوع أنا لا أقل حرصاً عن فخامة الرئيس ودولة الرئيس على الوصول إلى حكومة بأسرع وقت ممكن، لأن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا الشكل».
ومساء، زار الرئيس السويسري والوفد المرافق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.