في وقت يحشد النظام السوري قواه على تخوم إدلب استعدادا لمواجهة محتملة لاستعادة السيطرة على آخر معاقل المعارضة في سوريا، كثر الحديث في المحافل الدولية عن احتمال استخدام “الكيميائي” في المعركة المفترضة.
واللافت في السياق، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، ليس ان كل طرف يحذّر “خصمه” في سوريا، أكان النظام او المعارضة، من اللجوء الى هذا السلاح المحرّم، بل تبادلُ الاتهامات الحاصل بين عواصم القرار أنفسها، وأبرزها موسكو وواشنطن، حول الإعداد لاستخدام “الكيميائي” في ادلب.
وفي هذا الاطار، اشارت وزارة الدفاع الروسية، الى ان واشنطن وحلفاءها يعدون لضربة جديدة على سوريا بذريعة استخدام دمشق للسلاح الكيميائي. وأعلن المتحدث باسم الوزارة الجنرال إيغور كوناشينكوف أن الإرهابيين من جماعة “هيئة تحرير الشام” يستعدون لعمل استفزازي من أجل اتهام دمشق باستخدام الكيميائي ضد المدنيين في محافظة إدلب”، مضيفا “ان مسلحي التنظيم نقلوا 8 حاويات مليئة بالكلور إلى مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب لتنظيم مسرحية “الهجوم الكيميائي” المزعوم. واذ شدد على أن تنفيذ هذه الخطة يجري بمشاركة المخابرات البريطانية، أوضح ان “تنفيذ هذا الاستفزاز الذي تشارك فيه بنشاط المخابرات البريطانية، سيصبح حجة جديدة لقيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بضربة جوية وصاروخية ضد دوائر الدولة والمنشآت الاقتصادية السورية”… وليس بعيدا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الاثنين أن مدمرة “Ross” الأميركية التي تحمل على متنها 28 صاروخا من طراز “توماهوك”، دخلت مياه البحر الأبيض المتوسط في 25 آب، مشددة على أن مدى هذه الصواريخ يتيح للولايات المتحدة استهداف الأراضي السورية كلها.
وفيما نفت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” هذه المعلومات، معتبرة أن تلك الادعاءات ليست إلا دعاية وهي غير صحيحة، ومؤكدة في الوقت نفسه أن “هذا الأمر لا يعني أن الولايات المتحدة غير مستعدة للعمل حال إعطاء الرئيس الأميركي أمراً مباشرًا باتخاذ مثل تلك الإجراءات”، حذرت واشنطن ولندن وباريس، النظام السوري من مغبة استخدام الاسلحة الكيميائية، وقد أعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن استعداد بلاده لشن ضربات جديدة على سوريا في حال استخدمت الحكومة السورية الكيميائي.
في المقابل، دفعت البحرية الروسية قوة التدخل الأكبر لها الى المتوسط منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا، مع أنظمة صاروخية أرض جو وفرقاطتين تحملان صواريخ كاليبر.
الا ان هذه الاجواء “المشحونة” دوليا، من شأنها، بحسب المصادر، خلق “توازن رعب” سيمنع لجوء اي فريق في ادلب الى السلاح الأخطر عالميا، وهي ستدفع موسكو الى الاضطلاع بجهد أكبر لتسوية الامور في المحافظة الشمالية “سياسيا” من ضمن اتفاقات وليس من خلال الخيار العسكري، تماما كما حصل في الجنوب السوري.
واذ أكد نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف، ان بلاده تناقش الوضع في إدلب ومنطقة عفرين الخاضعتين لسيطرة المعارضة السورية، مع إيران وتركيا، وكذلك مع الحكومة والمعارضة، تشير المصادر الى ان القمة الثلاثية التي ستجمع مبدئيا في ايران كلا من رؤساء روسيا فلاديمير بوتين وتركيا رجب طيب اردوغان وايران حسن روحاني، في 7 ايلول المقبل، يفترض ان تتوصل الى تفاهم في شأن إدلب حيث التعويل الدولي كبير على اقناع بوتين حليفيه في التخلي عن المواجهة العسكرية وعدم الاقدام على أي خطوة ناقصة من قبيل اللجوء الى الكيميائي، لأن ثمنها سيكون باهظا، تختم المصادر.