Site icon IMLebanon

الحريري يحرك المياه الراكدة بعروض وزارية

كتب ثائر عباس في صحيفة “الشرق الأوسط”:

يتوقع أن تشهد مساعي تأليف الحكومة اللبنانية تطورات جديدة خلال اليومين المقبلين، مع اتجاه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لتقديم «عروض» محددة على كل من «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، ما من شأنه «تحريك المياه الراكدة» على حد وصف مرجع سياسي لبناني، من دون أن يبشر ذلك بولادة حكومية قريبة بسبب استمرار التعقيدات.

وكشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، عن أن هناك عرضاً من الرئيس المكلف سعد الحريري للرئيس ميشال عون حول تشكيل الحكومة في اليومين المقبلين. وأضاف الراعي من بعبدا: «شعرت أن الرئيس عون متفائل لجهة ما سيحمله الحريري بشأن تشكيل الحكومة».

وفي المقابل، أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة. ونقل عنه النواب قوله إن بداية الحلول هي في وجود حكومة وحدة وطنية تجيب عن كل الأسئلة وتعمل لمواجهة الاستحقاقات. وأشار بري إلى أن المجلس ذاهب إلى التشريع وأنه سيدعو إلى جلسة تشريعية بعد أن تنتهي اللجان من درس مشروعات كثيرة، خصوصاً تلك المتعلقة بالوضع المالي.

والتقى الرئيس الحريري في بيت الوسط رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع، الذي تلقى على ما يبدو عرضا بـ 3 وزارات أساسية، من بينها وزارة التربية. وكانت مصادر توقعت أن يرفض جعجع هذه الطروحات بأعتبارها «لا تتناسب مع حجم تمثيل (القوات)».

وتتمثل المشكلة السياسية أمام تأليف الحكومة في «ضيق الخيارات» أمام الرئيس الحريري في ما يمكن أن يقدمه من عرض وزاري لـ«القوات»؛ فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتمسك بالحصول على موقع نائب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع، فيما يرفض رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أن يقدم أي وزارة من حصة التيار، وتحديدا وزارتي العدل أو الاتصالات، كما أن الحريري غير قادر على عرض وزارة سيادية (من أصل أربع) لـ«القوات» بسبب تمسك كل الأطراف بها. وتردد أن الوزير باسيل أبلغ الحريري بأنه «إذا أراد إرضاء (القوات)، فيمكنه أن يفعل من حصته (الحريري)». أما وزارة الأشغال التي يمكن أن تشكل ترضية مقبولة، فهي خاضعة لتشدد من قبل «حزب الله» الذي يريدها لممثل حزب «المردة» الوزير يوسف فينيانوس.

أما «العقدة الثانية» في وجه تأليف الحكومة؛ أي عقدة التمثيل الدرزي، فلا تزال أمورها على حالها. وقالت مصادر قريبة من جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يقدم له أي عرض بعد لمناقشته، مشيرة إلى أن الاتصالات متوقفة مع جنبلاط ولا جديد معه، مما يؤشر إلى رغبة الرئيس المكلف، العمل على «العقد» الحكومية واحدة تلو الأخرى. ويطالب جنبلاط بالحصول على المقاعد الوزارية المخصصة للطائفة الدرزية وعددها ثلاثة، فيما يطالب التيار الوطني الحر بالحصول على مقعد لحليفه النائب طلال أرسلان.

وأكد الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة على ضرورة أن تتشكل الحكومة بأسرع ما يمكن، «وهذا مطلب جميع اللبنانيين المهتمين بإيجاد حلول حقيقية لمشكلاتهم على الصعد كافة، وسط الانحدار الكبير للوضع العام في لبنان». وقال بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، أمس: «لم يعد لدينا اليوم ترف الوقت والانتظار والاختيار، فلقد أضعنا فرصا كثيرة. واليوم لا بد من التأكيد على ضرورة احترام القواعد والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الأوطان من احترام للدستور وللقوانين ولسلطة الدولة واحترام الكفاءة والجدارة في تسلم المسؤوليات». وأضاف: «القضية شديدة الصعوبة، ولكنها غير مستحيلة إذا توفرت الإرادة من أجل المعالجة، لذلك يجب العودة إلى التأكيد على احترام الدستور و(اتفاق الطائف) الذي يجمع بين اللبنانيين، لأنه اتفاق الخيار الصحيح بالنسبة للبنانيين، والتأكيد على العيش المشترك وعودة لبنان ليكون نموذجا لهذا العيش».

وكان لافتا أمس، السجال عبر «تويتر» بين عضوين من كتلتي الحريري و«التيار الوطني الحر»، بدأه النائب زياد أسود متوجها إلى الحريري بالقول: «عزيزي رئيس الحكومة المكلف، صحيح أن الدستور لا يحدد مهلة، والأصح أنها ليست غير محددة، لأنها وببساطة ترتبط بسير أعمال الدولة وانتظامها على قاعدة عدم استمرار تصريف الأعمال المحصور بضوابط».

وأضاف أسود في تغريدته: «ومهلة الالتزام وأدبيات العمل الحكومي والسهر على سير المرافق العامة أقصر من أي مهلة مكتوبة».

ورد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، في تغريدة له، فقال: «الزميل العزيز زياد أسود… تغريدتك للرئيس المكلف جريصاتية بامتياز (في إشارة إلى وزير العدل سليم جريصاتي)». وأضاف الحجار: «لكن أدبيات العمل السياسي تقضي بتسهيل التأليف لا عرقلته. اسأل رئيسك». فرد أسود مجددا: «حتى لو ذهبنا في ذات الاتجاه، هل وجود نقص في نص الدستور يسمح لكم في التمادي بالاستهتار بالمسؤولية الموكلة إليكم من النواب، والتباهي باستخفاف دور النواب في التكليف لكي ننتظر إلى ما لا نهاية؟ موجب وحيد حدده لكم التكليف؛ وهو التأليف، وليس التلاعب بمصالح وطن ومؤسسات فالتة تحت أنظارنا جميعا».