Site icon IMLebanon

رقابة أميركية على “اليونيفيل”!

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

وافق مجلس الأمن، ليل الخميس، بالإجماع على تمديد مهمة «اليونيفيل» لمدة عام، مشدداً بطلب أميركي، على ضرورة التطبيق الكامل لحظر الأسلحة في منطقة جنوب الليطاني. وطالب القرار، بمبادرة أميركية أيضا، بدفع «الحكومة اللبنانية إلى تطوير خطة لزيادة قدراتها البحرية» من أجل إلغاء المكون البحري في «اليونيفيل» الذي يضم ست سفن حربية مجهزة بأسلحة ورادارات. وشدد المجلس على إلتزام «جميع الدول إتخاذ كافة التدابير لمنع مواطنيها أو أراضيها، بإستخدام السفن أو الطائرات، من بيع الأسلحة أو تزويدها لأي كيان أو فرد في لبنان بخلاف تلك التي توافق عليها الحكومة أو قوات اليونيفيل».

أربعون سنة على تواجد جنود الأمم المتحدة في جنوب لبنان. «اليونيفيل» المعززة، بعد حرب 2006، تدخل اليوم سنتها الثالثة عشرة، في ظل مناخ من السلام ينعم به جنود القبعات الزرق بفضل مظلة الردع التي فرضتها المقاومة وتراجع تهديد التنظيمات الإرهابية، ويؤكد مرجع أمني كبير لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية اللبنانية واستخبارات «اليونيفيل» وسفارات الدول المشاركة في المهمة «لم تتبلغ في الآونة الأخيرة معلومات عن مخططات إرهابية تعدّ لاستهداف جنود ودوريات اليونيفيل التي تتنقل داخل بلدات الجنوب وبين الجنوب وبيروت».

وقال المرجع الأمني نفسه لـ«الأخبار» إن أميركا وإسرائيل «دفعتا بقوة لتغيير التفويض حتى يتمكن جنود اليونيفيل من الدخول إلى الأملاك الخاصة وتفتيشها ليقينهم أن حزب الله يستخدم المنازل والممتلكات الخاصة لأهداف عسكرية». لكن أغلبية الدول المشاركة في المهمة، وخاصة فرنسا، رفضت، برغم اتخاذ حادثة الاشتباك بين قوة سلوفاكية وأشخاص من بلدة مجدل زون (قضاء صور) قبل أقل من شهر «ذريعة لفرض القوة في ضبط الوضع». الوقوف الفرنسي ضد المحاولة الأميركية «مرده إقتناع الفرنسيين بأن أي تعديل على بنود التمديد سوف ينسفه من الأساس ويعرض الأمن عند الحدود للاهتزاز»، على حد تعبير المرجع نفسه. وهنا، كان لافتاً دور مصر العضو الحالي في مجلس الأمن، إذ إنها دعمت الموقف الرافض للتعديل. وتقاطع الجهد الفرنسي والمصري مع «اللوبي» الذي شكلته وزارة الخارجية اللبنانية بوجه المحاولات الأميركية والإسرائيلية.

كما أجهضت خطة الولايات المتحدة الهادفة إلى تخفيض عديد بحرية «اليونيفيل» المكلفة حراسة الحدود البحرية اللبنانية، وصولاً إلى تسليم المهمة بالكامل إلى الجيش اللبناني. طبعاً، لا ينطلق الاقتراح الأميركي من الحرص على السيادة اللبنانية، بل تربطه واشنطن بمطلبها الداعي إلى «تخفيض سقف الميزانية التي تنفقها على مؤسسات الأمم المتحدة ومن ضمنها اليونيفيل».

تدخلات أميركية

لا تتوقف التدخلات الأميركية في عمل قوات «اليونيفيل» عند حدود ما جرى في نيويورك. يؤكد مسؤول أمني لبناني في الجنوب أن وفداً من السفارة الأميركية يزور قيادة «اليونيفيل» في الناقورة بشكل دوري شهرياً للاطلاع على مهماتها وتقاريرها الميدانية. واللافت للانتباه أن الزيارة كانت تنسق بداية مع الجيش اللبناني. لاحقاً، بات الأميركيون يزورون الناقورة من دون «رفقة رسمية لبنانية». ليس الأميركيون وحدهم الذين يتدخلون. كل شهر أو شهرين، يقوم عدد من الملحقين العسكريين في سفارات أجنبية وعربية بزيارة مقر «اليونيفيل» للغاية نفسها. في أغلب الأحيان، تنظّم لهم جولات على طول الخط الأزرق. بحسب المسؤول نفسه، يروج الأمميون، ومن خلفهم الإسرائيليون، لأجواء تفيد بأن «الهدوء على الخط الأزرق مهم جداً للجانبين. لذلك، لا ضير من التغاضي عن الاعتداءات الإسرائيلية بقضم متر من هنا كالطريق العسكرية في مزارع شبعا، أو العباسية أو الغجر أو ارتكاب حادثة هناك كإطلاق قنابل دخانية على دورية للجيش في خراج رميش، لكن الجانب الرسمي اللبناني يرفض هذه المقايضة ويصر على عدم التساهل في الدفاع عن حقوقه السيادية».

في هذا السياق، يبرز التمييز في سلوكيات جهاز الارتباط في «اليونيفيل» الذي يتولى التنسيق بين جانبي الحدود. في لبنان، يحظى الجهاز بتسهيلات من الجيش اللبناني بالتحرك والتواصل. في حين أنه مجبر من قبل العدو على الانتظار لأيام أحياناً قبل معاينة نقطة ما من الجانب الفلسطيني المحتل. إذ يفرض العدو علماً مسبقاً بطبيعة المهمة وأهدافها وهويات الأفراد المكلفين بتنفيذها. ومن أوجه الانحياز أيضاً، رفع قيادة «اليونيفيل» تقارير سلبية بحق منظمة «أخضر بلا حدود» البيئية، حتى كاد مجلس الأمن يصنفها بـ«الإرهابية». كما أن القائد السابق لـ«اليونيفيل» الجنرال مايكل بيري، وهو لم يكن يخفي انحيازه لإسرائيل، أصرّ على تفقد مقارّ المنظمة الواقعة عند الحدود الجنوبية. في حين لم يطلب جهاز الارتباط الكشف مثلاً على المنشآت الواقعة في المستوطنات الحدودية التي يمكن أن تستخدم في أنشطة عسكرية إسرائيلية.