قبل ان يتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا، يفترض ان يكون التقى مساء الأحد الوزير جبران باسيل، في لقاء وصف بالحاسم قبل التوجه إلى بعبدا، سواء بصيغة حكومة أم مسودة، في بحر الأسبوع المقبل، أو خلال ثلاثة أيام أعرب عن اعتقاده «أننا سنصل إلى التشكيل قريباً جداً».
وسط هذه الرؤية، يمضي الرئيس المكلف، في مواصلة مشاوراته على ان تتوج بلقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لحسم ما يتعين حسمه، لا سيما في ما خص العقدة المسيحية، بعد ان وضعت «القوات اللبنانية» خلال اللقاء الذي جمع رئيسها سمير جعجع بالرئيس المكلف قبل أيام، في عهدته جملة خيارات، على قاعدة التمسك بأربع حقائب، ذات قدرة على الاستجابة إلى «التغيير» المتناسب مع ثقة الناخب..
وذكرت بعض المعلومات ان «القوات» تساهلت بالتنازل عن مطلب الحقيبة السيادية اونيابة رئاسة الحكومة، مقابل اربع حقائب اساسية وخدماتية، تردد انها الصحة والشؤون الاجتماعية والعدل وعينها ايضا على الاشغال او التربية، لكن المعلومات تؤكدان الاشغال موعودة لتيار «المردة» والتربية يُرجح ان تبقى للقاء الديموقراطي. ما يعني ان الحقيبة الرابعة غير محسومة بعد، فيماالتيار الحر يصر الى الابقاء على الحقائب التي يتولاها في حكومة تصريف الاعمال لا سيما الخارجية والطاقة.
ومع غياب معظم المعنيين باتصالات التشكيل عن السمع بسبب مشاركتهم في مهرجان احياء ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر في بعلبك،كما قال احد النواب ل «اللواء»،فإن اي لقاء-علني- لم يسجل للرئيس الحريري امس في بيت الوسط، فيما قالت مصادر قصر بعبدا ل «اللواء» ان الرئيس عون ينتظر انتهاء الرئيس المكلف من اتصالاته ليلتقيه ويستمع منه الى ما عنده.
لكن ما تسرب يفيد ان التوزيع العددي الذي اعده الحريري للحكومة يقوم على منح التقدمي 3 وزراء دروزا وهذا ما يرفضه الرئيس عون والتيار الحر ويصران على توزير النائب طلال ارسلان، وخمسة وزراء سنة وواحد مسيحي لتيار المستقبل مقابل واحد سني للرئيس عون، وهنا تبرز مشكلة تمثيل النواب السنة المستقلين وهي باتت مشكلة جدية تضاف الى عقد التشكيل. وفي التمثيل المسيحي اربع وزراء «للقوات اللبنانية»، وتسعة وزراء للتيار الحر ورئيس الجمهورية وواحد «للمردة». لكن في حال اصرار التيار الحر على حصة مع الرئيس عون من عشرة وزراء لا يبقى «للمردة» او لحزب الكتائب حقيبة مسيحية، وهذا ما زال يعيق التشكيل ايضا.
لكن مصادر معنية، لا تتوقع ان تظهر التشكيلة، قبل النصف الثاني من أيلول، مع التأكيد على ان شقة الخلافات بدأت تضيق.
وتحدثت المصادر عن ان الحقائب قد تتوزع على النحو التالي:
1- رئيس الجمهورية: نائب رئيس الحكومة، الدفاع، الإعلام.
2- تيّار المستقبل: رئيس الحكومة، الداخلية، الاتصالات، والثقافة.
3- تكتل لبنان القوي: الخارجية، الطاقة، الاقتصاد، السياحة والشباب والرياضة.
4- كتلة التنمية والتحرير: المالية والشؤون الاجتماعية.
5- كتلة الوفاء للمقاومة: الصحة العامة، الزراعة والصناعة..
6- كتلة القوات: الاشغال العامة، العدل، البيئة.
7- كتلة اللقاء الديمقراطي: العمل والمهجرين.
8- حقيبة لكتلة المردة..
بري: التشاؤل!
ومن المواقف البارزة على الجبهة السياسية والحكومية، الحذر الذي ابداه الرئيس برّي في مهرجان الصدر الـ40، ومن البقاع، من انه «متشائل أي لا متشائم ولا متفائل».
وكشف انه منذ الآن وحتى 3 أو 4 أيام لا بدّ من حصول اجتماع بين الرئيسين عون والحريري، معرباً عن أمله في ان تفك العقد نتيجة هذا الاجتماع.
وقال: إن ما سعينا ونسعى اليه دائما هو الوصول الى تشكيل حكومة للبنان تنأى ببلدنا عن الوقائع الجارية ولا نبقى نحرق الوقت وننتظر المؤتمرات والاجتماعات والقمم السابقة واللاحقة ومختلف صور الحراك الدولي والإقليمي والوطني.
واكد ان حكومة لبنان يجب ان تمثل كل قوى لبنان البرلمانية الشعبية الحية وما يعبر عن قوة المقاومة كأحد اطراف المثلث الذهبي الشعب والجيش والمقاومة، وان تكون قراراتها كما السيادة مستقلة مرتكزة الى الوحدة الوطنية ومحروسة وطنياً ومسورة بجيشنا وحرص اجهزتنا على اسقرار نظامنا الأمني، كما حرص الحكومة ووزاراتها وإداراتها والمصرف المركزي والنظام المصرفي على استقرار نقدنا، وتقليص ديننا العام الذي صار يشكل أعلى ثالث مديونية في العالم بالنسبة الى الناتج المحلي.
ودعا الى إصدار قانون يشرع القنب الهندي أي الحشيشة لأغراض طبية وصناعية، فكما شتلة التبغ في الجنوب شاركت في المقاومة بإبقاء الناس في قراهم كذلك هنا وفي عكار والمناطق الصالحة لمثل هذه الزراعة، معتبرا ان العالم على أبواب ثورة ليس فقط طبية بل صناعية من القنب وعندما يصدر التشريع سيكون المستفيد الأول المزارع والعامل والفلاح وصاحب الأرض وليس التاجر أو المهرب كما هو الحال الآن.
وجدد الدعوة الى انشاء مجلس تنمية للبقاع وعكار على غرار مجلس الجنوب. وقال: جرى تقديم اقتراحي قانون الى المجلس في هذا الصدد وأحيلا الى لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة.
كما طالب بإسقاط المذكرات المسطرة على مساحة الناس في البقاع، وقال:نريد عفوا عاما عن المواطنين الذين يريدون الدولة الغائبة وينشدون سلاماً مفقودا، نريد ذلك بقوة القانون وبقوة صوت الناس الصارخ في البرية، نريد ان نرفع عنهم تهديد الذين يفرضون الخوات ويطلقون النار ارهابا في الساحات في وضح النهار وفي ساعات الليل.
وحول العلاقة مع سوريا قال «لا أحد يستطيع فصل العلاقات مع سوريا وإبقائها في الثلاجة ولبنان وسوريا هما توأما التاريخ والجغرافيا والسياسة وأيضاً المصالح المشتركة».
وشدد الرئيس بري على العلاقة الأخوية المتينة بين حركة أمل وحزب الله التي هي أقوى من كل المحاولات والمؤامرات. كما أكد أيضاً على قوة الحركة ونهجها قائلاً لقد نسوا المؤامرات التي حيكت ضد هذه الحركة وما زادتنا الا إيماناً، وقد نسوا أن مقاومتنا لبنانية وعربية وجهادية وأننا أنهينا العصر الإسرائيلي في 17 أيار. (راجع ص 3)
باسيل: عرقلة أم تسهيل؟
ومن الديمان، قال الوزير باسيل: لم نضع أي شرط أو فيتو على أحد، ولم نرفض أي شيء، الا بمنطق العدالة ونأمل العودة إليه بعدما اضفنا ثلاثة أشهر..
مشيراً: لسنا معنيين بالمشاكل المطروحة امام رئيس الحكومة، لأننا لم نطرح أي مشكلة أو عقدة، خصوصاً ان هناك اموراً يمكن ان نحوّلها إلى عقد ولم نفعل..
لا زلنا مصرين على عدم تكريس وزارات لطوائف من «مالية» و«داخلية» وطاقة وغيرها لكننا نتساهل..
وقال: ننتظر ان ينتهي من المشكلات المطروحة امامه، وكنا نتأمل ان يتم هذا الأمر في هذين اليومين، وان شاء الله ننتهي قريباً.
التأخير ومحاذير التدهور
ومع دخول عملية التأليف شهرها الرابع، تخوفت «فرانس برس» من ان يؤدي تأخر التشكيل إلى الخشية من تدهور اقتصادي..
ونسبت الوكالة (أ.ف.ب.) إلى النائب في كتلة التيار الوطني الحر آلان عون قوله: الهدف كان تشكيل الحكومة أسرع وقت ممكن، حتى أننا كنا نأمل أن يحصل ذلك خلال أسبوعين» فقط. لكن بعد أكثر من ثلاثة أشهر، لم تتمكن القوى السياسية بعد من إحداث أي خرق في الملف ما يقف حائلاً امام حصول لبنان على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعماً لاقتصاده المتهالك، كما يثير الخشية من تدهور أكبر قد ينعكس أيضاً على الليرة اللبنانية. ويعود السبب الأول لتأخر تشكيل الحكومة إلى «اختلاف الأطراف السياسية على تقاسم الحقائب الوزارية»، وفق ما يوضح مستشار الحريري نديم المنلا لـ «فرانس برس». وفي لبنان ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى.
يرى النائب عون أن لبنان يمر اليوم في مرحلة أخطر من السابق، ويقول «نحن أمام حالة طارئة اقتصادياً». ويعتبر رئيس قسم الأبحاث في بنك عوده مروان بركات أن «من شأن التأخر في تشكيل الحكومة أن ينعكس (سلباً) على الاستثمارات وبالنتيجة على النمو الاقتصادي». ويتحدث بركات عن تدهور سبعة مؤشرات اقتصادية من أصل 11 في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بينها الجمود في القطاع العقاري حيث تراجعت تراخيص البناء بنسبة 20،1 في المئة. وتراجعت كذلك قيمة الشيكات المتداولة، التي تدل على مستوى الاستهلاك والاستثمار، 13 في المئة بين كانون الثاني وتموز، وفق المصرف المركزي. وإلى جانب ذلك كله، تزداد الخشية من تدهور الليرة اللبنانية مقابل الدولار ما دفع المصارف إلى زيادة الفوائد على الليرة ووصل الأمر ببعضها إلى تحديدها بنسبة 15 في المئة. ومن شأن الأزمة الاقتصادية، التي حذر منها الحريري أيضاً، أن يعيق تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى يفترض تنفيذها بعد تعهد المجتمع الدولي في نيسان الماضي بمبلغ يفوق 11 مليار دولار على هامش مؤتمر «سيدر» لدعم الاقتصاد اللبناني. ولا يمكن للبنان الحصول على القروض ما لم تشكل الحكومة.
وعلى الصعيد الاقتصادي أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيفها الانتمائي للبنان عند (B-B) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
غراندي وعودة النازحين
على صعيد الجهود المبذولة لإعادة النازحين السوريين جال امس رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي على كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعدالحريري ووزير الخارجية جبران باسيل والمديرالعام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، واعلن عن مساهمة المفوضية في حل ازمة النازحين السوريين، فيما قالت مصادر وزير الخارجية لـ«اللواء» ان اللقاء بين غراندي وباسيل كان ايجابيا جدا لجهة تأكيد المسؤول الدولي تفهمه لموقف لبنان من العودة الطوعية للنازحين، واستعداد المنظمة للمساهمة اكثر خاصة بعد حل موضوع ادلب، الذي قالت المصادر انه سيتم حله سواء بالحل العسكري او الحل السياسي، حيث ستتغير المعادلات والمعطيات وتصبح عودة النازحين متاحة اكثر.
في مجال اخر علم ان المفوض غراندي اشار خلال لقائه الرئيس عون للضمانات التي تطلبها المفوضية للنازحين خصوصا الموضوع العالق في ما خص مستندات الاراضي والاملاك والمستندات الثبوتية وخدمة العلم. ولفتت مصادر مطلعة الى ان المفوضية تركز على بلورة هذه النقاط .وكشفت ان غراندي تحدث عن تطورات الوضع في ادلب ومسار الامور وتقديم المفوضية للمساعدات. اما رئيس الجمهورية فاكد الموقف الرسمي ولفت الى ان غالبية النازحين اتوا الى لبنان لاسباب امنية وبفعل الاضطرابات الحاصلة وان 95%من الاراضي السورية اضحت امنة ومستقرة بشهادة الاطرافوهو ما اكد عليه غراندي ايضا حيث توقف عند تحسن الاوضاع . وكرر عون تأييد لبنان للعودة المتدرجة والامنة . الى ذلك اشار غراندي الى انتظار تفاصيل بشان المبادرة الروسية. وفي خلال المحادثات كان تأكيد على اهميه التعاون بين المفوضية والسلطات اللبنانية وان ما حصل من تباين يجب ان يزول وتمنى غراندي ابقاء التعاون قائما.
وعلمت «اللواء» ان الموفد الأممي تحدث عن جملة مترابطة من مقومات العودة ابرزها:
1- الضمانات الأمنية، 2 – التمويل المستديم، 3- عدم تعريض المناطق المشمولة بالعودة إلى عمليات عسكرية جديدة، 4- ضرورة ان تكون الخطة متكاملة ومضمونة دولياً.
وكشفت مصادر لبنانية عن تسجيل عودة مئات العائلات السورية إلى الحدود اللبنانية، خلال الأيام العشرة الماضية، لا سيما من الذين عادوا بصورة طوعية.
وكشفت مصادر دبلوماسية (أ.ف.ب) انه بعد تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تمديد مهمة قوّة حفظ السلام في لبنان لمدة عام، مشددًا إثر طلب تقدّمت به الولايات المتحدة على ضرورة التطبيق الكامل لحظر الأسلحة.
وهاجم المبعوث الدبلوماسي للولايات المتحدة رودني هانتر بشدة حزب الله الذي لم يتم ذكره في نص القرار الذي تم تبنّيه على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة خلال المفاوضات، وفقاً لدبلوماسيين. وقال هانتر «بدعم من إيران، طوّر حزب الله ترسانته في لبنان، مهددًا بشكل مباشر السلام على طول الخط الأزرق (بين لبنان وإسرائيل) واستقرار لبنان ككل».
واعتبر هانتر أنّ «من غير المقبول أن يستمر حزب الله بانتهاك هذا الحظر وسيادة لبنان وإرادة غالبية الشعب اللبناني». ويُطالب القرار، بمبادرة أميركية، بدفع «الحكومة اللبنانية إلى تطوير خطة لزيادة قدراتها البحرية» من أجل إلغاء المكوّن البحري في قوة «يونيفيل». وردًا على سؤال حول التناقض في المطالبة بمزيد من الاحترام للحظر المفروض على الأسلحة وطلب إلغاء قوة بحرية مسؤولة تحديداً عن مراقبة عشرين كلم من الساحل اللبناني، قال دبلوماسي إن من بين الأسباب، رغبة الولايات المتحدة في الحد من تكاليف مهمة «يونيفيل» التي يبلغ قوامها نحو عشرة آلاف جندي. ويضم المكون البحري في اليونيفيل ست سفن حربية مجهزة بالأسلحة والرادار. واستنادًا إلى مصدر دبلوماسي، فإنّ غالبية دول مجلس الأمن، كما لبنان، كانت ترغب في الأصل تجديدًا مطابقًا تقريبًا للتفويض الذي تمت الموافقة عليه قبل عام. وأضاف المصدر أن النص تضمّن تعديلات ولكنها ليست «جوهرية». وقال السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا إنّ «نشاطات قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل تهدف إلى تثبيت الوضع على الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل وكذلك داخل لبنان والشرق الأوسط ككل». وأضاف «يجب الحفاظ على هذه المهمة وتجنّب محاولات تحويلها إلى أداة مسيّسة»، في إشارة ضمنية منه إلى الولايات المتحدة. من جهتها قالت ممثّلة فرنسا آنّ غيغين إنه أثناء المفاوضات «عملت فرنسا للحفاظ على وحدة المجلس».