Site icon IMLebanon

مواجهة شيعية – شيعية تغذيها طهران وواشنطن

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: تتحول مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلى مواجهة “شيعية – شيعية”، بين فصيلين، تقف الولايات المتحدة خلف الأول، فيما تدعم إيران الثاني، وسط تحذيرات من أن تتحول المواجهة من مجالها السياسي بشأن رئيس الوزراء القادم إلى صدام مسلح بين أذرع عسكرية للأحزاب تنضوي كلها تحت لواء الحشد الشعبي.

وغذى حالة الاستقطاب بين الفريقين قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإقالة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، بالتوازي مع تجميد نائب رئيس الهيئة أبومهدي المهندس الذي يعتبر رجل إيران الأول في العراق.

وتحاول واشنطن ضمان ولاية ثانية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في منصبه، بينما تضغط طهران بقوة لاستبداله، وهو ما قاد إلى تقسيم الساحة السياسية الشيعية إلى فريقين، يقف كل منهما في صف إحدى العاصمتين.

وبينما تركز استراتيجية الولايات المتحدة على استخدام نفوذها السياسي المؤثر لدى الأوساط السياسية السنية والكردية لضمان دعمها، تعمل إيران من داخل قائمة العبادي، سعيا لتفكيكها.

وكان العبادي نجح في إخماد تمرد سياسي داخل ائتلاف النصر الذي يقوده، كاد يتسبب في انشقاق 28 من أعضائه، قبل أن يضطر إلى تجريد أحد أرفع مسؤولي البلاد الأمنيين من جميع مهامه بحجة أنه متورط في ممارسة السياسة، خلافا لنصوص الدستور.

وطرد العبادي فالح الفياض، وهو مستشار الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد، من ائتلاف النصر، بعد إشارات على نية انشقاقه مع 28 برلمانيا من ائتلاف العبادي، والتحاقهم بالتحالف المدعوم من إيران.

وعاد العبادي مساء الخميس لتجريد الفياض من جميع مناصبه الأمنية، مشيرا إلى أن السبب يتعلق بممارسة العمل السياسي، الذي لا يجيزه الدستور للمسؤولين الأمنيين.

وتضيف المصادر أن العبادي أصدر أوامره بتجميد عمل أبومهدي المهندس، وهو رجل إيران الأول في العراق، في منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.

وتسبب هذا القرار في ضجة كبيرة، وبدا، وفقا لمراقبين، “حجرا يطيح بأكثر من عصفور”، فهو من جهة يمنع أحد منافسيه الجدد من تسخير إمكانيات مستشارية الأمن لخدمة أهداف سياسية، ومن جهة أخرى هو ضربة كبيرة لنفوذ إيران داخل الحشد.

ويقول خصوم العبادي إن القرار يتضمن تناقضا واضحا، لأن الفياض يمارس السياسة منذ أعوام، وهو أحد مؤسسي قائمة النصر التي قادها العبادي خلال الانتخابات.

ويضيف هؤلاء أن “العبادي لجأ إلى تصفية الفياض سياسيا وتنفيذيا، بعدما تحول إلى خطر يهدده”.

وأغضب قرار العبادي الفريق السياسي المدعوم من إيران، إذ أصدرت قائمة الفتح التي يتزعمها هادي العامري، بيانا شديد اللهجة اتهمت فيه رئيس الحكومة بتهديد أمن البلاد عبر تصفية حسابات سياسية مع مسؤولين بارزين.

وجاء في بيان الفتح أن قرار إعفاء الفياض من رئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني “يعبر عن بادرة خطيرة بإدخال الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية”.

وفجر الجمعة، نشرت مواقع إخبارية قريبة من رئيس الوزراء العراقي، وثائق تشير إلى تورط الفياض، وشخصيات قيادية بارزة في قوات الحشد الشعبي، باقتطاع جزء كبير من رواتب صغار المقاتلين.

وتتساءل الوثائق عن سبب اقتطاع نحو 100 دولار أميركي، من راتب كل موظف، وهو قرابة 600 دولار. ووفقا لهذه الوثائق، يصل المبلغ المستقطع من رواتب المقاتلين إلى قرابة 5 ملايين دولار شهريا.

وتقول المصادر إن هذه الوثائق ربما تقود إلى حملة اعتقالات تطال متورطين بارزين، بينهم الفياض، ونائبه في قيادة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.

وتحذر مصادر شيعية من اندلاع مواجهة مسلحة بين الميليشيات العراقية، مستشهدة بتصريحات أطلقها العامري، مؤكدا أن أي حكومة تتشكل في بغداد بدعم من واشنطن، سيجري إسقاطها خلال شهرين.

وتشير المصادر إلى أن هذه المواجهة ربما تتحول في إحدى صورها، إلى حرب أهلية شيعية، بين أنصار مقتدى الصدر، والميليشيات الموالية لإيران.

وتتزامن هذه المواجهة بمع الكشف عن ملف الصواريخ الباليستية التي نقلتها إيران إلى ميليشيات عراقية، ما قد يمثل إنذارا خطيرا بإمكانية الانزلاق إلى مواجهة أميركية إيرانية على الأراضي العراقية.

ويستبعد مراقبون أن يتحول الخلاف بين الطرفين إلى معركة مفتوحة في ظل رغبة إيران في استرضاء الولايات المتحدة، حتى ولو على حساب مواليها في العراق.

ويؤكد مراقب سياسي في تصريح لـ”العرب” أن هذه التطورات تكشف أن الأمور لم تعد تحت سيطرة الفرقاء المحليين وأنها باتت رهينة مفاوضات سرية بين الجانبين الأميركي والإيراني قد تجري عن طريق وسطاء محليين.

وأشار المراقب إلى أن ملف الفساد الذي فتحه العبادي، والذي قد يكون تمهيدا لفتح ملفات فساد أخرى، لا يمكن إغلاقه إلا من خلال تقديم تنازلات ستؤدي بالضرورة إلى أن تنسحب الأطراف الموالية لإيران من السباق في اتجاه رئاسة الوزراء، وهو ما يتطلب موافقة إيرانية، قد لا تأتي إلا بعد أن تتأكد إيران من أنها ستحصل من الجانب الأميركي على ما يعوضها خسارتها.