تملأ حرب تناتش الحصص الفراغ الحكومي الذي يتوقع كثيرون أن ينتهي قريبا بتشكيلة حكومية يقدمها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. على أن هذا التفاؤل لا ينفي أن التيار “الوطني الحر” لا يزال مصرا على مواقفه من الملف الحكومي، ذلك أن العونيين لا يزالون متمسكين بضرورة فصل حصة تكتل “لبنان القوي” عن تلك العائدة إلى رئيس الجمهورية، وإن كان هذا الفصل قد لا يبدو مقنعا لكثيرين. وفي السياق نفسه، يمكن إدراج الإصرار العوني على ما يسميه “المعيار الموحد” في التشكيل، ما يعني استمرار السجال على خط معراب – ميرنا الشالوحي. كل هذا على وقع المعلومات المتداولة عن أن التيار “الحر” سينال 10 مقاعد وزارية في الحكومة العتيدة، في وقت تخلت “القوات” عن المطالبة بنائب رئيس الحكومة، وقبلت بـ4 وزارات، في خطوة تعتبرها معراب التنازل الأخير في سياق تسهيل مهمة الرئيس المكلف.
وفي تعليق على هذه الصورة، توضح مصادر في تكتل “لبنان القوي” عبر “المركزية” أن “التفاؤل الذي أشيع في الفترة الأخيرة لا يعني أن المفاوضات بلغت نهايتها السعيدة، بل إن بعض الأمور لا يزال يحتاج مشاورات لوضع النقاط على الحروف في شأنها”.
وتبدو المصادر نفسها شديدة الحرص على تجديد تأكيد الفصل بين حصة التكتل “البرتقالي” وتلك العائدة إلى رئيس الجمهورية، علما أن احتمال قبولنا بـ10 وزراء يعني أننا تنازلنا عن مقعد وزاري، (من باب نتائج الانتخابات).
وفي رد على الكلام عن أن “القوات” قدمت “كل التنازلات الممكنة” لتسهيل التشكيل، على حد تعبير رئيس الحزب سمير جعجع، تذكر المصادر بأن “التيار” عبّر عن موقفه في هذا الصدد، حيث قلنا مرارا وتكرارا إن الحصة القواتية يجب أن تكون من ثلاثة وزراء، وموقع نائب رئيس الحكومة يعود عرفا إلى رئيس الحمهورية (علما أن الوزير السابق عصام أبو جمرا الذي كان محسوبا على التيار “الوطني الحر” شغل هذا المنصب في باكورة حكومات عهد الرئيس ميشال سليمان في تموز 2008)، مذكّرةً بأن “التيار خاض كبريات المعارك الحكومية لتمثيل “القوات” بـ4 وزراء في الحكومة الحالية”.
وتلفت المصادر أيضا إلى أن “حادثة 4 تشرين الثاني 2017 لا تزال ماثلة في الأذهان، وهي تعد انقلابا على الرئيس الحريري وعلى العهد، لذا لا يجوز الكلام مجددا عن اتفاق معراب وما ينص عليه، مذكرة بأن وزراء الدولة المسيحيين يجب أن يكونوا ضمن الحصة القواتية أيضا.
وفي ما يخص السجال حول الثلث المعطل، الذي يُتهم المقربون من العهد ببذل جهود كبيرة لبلوغه، في موقف لا يستسيغه الرئيس المكلف، ذو التجربة المرة في هذا المجال، تذكر المصادر “أننا الكتلة الداعمة للعهد، والتكتل الأكبر مسيحيا، ما يعني أن موقعنا في المشهد السياسي محفوظ، ولا نحتاج إلى “إطلاق النار” على أنفسنا من خلال هذه المعركة”.
على صعيد آخر، برز كلام لافت لنائب الأمين العام لـ”حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم فصل فيه بوضوح بين السجال ذي الطابع الحكومي والتحضيرات المبكرة للاستحقاق الرئاسي المقبل، في رسالة مشفرة إلى الحلفاء والخصوم على السواء، على رأسهم الوزير باسيل. غير أن العونيين يبدون مطمئنين إلى “التوضيح الذي خرجت به مصادر “حزب الله” في هذا الشأن، مذكرة بأن 4 سنوات كفيلة بقلب المشهد السياسي اللبناني رأسا على عقب.