Site icon IMLebanon

بالتفاصيل.. هذه خطة “النهوض ببيروت”!

كتبت لارا السيد في صحيفة “المستقبل”:

وضعت بلدية بيروت مسيرة إنماء العاصمة على سكة التنفيذ، وترجمت ذلك بسلسلة مشاريع ساهمت في تطوير المدينة والنهوض بها وتحسين نوعية الحياة عبر العمل على إيجاد حلول للتحديات التي يرزح تحت وطأتها المواطنون.

سعى المجلس البلدي منذ توليه مهامه منذ سنتين إلى إيلاء الأهمية للأمور اليومية للعاصمة، فوضع خطة مستقبلية لمدينة متطورة على أن يكون المواطن وعيشه الكريم محوراً أساسياً، فتم التركيز على العمل لرفع مستوى الخدمات وإنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل. وهذا ما أكده رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لـ«المستقبل». فالعمل مستمر لإيجاد الحلول اللازمة من خلال خارطة مشاريع طموحة تُحاكي احتياجات البيارتة الذين بات التواصل معهم أساسياً من أجل العبور إلى النتائج المرجوّة وتحقيق الإنماء المدني والبيئي والاقتصادي والاجتماعي والإداري.

أبدى عيتاني استعداده والمجلس البلدي للاستماع إلى أي انتقاد باعتباره فرصة لتطوير المدينة. فنحن بتصرف أهل بيروت ومستمرون من أجل تغيير المشهد وأسلوب الحياة للأفضل، على صعيد رفع مستوى الخدمات لتأمين شروط العيش الكريم وإرساء مخطط توجيهي شامل وحديث للمدينة لتمكين الإنماء المستدام والاستثمار في المشاريع المُنتجة لتفعيل العجلة الاقتصادية وخلق فرص عمل، بالإضافة إلى الاستثمار في المهرجانات الفنية والثقافية والرياضية لأن «بيروت ستبقى الأساس والقلب والمبادرة للنشاطات»، إلى جانب تطوير العمل الإداري لتعزيز الشفافية وتحسين كفاءة الخدمة وتفعيل التواصل مع المواطن، وتطوير البنى التحتية وخدمة النقل العام وتأمين الكهرباء ومياه الشفة، ومعالجة ملف الصرف الصحي وزيادة المساحات الخضراء وإقامة مواقف للمباني وغيرها.

 

تصدّر هدف تأمين حل بيئي متكامل ومستدام لملف النفايات الصلبة قائمة المشاريع البلدية القريبة الأجل وتبنى المجلس البلدي «بالإجماع» خطة متكاملة مبنية لإدارة نفايات العاصمة تبدأ بالفرز من المصدر بهدف تقليص حجم النفايات ثم، الفرز في المعمل فالتدوير. وأخيراً معالجة ما تبقى بتقنية التفكك الحراري. على أن تطلق البلدية عملية توعية على أهمية الفرز من المصدر.

حل جذري ضمن معايير صحية وبيئية

جدّد عيتاني تأكيده بأنه «من أبناء بيروت ومن سكانها ولا يمكنه تنفيذ أي مشروع يُضر بالعاصمة وأهلها». وقال: “أنا أتفهم هواجس الناس ومستعد للتشاور مع كل الذين لديهم الحس الوطني في هذه المسألة بغض النظر عن بعض الأصوات التي لا تريد أن يكون هناك حل جذري لمشكلة النفايات في بيروت والاعتراض لمآرب بعيدة عن الشعارات التي يرفعونها”، مشيراً إلى أن “المعايير المتّبعة هي عالمية ولا تتسبّب لا بضرر بيئي ولا صحي على الناس”.

وأوضح عيتاني أن “الوقت يداهمنا ولا يجب الأخذ بالكلام غير الجدّي. وعلينا كسب الوقت للخروج من هذه المشكلة. ونحن بالتنسيق مع الحكومة والوزارات المعنية وصلنا إلى الحل”، لافتاً إلى “أنه كي لا تُهان بيروت مرة أخرى كما حصل عام 2015 حين غرقت بالنفايات، قرّرنا اللجوء إلى استقلالية بيروت من خلال اللامركزية التي طالبت بها الدولة في موضوع النفايات”.

ونفى عيتاني وجود اعتراض على خطة المجلس من قبل بعض الأعضاء الذين وافقوا عليها، لكن كان لديهم رأي بانتظار معالجة الدولة لهذه المشكلة، مشدداً على «أن الشفافية أساس العمل، والمشروع سيكون استثمارياً، وكل العاملين فيه سيكونون من أبناء بيروت. والشركة المشغّلة للمصنع ستكون شريكة فيه لضمان عملية التنفيذ وسيكون هناك استشاريون للمراقبة والتأكد من كل ما يجري وإقامة مختبر لمراقبة طريقة العمل وإنشاء لجنة من نواب ومجتمع مدني وأساتذة الجامعات لمراقبة نتائج الانبعاثات التي لا تتسبب بأي ضرر وهي شبيهة ببخار الماء».

وسيُعالج المصنع بحسب عيتاني نفايات بيروت فقط. والرماد الناتج عنه سيتم تصديره مباشرة إلى الخارج بالاتفاق مع الشركة التي سيتم تلزيمها. وهذا المصنع من الجيل السادس الأحدث حالياً والمعتمد في المدن الأوروبية. وسيتم التشغيل في بيروت من قبل إحدى الشركات الأربع التي تأهلت إلى المرحة النهائية من تقديم العروض، وهي: Vinci فرنسا، Hitachi سويسرا، Doosan كوريا، وSuez فرنسا.

وسيحتوي المصنع على معمل فرز آلي حديث، وآخر لمعالجة قسم من النفايات العضوية. علماً أن النفايات المنزلية الخطرة مثل الزئبق والكادميوم سوف تُفرز في الجزء الأول من المنشأة، كما أن الطاقة الكهربائية المتوقع أن ينتجها معمل التفكك الحراري من النفايات المنزلية الصلبة لمدينة بيروت تقدر بما بين 15 و20 Megawatts، على أن تصل القدرة الحرارية للنفايات المتبقية بعد الفرز وإعادة التدوير إلى نحو 7,6 Megajoule/Kg وهي كافية للحرق الذاتي أي من دون إضافات.

يعمل المعمل على أساس D.B.F.O.T (التصميم، البناء، التمويل، التشغيل، النقل) أي على نفقة الشركة. وستتكلف البلدية فقط نفقة معالجة طن واحد يومياً وستكون أقل من الكلفة الحالية، علماً أن كمية نفايات العاصمة بيروت يومياً تقدر بحوالى 800 طن قبل الفرز من المصدر والفرز والمعالجة وإعادة التدوير في المعمل، أما الحرارة التي تتم بها عملية الحرق قبل الفرز وإعادة التدوير والمعالجة في معمل التفكك الحراري المنوي انشاؤه فهي 850 درجة مئوية. والانبعاثات التي تنتج عنها ستُعالج في محطة معالجة الانبعاثات (ثلثي مساحة المعمل الإجمالية).

يُقدر عدد الشاحنات المُحمّلة بالنفايات التي ستجول في بيروت فور بدء المعالجة بمعمل التفكك الحراري بحوالى الـ45 وهو العدد عينه للشاحنات حالياً، ولا يتبقى من عملية الحرق في معمل التفكك الحراري في بيروت سوى نسبة قدرها 10% من المواد، تستعمل على الشكل التالي: 8% منها تُستخدم كرماد للصناعات الإسمنتية ولمواد البناء و2% منها (fly ash) سيرحّل خارج البلاد. كما أن الرماد المعروف الناتج عن عملية الحرق في معمل التفكك الحراري في بيروت سيُرحّل خارج البلاد على نفقة المستثمر ووفقاً لمعاهدة بازل. مع التأكيد أن الدخان المتصاعد من المعمل غير مضر بالصحة العامة وبالبيئة المحيطة، فتركيبته شبيهة إلى حد كبير بتركيبة بخار الماء. ولهذا السبب استطاعت المدن حول العالم اعتماد هذه التقنية في الأحياء السكنية.

ستنشر البلدية على صفحاتها على الإنترنت المعلومات المُتعلقة بكثافة الانبعاثات الناتجة عن عملية الحرق في المعمل ونتائج الفحوصات الدورية لنسبة الـDioxin التي ستكون بمتناول الجميع، كما أن مراقبة أداء المعمل ستتم عبر شركات عالمية مُتخصصة وشركات تدقيق (Bureau De Controle) ومختبر حديث يعمل تحت إشراف وزارة البيئة، الجامعات المتخصصة والجمعيات البيئية.

 

توفير الربط اللائق بين أجزاء المدينة

شهدت شبكة الطرق في بيروت ازدياداً لعدد السيارات وللنمو العمراني، ما استوجب ضرورة زيادة القدرة الاستيعابية للبنى التحتية وإزالة التعديات عنها لا سيما تلك المتعلقة بفصل شبكة الصرف الصحي عن شبكة تصريف الأمطار.

وضعت البلدية بحسب عيتاني برامج عديدة لتحسين حالة شبكة الطرق والبنى التحتية لتوفير الربط اللائق بين أجزاء المدينة ولكي تصبح طرقها آمنة ليس فقط للسيارات بل للمشاة أيضاً، لذلك تم تأهيل الجسور والأنفاق عبر رفع مستوى الخدمات والسلامة العامة فيها، كما يتم حالياً في جسر سليم سلام، إذ سيتم تحديث التهوئة والسلامة من الحرائق وترشيد استهلاك الطاقة عبر استعمال أجهزة الطاقة الشمسية وتقنيات الإدارة الموفرة للطاقة. كما تم إعداد الدراسات الهندسية لـ12 نفقاً أخرى في بيروت، بالإضافة إلى تطوير شبكة الطرقات وتنفيذ النتوءات وتطوير وصيانة البنى التحتية والفوقية لا سيما فصل خطوط المجاري عن مصارف مياه الأمطار وتوسيع القدرة الاستيعابية للشبكة. وقد تم تلزيم 4 مشاريع أي إنجاز ما يقارب 50 بالمئة.

معالجة أزمتي مياه الشفة والكهرباء

تحتاج بيروت حالياً إلى ما يقارب 120 ألف متر مكعب يومياً، من مياه الشفة، فيما الكميات المتوافرة راهناً تُقدر بـ60 ألفاً في الصيف و90 ألفاً في الشتاء، وقد قامت وزارة الطاقة والمياه بتلزيم مشروعين كبيرين هما سدّا جنّة وبسري، كحل للأزمة وسيستغرق إنجازهما بين 3 سنوات و5 سنوات، كافية لتأمين الكميات التي تحتاج إليها العاصمة، إلا أن المجلس البلدي قرر، وفق عيتاني، اعتماد مصادر بديلة موقتة لسدّ العجز في منسوب المياه وتأمين حاجة بيروت الحالية، فأجرى دراسة أولية حول خيار تحلية مياه الآبار الجوفية وضخّها إلى الشبكة. إلا أنه اختار التريث لا سيما وأن مدة تنفيذ المشروع تتزامن مع مدة تنفيذ مشاريع السدود، كما يتم بحث مسودات برامج للإفادة من مياه الأمطار ولترشيد استهلاك المياه.

أما في موضوع الكهرباء، فتعاني مدينة بيروت من تقنين يومي للتيار يراوح ما بين 150 و200 ميغاواط يومياً. ومرد هذا التقنين، من جهة عجز في الإنتاج، ومن جهة أخرى عدم قدرة شبكة خطوط النقل في وضعها الحالي، على تحملّ نقل طاقة إضافية إلى بيروت.

ومن خلال حرصه على إنهاء هذه الأزمة وتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة على 24، كلّف المجلس البلدي لبيروت، الاستشاري العالمي Mott McDonald، درس كافة الحلول الممكنة من أجل تأمين التيار على مدار الساعة. وتم وضع خطة تستهدف سد العجز في الطاقة عبر إنتاج 200 ميغاواط من خلال إنشاء 3 إلى 4 مراكز إنتاج للطاقة قرب بعض محطات التحويل المنتشرة في بيروت وسيتم إشراك القطاع الخاص في تمويل مشاريع الخطة، وذلك من خلال اعتماد نظام اتفاقية شراء الطاقة. وقام المجلس بعرض المشروع على وزارة الطاقة والمياه، ومؤسسة كهرباء لبنان، ومن شأن هذا الحل العملي أن يؤمن، خلال سنة من توقيع العقد، سد العجز لتأمين احتياجات بيروت من الطاقة الكهربائية بشكل كامل ومن دون أي تقنين، مضافاً إلى تخفيف مصادر تلوث الهواء.

معالجة التلوث

يولي مجلس بلدية بيروت وفق عيتاني قطاع الصرف الصحي ومعالجة المياه المُبتذلة في العاصمة اهتماماً كبيراً نظراً للتلوث الذي يعانيه الشاطئ والبحر جراء صبّ خطوط الصرف الصحي من دون معالجة. لذلك يقوم المجلس بتطوير شبكة الصرف الصحي عبر إزالة التعديات واستكمال فصل شبكة الصرف الصحي عن شبكة تصريف مياه الأمطار، وزيادة القدرة الاستيعابية للشبكة، وذلك من خلال مشاريع تطوير البنى التحتية. إذ تم إنجاز نحو 50 بالمئة من الشبكة، فيما العمل مستمر لإنجاز ما تبقى منها وربطها بالمجرى الرئيسي الذي يحول مجاري العاصمة إلى محطتي التكرير في برج حمود شمالاً والغدير جنوباً، وكذلك إنشاء خطوط تصريف المياه المُبتذلة من أجل جرها إلى خارج نطاق الشاطئ، واستحداث خطوط تصريف بحرية، تشمل تنفيذ خط تصريف المياه المبتذلة، من الرملة البيضاء والمنارة. ومن المتوقع الوصول إلى معالجة شاملة للملف بعد استكمال برنامج محطات التكرير ليشمل تكريراً ثانوياً وليس أولياً فقط، وإنجاز تطوير الشبكات خلال السنتين المقبلتين.

تطوير الواجهة البحرية

تُشكل الواجهة البحرية جزءاً من هوية بيروت، لذلك يتم العمل لتطوير الكورنيش البحري في الرملة البيضاء وعين المريسة الذي سيتم توسيع رصيفه واستحداث مسار للدراجات الهوائية وتحديث الإنارة وتوفير مقاعد ومحطات للباصات وغيرها.

نقل وتنقل سلس

من أجل معالجة أزمة السير وتقليص الاعتماد على السيارة الخاصة وبالتالي الحد من تلوث الهواء، وبهدف جعل التنقل الكفوء ممكناً للجميع، وبالتالي خفض التكلفة على المواطن والاقتصاد، طرح المجلس البلدي خطة متكاملة تأخذ في الاعتبار ضرورة تكامل مختلف أنماط النقل والتنقل، بما في ذلك النقل العام والتنقل السلس، وضرورة وضع حلول متكاملة للطرقات توازن بين المساحات المخصصة لمختلف وسائل النقل.

تسعى الخطة وفق عيتاني إلى إحداث تغيير نوعي في نمط التنقل داخل المدينة، ومنها وإليها. وتقوم على تطوير خدمة النقل العام عبر استحداث أسطول باصات حديث، صديق للبيئة ومحطات توقف للباصات حديثة مُجهزة لتبيان أوقات وصول الباصات وتطوير سبل التنقل السلس عبر استحداث مسارات لائقة للمشاة وللدراجات الهوائية تُمكّن الناس من استعمال وسائل تنقل صديقة للبيئة، والتفاعل مع محيطهم الحضري، ما يعطي قيمة مضافة لحركة النقل من خلال تنفيذ مسار وصلة طريق الشام ومسار الكورنيش البحري واستحداث مسارات للدراجات الهوائية وتوزيع 25 محطة توفر عدداً كبيراً منها، وتنفيذ مشاريع تطوير الطرق، من ضمنها مشروع تحويل شارع جان دارك في رأس بيروت إلى شارع نموذجي يؤمن التنقل السلسل والسلامة العامة، بالإضافة إلى إنشاء مباني مواقف للسيارات في كورنيش المزرعة ورأس بيروت وشارل حلو والأشرفية وساحة الشهداء يتضمن طريق علوية وسفلية لمواقف السيارات، بالإضافة إلى تخصيص أجزاء من الطابق الأرضي لمحلات تجارية وزيادة الحدائق والمساحات الخضراء.

عمل المجلس البلدي للارتقاء بالمساحات الخضراء وتفعيل دورها في العاصمة، فوضع برنامجاً متكاملاً لتحسين جودة ونوعية الحدائق والمساحات العامة القائمة، ولاستحداث مساحات خضراء جديدة. ويهدف البرنامج إلى تفعيل دور الحدائق والمنتزهات. وتم إعداد دراسات لتطوير حدائق عدة، منها حديقتا السيوفي والرملة البيضاء. ويجري الآن إعداد دراسات لتطوير حرش بيروت وميدان سباق الخيل. كما يتضمن البرنامج استحداث حدائق وجيوب حدائق، عبر تحويل عقارات وفضلات تخطيط إلى مساحات خضراء. وكذلك زيادة نسبة الأشجار وتطوير الساحات العامة واستحداث مسارات خضراء، تربط المدينة وتتيح التنقل السلس. ويتضمن البرنامج أيضاً رفع مستوى التصاميم الهندسية والزراعية والتجهيزات، ما ينعكس إيجاباً على مشهدية المدينة ونوعية الحياة فيها. ويتم إعداد مشاريع عدة بهذا الخصوص.